اللدغ الذاتي في حلقته الجنونية

تابعنا على:   10:42 2015-02-26

مروان صباح

القاعدة التى تقول إن لم تجد من تلدغه فعليك بنفسك ، والمفارقة هنا ، وما أكثرها ، بين الإنسان والحيوان ،حيث أن ، الثاني يأتي إلى هذا الكوكب محمل بسموم تكوينية والأول يستنفذ جميع طاقاته العقلية كي يكتسب بعض السموم ، وهذه ، القاعدة اللدغية تتحقق بشكل مفضوح عند أول تظاهرة شعبية ، تطالب بحق من حقوقها ، حيث ، سرعان ما ينقلب المشهد إلى أكشن بعد الهراوة أو الطلقة الأولى ، بالطبع ، من شرطي ينتمي إلى فرقة مكافحة الشغب ونسيا انتمائه للوطن ، وكأن اللحظة تكشف بدورها عن ما كان مستور ويختفي وراء جملة مصطلحات كالانتماء والوطنية والولاء ، هي ، مصطلحات باتت في الآونة الأخيرة تعج بالأوطان ، وبالرغم من هذا الضجيج المخلوط ، إلا أنها تسقط وتنفجر كالبالون الذي يحول الحراك إلى حلبة مصارعة بين الطرفين ، وليت الأمر يقف عند هذا الحد ، فقط ، بقدر ما تتحول المواجهات إلى إفراز طبقي جهول ، غير قادر التمييز بين ممتلكات الشعب وأخرى ، امتلكتها فئة بشكل غير شرعي من قوت المساكين ، وهذا ، بالتأكيد ، ما كان له أن يحصل لولا الخلل التربوي لمفاهيم الانتماء على الصعيدين البيتي والوطني ، من أين يبدأ وكيف يستمر ، وبالتالي ، هي دلالة ناضجة تشير عن الفجوة التى يعيشها الناس بين خطابات خشبية وممارسة أصحابها على الأرض من سلوك وأداء الذي يشكل شعور اغترابي يعلو على أي انتماءات خالية من الانتاج والانجاز .

يصاب المتظاهرين بحالة من الهستيرية لمجرد أنهم استشعروا لبعض الوقت بالتحكم والقوة ، لهذا ، يحرصون في حالة اللاوعي بأن تكون الخسائر مضاعفة أو بالحد الأدنى ، انزال غائلة الغضب ، كأنهم ، يريدون أن يسددوا مديونيات سابقة لم تتح لهم الفرصة تسديدها ، وبالتالي ، تستوقفني ظاهرة الانقضاض ، كلما تكرر الحدث على كل ما هو يخص بالشأن العام ، حيث ، ينهال المتظاهرين بالتكسير وإضرام النار بأي كيان يأتي أمامهم ، كأن ، تهديم المرافق هو تعبير عن نقمة إفلاسية يراد منها إصابة من استطالت أيديهم على المال العام ، أو في منطق أخر ، وهو تعبير ، لأمر ثانِ ، يقول ، لولا الاختلاسات ، لكانت المرافق العامة أفضل جودة وتطور ، وبالرغم ، من أن هناك شيء من المنطق ، لكن ، هذا المنطق لا يبرر بالمطلق ذاك الفعل الأهوج الذي ، هو في المحصلة ، ينتقم الفاعل من نفسه ، تماماً ، كما يفعل الجاهل ، فهو ، عدو نفسه ، حيث ، لا يفرق بين الفشل والنجاح وبين ما هو نافع وما هو ضار .

حتى الساعة ، يجمع الوطن الواحد بين من هو جاهل ، لكن ، حقوقه مسلوبة وبين من ، هم ، امتهروا الصعود إلى المناصب العلوية من خلال جماجم الناس ، وبين هذا وذاك ، تقف الأغلبية الصامتة تراقب جوارح الجاهل ، وأيضاً ،صاحب الضمير الغائب ، بسلوكياته ، فيُصبح المشهد أقرب إلى حفلة جنونية الداخل فيها محذوف والخارج منها مجنون ، أما الصامت ، بالتأكيد ملعون ، وليس عجيباً ، والحال هكذا ، أن تصبح الحياة مستحيلة طالما الشارع يقوده بعض المصابين بحالات التشنج ، حيث ، لا يهدأ لهم بال إلا بتحطيم معلم أو منجز ، وآخرون يسيل لعابهم ، كلما ، اشتمت أُنفهم المدربة ، لرائحة صفقة فيها رشوة .

والسلام

كاتب عربي

اخر الأخبار