نيجيريا و الانتخابات

تابعنا على:   10:32 2015-02-26

د.خالد ممدوح العزي

تدخل نيجيريا بهمروجة انتخابات "رئيسية" تترك بصماتها على الحياة العامة في اكبر الدول الإفريقية ،فالدولة تعيش في حالة حرب حقيقية بين (الشمال والجنوب) أي بين المكونات الدينية الأقلية،" المسيحية والأكثرية الإسلامية" بتعدد مذاهبها التي تفتح الأبواب على مصراعيها أمام التدخلات الخارجية التي تسعر نار الخلاف في منطقة ملتهبة .

بحيث تتصدر جماعة ( بوكو حرام) المشهد السياسي العام وتحتل صور زعيمها (أبو بكر هوشو) وسائل الإعلام المحلية والأجنبية،من خلال الممارسات غير الواضحة لتصرفات الجماعة لجهة اختطاف الفتيات من المدارس والتي وصل عددهن الى 300 فتاة ،إضافة إلى شن الهجمات العسكرية المسلحة ضد مناطق وقرى في الشمال، بما فيها المدارس التي تعتبرها الحركة مخالفة لتعليم التشريعية الإسلامية .

تقوم إستراتيجية (بوكو حرام) على محاربة التعليم الأجنبي، ويفسر اسمها باللغة( الهوسية ) التي تسيطر على مناطق الشمال، على إن التعليم الغربي حرام.

لقد انتشرت هذه الأفكار في الأوساط النيجرية، من خلال مجموعة من الشبان المتعلمين والأثرياء الذين تلقوا دراستهم بالتعليم الأجنبي، والذين حملوا دبلومات وشهادات عليا معتبرين أن تلقي العلوم الأجنبية حرام . بدأت هذه المجموعة بنشر هذه الأفكار المتطرفة في العام 2001 وأول عمل قامت به إحراق الشهادات والدبلومات ،مما ساعد على انتشار هذه الأفكار وسط الأجيال الشابة حيث كانت الأكثر قبولا لهذا النوع من التطرف الفكري.

استطاعت هذه المجموعة نشر أفكارها في أواسط الشباب وفي بيئة يسيطر عليها الاتجاه الصوفي الإسلامي.

والدولة النيجيرية التي رفضت الحوار مع هذه المجموعة الصغيرة من الشباب بل ذهبت إلى مواجهة عسكرية وأمنية ساهمت بإيجاد بيئة حاضنة لهذه الأفكار وأرضية خصبة لنمو التطرف في دولة يسودها التخلف والفساد. بالأجهزة الأمنية والطبقة العليا التي كانت تسيطر عليها أفكار الحسم العسكري و لم ترسل الجيش للمواجهة مع هذه المجموعات بناء على إستراتيجية ناجعة،حيث كان من الممكن للجيش النيجيري بداية القضاء عليها لما يتمتع به من قدرات عسكرية ولوجستية ، لكن عدم المواجهة الجدية معهم ساهم يشكل مباشر بتوسيع قدراتهم وازدياد عددهم وترسيخهم كقوة أساسية في مناطق الشمال، بالرغم من النزعة المتطرفة المسيطرة على أفكارها وارتباطها إيديولوجيا بتنظيمات إسلامية متطرفة في المناطق الأخرى لكن هذه الأفكار بقيت مقيدة بمناطقها دون كسر الحدود الجيو-سياسية كما الحال في مناطق الشرق الأوسط.

تمكن القوة الأساسية لهذه الحركة التي تترجم من خلال سيطرة على مناطق الشمال لإظهار عامل القوة ، وإرسال رسائل نفسية للمناطق الأخرى بعدم جدوى محاربة هذه الحركة.

وبحسب أراء الكثيرين من المحللين السياسيين والخبراء الإستراتيجيين بان الحركة تتلقى دعما واسعا من بعض أطراف المعارضة والحكومة لتنفيذ أجندة سياسية خاصة بالوقت الذي لا يسمح للجيش بمواجهتها عسكريا بظل قدرات الجيش العالية والمساعدات الغربية، وخاصة بظل تشكل تحالف دولي لمواجهة تنظيم "داعش" في بلاد الشام، الذي لا يختلف عن الحركة كثيرا من حيث الأفكار والممارسة . لكن من المؤكد بان الغرب لا يهتم لم تمارسه حركة (بوكو حرام) في نيجيريا طالما إن مصالحه لم تتعرض لخطر لذلك لاتزال الحركة في مأمن من هجمات الغرب العسكرية.

ولكن يبقى امتحان انتخاب الرئاسة في شهر شباط فبراير القادم لأنها الحكم الفيصل في تعاطي الحركة مع مستقبل نيجيريا وكذلك الغرب في رده على هذه الحركة، وعلى ممارستها التعطلية القادمة .

والسؤال الذي يبقى يجول في أذهان النيجيريين والعالم هل تبقى نيجيريا موحدة.؟ أم نحن أمام حرب أهلية تنتهي بانفصال الشمال عن الجنوب من اجل السيطرة على بترول الجنوب والعبث بأموال الدولة من خلال تشجيع الفوضى الخلاقة في البلاد.؟
كاتب وباحث بالشؤون الدولية والسياسة الخارجية .

اخر الأخبار