الشرعية الفلسطينية" ليست "أموالا" فقط!

تابعنا على:   09:54 2015-02-26

كتب حسن عصفور/ لم يكن مفاجئأ ان لا يكون هناك رد فعل من غالبية قيادات الصف الأول، فيما يسمى بـ"القيادة الفلسطينية" حول تقرير نشرته منظمة اسرائيلية، تضع مطاردة الاستيطان هدفا أوليا لها، بأن حجم البناء والنشاط الاستيطاني في الـ10 سنوات الأخيرة تضاعف 3 مرات، بل أنه أي منهم، خاصة ما بات يعرف وطنيا وشعبيا بـ"فرقة اللطم والندب"، لم يقف ليقول كلمة حول ذلك بتاتا، وكأن التقرير يخص وطنا غير الوطن، وبلدا غير البلد..

لكن ذات "الفرقة" وغيرها ممن يحملون مسمى قيادات "الصف الأول"، لا يكفون عن البكاء ليل نهار، يهددون بما لا يستطيعون أصلا فعله، بل يبدو أنهم لا يملكون من حيث الأصل القدرة على الفعل، حول حجز أموال الضرائب الفلسطينية، وعدم تحويلها، قضية باتت هي العنوان الأساس لكل تصريحاتهم، ولم يعد للقضايا الوطنية حضورا في لغتهم، رغم بلادتها ومللها، لكنها تكشف جوهر خط المسار الذي يربطهم بالوطن وقضيته..

قبل أيام، تحدث المبعوث الأممي السابق روبرت سري، وبعد أن انهى مهامه، كلاما ليت الرئيس محمود عباس يصدر به "تعميما سياسيا"، و"توجيها رئاسيا" لكل الناطقين باسمه وحركته فتح، تعميم شامل وعام لكل من له صلة بالشأن الوطني العام، فالسيد سري، وخلال محاضرة له في تل أبيب، أعلن    ان السلطة الفلسطينية "تفقد سريعا شرعيتها في نظر الشعب الفلسطيني"

وقال سيري: "السلطة الفلسطينية في رأيي، تفقد شرعيتها سريعا الان في نظر الشعب، بسبب عدم تحقيق تقدم في الاهداف السياسية وانشاء دولة فلسطينية تعيش جنبا الى جنب مع اسرائيل في سلام وامن".

واضاف ان "البعض يعتقد ان اقتصادا فلسطينيا قويا يكفي للمحافظة على الاستقرار في الضفة الغربية (...) بالفعل لاحظنا في السنوات الاخيرة نموا اقتصاديا كبيرا في الاراضي الفلسطينية، واستقرارا نسبيا بما في ذلك تعاون (اسرائيلي فلسطيني) غير مسبوق في المجال الامني، الا ان النمو الاقتصادي وحدة لن يستطيع ضمان مستقبل دائم".

وشدد سيري على انه "لا يمكن لاي مؤسسة سياسية البقاء اذا ما استندت فقط على الاقتصاد، وفقدت الشرعية السياسية، اذ لم تتبع طريقا سياسيا يؤدي الى قيام دولة فلسطينية قابلة للبقاء (...) اخشى ان ينتهي الامر بالمؤسسات الفلسطينية الى العجز عن الاستمرار والى الانهيار". وقال "الامر ليس مسألة اموال فقط".

نعم، لقد لخص السيد سيري تلخيصا دقيقا جدا، المشهد الفلسطيني، كما غاب عن غالبية ما يسمى بـ"القيادة الفلسطينية"، ولعل هذا التوصيف يكشف بالمقابل حقيقة حديث وزير خارجية أميركا جون كيري، والذي لخص المسألة الرئيسية المراد حلها كي لا تنهار السلطة، هو ارسال الأموال، وكيري كان يترجم بلغته الأم، ما يقوله، وبلا انقطاع، ممثلي الرئيس عباس والناطقين باسمه، عندما يتجاهلون جوهر العقد السياسية بين الشعب الفلسطيني ودولة الكيان، وبدلا من إظهار البعد الوطني بكل أركانه وزواياه، يبرزون المال وحده، وكأنه مفتاح البقاء لهم وللسلطة التي يرونها..

ذلك الاستنتاج سبق لكاتب المقال أن مر عليه كثيرا، ومقال يوم أمس الأربعاء ردا على تصريحات كيري تطرق لها ولخصها بأن المسألة ليست أموال ونفقة شهرية، بل هي قضية وطنية، ولعل ما يقال من أهل فلسطين، بلغة عربية، لا يصل الى من يحمل مفتاح القرار، فكان اللجوء الى نقل تصريحات من يتحدث الإنجليزية، عل الرسالة تصل، بأن "القضية والشرعية ليست أموالا فقط"، هي قضة سياسية وطنية بامتياز..

قد لا يكون مفاجئا أن تكون رد الفعل الغاضبة جدا، وتصل الى حد الانفجار مع وقف بعض من مصادر النفقات والصرف، رغم أن فتح لم يقف عليها ذلك، حيث تتلقى شهريا من السلطة وميزانتها مبلغا يفوق النصف مليون دولار، في حين اهتزت وتوقفت عن غيرها من الفصائل..

هل هناك مفاجأة سياسية في عدم انفجار المشهد مع دولة الاحتلال الى درجة مشابهة  لما كان يوما قبل العهد العباسي، ولم نشهد موجة او هبة شعبية ضد المحتلين طوال العشر سنوات بعد رحيل الخالد، في حين غزة واجهت 3 حروب وحصار لا يتوقف..

هل غياب المواجهة الشعبية ضد المحتلة، الا بعضا من رد فعل محدودة ومحسوبة كان صدفة، رغم أن الرئيس وغيره لا يكفون عن الحديث عن "المقاومة الشعبية السلمية"، لكن ذلك لم ير النور، بل لم تهز أركان ذلك الهدوء أي قضية وطنية كبرى، بما فيها اغتيال ارض واغتيال بشر، وكان الظن كل الظن أن مشهد اغتيال الوزير الشهيد زياد ابو عين أمام العالم ونقل بشكل حي ومباشر، سيكون نقطة الفصل بين "الهدوء العام" و"ألغضب العام"، خاصة وأنه ترافق مع محاولات "تهويد القدس والمقدسات"، لكن الأمر مر بهدوء وتوقيع مذكرة انضمام الى المحكمة الجنائية، واستخدم الحق الوطني كأنه شيء قادم من كوكب آخر..

ولأن الغضب الشعبي الوطني لم يعد جزءا من السلوك العام، وقعت السلطة الفلسطينية اتفاقية مع دولة الكيان ترهن الوطن لمدة عشرين عام تحت سيف المحتل، مما اسمي باتفاقية العار – العاز.. اتفاقية وقعت ونشرت وغضب البعض بالبيان واستمرت السلطة في ادارة مؤخرتها للوطن ومن اعترض..

لعل التحذير الذي تحدث عنه روبرت سيري بأن " السلطة الفلسطينية في رأيي، تفقد شرعيتها سريعا الان في نظر الشعب بسبب عدم تحقيق تقدم في الاهداف السياسية وانشاء دولة فلسطينية"

هل بات الأمر قريبا وفقا لمسار الحدث..وهل الانهيار السياسي بات وشيكا وفقا لمنهج العمل..الخوف أن يصدق سيري وتتحقق نبوءته..فهل من يقرأ قبل فوات الآوان..أم هناك من يخطط بخبث مركز لحدوث ذلك تحت مسميات مستعارة!

ملاحظة: أليس غريبا أن يعلن الناطق باسم الرئيس عباس أن كيري هاتف الرئيس ليسأله عن "جدول أعمال المجلس المركزي"..اليست وقاحة نادرة أن يطلب كيري ذلك..أما أن يستجاب له فتحتاج لتعريف خاص وجديد!

تنويه خاص: المجموعة الارهابية اليهودية حرقت جامعا يوم أمس في بيت لحم، اليوم تحرق كنيسة..هل تحرك أهل "البلادة السياسية" لاثارة العالم حول هذا الشكل الجديد من الارهاب..أم أنهم يفكرون في حساب أرقام أموال الضريبة..العار قادم للبعض!

اخر الأخبار