ملف الجرحى بين الابتزاز والاهمال

تابعنا على:   13:59 2015-02-25

سميح خلف

مسافات بعيدة تفصلنا عن حكومات وشعوب اعطوا ما يستحقونه الجرحى من اهتمام ورعاية ومصدر رزق دائم لهؤلاء الذين دفعوا بحياتهم في المواجهات والحروب من اجل شعوبهم ومستقبل الاجيال القادمة، فاذا نظرنا لتلك الحكومات والمتعاقبة في اوروبا وليومنا هذا مازالت تولي اهتماما كبيرا بجرحاها في الحرب العالمية الاولى والثانية، وتوفر لهم وسائل العيش الكريم والتقدير المعنوي والمادي عبر مؤسسات فاعلة تسخر لها الحكومات كل الامكانيات.

الاهتمام بهذا الملف وملف المحاربين القدماء قد يكون البوصلة التعبوية والواقعية لمدى التزام هذه القيادة او تلك بتاريخ شعوبهم ومناضليهم وارتباطها بالاهداف والادبيات التي من اجلها ضحى الجرحى بما هو عزيز من اجسادهم واطرافهم فان صحت ظاهرة الاهتمام بالجرحى فان ذلك يرتبط بمقدار النجاح بربط الماضي بالحاضر وبمقدار النجاح بتحويل تلك الظاهرة من ظاهرة العجز والعبء على المجتمع الى ظاهرة الانتاج عبر تخصيص اموال وامكانيات بفتح المشاريع الصغيرة والمنتجة لهم.

تكاد تكون الحالة الفلسطينية وما ارتبطت بنرجسيات من اعلى الهرم الى اسفله في كل الحكومات السابقة وما قبلها عندما كانت مؤسسة الجرحى والشهداء والاسرى خاضعة لمنظمة التحرير لم تعطي اهتماما بتلك الظواهر النضالية، وبما تلاقي تلك الظواهر من تعقيدات خدماتية ومعيشية ومعنوية وادبية، وان دلت فانما تدل على نهج استراتيجي مدمر لمفهوم النضال والتضحية يتوافق مع تدمير البرنامج الوطني وتحوله عن اساسيات الصراع، فالجرحى هم مثلهم كمثل الشهداء هم القدوة في لدى المجتمعات والشعوب التي تبحث عن حريتها واستقلالها، وهم المنظار والمشهد التي تقيس به الاجيال اللاحقة عندما تسأل نفسها سؤال مهم: ماذا قدم الشعب والحكومات لهذه الفئة المضحية من خدمات وليصطدم التقييم بانه الصفر بل العناء والعذاب والتعقيدات والاهمال والتسول على مكاتب هذه الجهة او تلك.

الاف الجرحى تعج بهم ما تبقى من ارض الوطن سواء في عهد الثورة الموؤدة او الحروب المتكررة على غزة او الاجتياحات والملاحقات والمصادمات مع قوى الاحتلال في الضفة... وهنا نطرح السؤال: ماذا قدمت السلطة والحكومات والفصائل سواء في الضفة او غزة لتلك الشريحة وخاصة الشريحة التي اصيبت بعجز في اطرافها تتجاوز 40%، غير السلوك المعنوي المستنزف لهم معنويا في خطب وشعارات لا تخدم الا فئة البرقراطيين في تلك الحكومات والفصائل، فواقع تلك الشريحة مستنزف ومبتز وبدون تقديم خدمات حقيقية لهم، ونتحدث هنا عن برنامج مقاومة ونتحدث عن سلطة ونتحدث عن تضحية ونتحدث عن دولة.. وفي حقيقة الامر ان من ضحوا اصبحوا كم مهمل في المجتمع يتلظى عذاب الذكريات والحاضر

الرئيس عباس نسي انه مسؤول عن تلك الشريحة بحكم موقعه وحكومة رام الله السابقة والتوافق وما قبلها الحكومة المقالة نسوا كل هؤلاء واجباتهم الوطنية نحو تلك الشريحة، وما اسهل ما يقال في الخطب والمهرجانات وبيع المواقف والخطب التي تمجد في الاسرى والجرحى والشهداء وفي حقيقة الامر بان تلك الملفات فعليا لم تجد اهتماما كافي ومن خلال برنامج وطني ممنهج يخدم تلك الشريحة بشكل دائم ولتتمكن من العيش الدائم بكرامة وتتحول الى عنصر منتج في المجتمع. خدمات معدومة وربما مساعدات عينية لمرة واحدة او مرات محدودة لا تسمن ولا تغني من جوع وغير منقذه لهذه الشريحة من المجتمع.

نحن بحاجة الى برنامج وطني لحماية تلك الشريحة على المستوى الخدماتي والصحي والثقافي والاقتصادي، لن اتوجه في النداء لحكومة اللاتوافق او لفصيل بل يجب ان تخرج دراسة الحالة الى ما فوق الفصائل بمنظور وطني شامل وفاقد الشيء لا يعطيه.

ومن هنا ادعو الى تشكيل لجنة وطنية فاعلة من اهم اهدافها

1-      انشاء مؤسسة وطنية لرعاية الجرحى والمعوقين من اثار العدوان

2-      التحرك على المستوى الاقليمي والدولي والجمعيات الدولية لشرح معاناة تلك الشريحة

3-      رصد اموال لمشاريع صغيرة تعول بشكل دائم حياة هؤلاء الجرحى

4-      توفير سبل التعليم المتوسط والعالي لتلك الشريحة

5-      توفير الخدمات الطبية والاطراف الصناعية لمن يحتاج

ومن هذا المقام ولفشل عشرات الجمعيات في قطاع غزة من اداء مهامها الاغائية للجرحى وما يشوب تلك الجمعيات من انشطة مظهرها خدماتي وعمقها مصلحي ذاتي اوجه النداء وبرغم علمي بالمسؤليات العظام والتي قد لا تتحملها مؤسسة وامكانياتها او فرد اوجه النداء للاخ محمد دحلان والاخت الدكتورة جليلة دحلان والاخ سمير المشهراوي باستخدام كل ما يملكونه من علاقات اقليمية ودولية ومؤسسات خيرة لانتشال تلك الشريحة المعدمة والتي اصبحت مهانة على ابواب مكاتب البيرقراطيين، بالواجب الوطني الذي عهدناه بكم ولكم ومسؤلياتكم الوطنية والانسانية التي عهدناها نامل السعي السريع لفتح هذا الملف على كافة المستويات الوطنية والقومية والدولية، فلا شعب يناضل ولا شعب يسعى للحرية والعيش الكريم بدون فتح هذا الملف

 

سميح خلف

اخر الأخبار