الاستيطان يتضاعف بجنون

تابعنا على:   12:51 2015-02-25

عمر حلمي الغول

الاستعمار الاسرائيلي، إستعمار النفي للهوية والتاريخ والشخصية الوطنية الفلسطينية. كونه إستعمار إجلائي للشعب العربي الفلسطيني عن ارضه، وإحلالي لعصابات قطعان المستوطنين الصهاينة. لا يقبل القسمة على اي ركيزة من ركائز السلام. وما جرى حتى الان من قبول لاتفاقية اوسلو، كان ومازال قبولا شكليا، واحد اشكال المناورة للالتفاف على شروط لحظة سياسية بعينها، أملت التوقيع على تلك الاتفاقية، لمواصلة إستكمال المشروع الصهيوني برمته على الاقل على الارض العربية الفلسطينية. لاسيما وان المعادلات السياسية منذ ما قبل إقامة وتأسيس دولة التطهير العرقي الاسرائيلية وحتى الان (رغم وجود لحظات إيجابية في المشهد الفلسطيني العربي) مازالت تعمل لصالح المشروع الصهيوني، الامر الذي يسمح للقائمين عليه بمواصلة مشوارهم الاستعماري، مالم تحدث نقلة نوعية في الشرط الذاتي والموضوعي.

الجديد في المشروع الاستيطاني الاستعماري، عكسه تقرير حركة "السلام الان" الاسرائيلية، الذي اشار إلى ان ورش البناء في المستعمرات الاسرائيلية المقامة في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 إزدادت خلال العام الماضي، 2014، بنسبة 40%. وأضاف التقرير ان مناقصات عقود البناء في المستعمرات، إزدادت ثلاثة أضعاف منذ 2013 بالمقارنة مع فترة 2009/2013، وهذا رقم قياسي منذ عقد على الاقل. حيث كان عدد العطاءات في 2007 لا يزيد عن 858 وحدة إستيطانية، وصل عام 2013 إلى 3710 وحدات إستيطانية، وبلغ عام 2014 إلى 4485 وحدة إستيطانية.

هذا التدحرج في التوسع الاستيطاني، يعكس الاصرار الاسرائيلي على رفض خيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وفيه إستهتار بحقوق الشعب الفلسطيني، واستباحة لتلك الحقوق، والمضي قدما في خيار الاستيطان الاستعماري على الارض الفلسطينية، وهو ما يعني الاندفاع خطوة خطوة نحو مستنقع الترانسفير وليس شيئا آخر.

لعل ما يؤكد ما سبق، الهدية، التي اعدها وزير الاسكان، أريئيل حسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" لرئيس وزرائه، نتنياهو عشية سفره لالقاء خطابه امام الكونغرس الاميركي في الثالث من الشهر القادم، مضمونها، خطة لبناء 48 الف وحدة إستيطانية جديدة في مستعمرات الضفة الفلسطينية، و15 الف وحدة في مستعمرات القدس الشرقية، عاصمة الدولة الفلسطينية. وتمت المطالبة في الاونة الاخيرة بزيادة  الموازنة المرصودة  الى 360 مليون شيكل، حسب رسالة كتبها مدير عام وزارة الاسكان، شلومو بن الياهو، لمدير مكتب رئيس الحكومة، هرئيل لوكر، إضافة الى 30 مليون شيقل لحماية المستوطنين في قلب الاحياء العربية في القدس الشرقية. ووفق الخطة، فإن البناء سيتم في المستوطنات المعزولة كالتالي: معالية عاموس 6000 وحدة؛ بات عاين 6000 وحدة؛ نحلئيل 3500 وحدة إضافة الى البناء في مستعمرات قيد الانشاء كمستوطنة غباعوت 1060 وحدة ... إلخ

المراقب لما يجري يلحظ ان دولة تقودها الاحزاب الصهيونية بمختلف مشاربها ومسمياتها وتلاوينها، لا يمكن ان تقبل تسوية سياسية. لان التسوية "المشروعة" من وجهة نظرها، تتمثل في الطرد التدريجي والمتواصل للفلسطينيين من خلال النهب والتهويد والمصادرة للارض العربية الفلسطينية. الامر الذي يفرض على كل القوى والاقطاب المحبة للسلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، إن كانت فعلا معنية بالسلام، عليها اللجوء إلى فرض عقوبات إقتصادية وديبلوماسية وامنية على الدولة الاسرائيلية، وإعتبارها دولة مارقة وخارجة على القانون، دولة عنصرية، ودولة تطهير عرقي. ما لم تتخذ دول العالم وخاصة اقطاب الرباعية الدولية هكذا قرارات، وتعممها امميا، فإن المنطقة تتجه حتما إلى حافة الهاوية بما يهدد السلم الاقليمي والدولي على حد سواء.

[email protected]

[email protected]