
"تحذيرات" كيري حول انهيار السلطة ..مهينة وطنيا!
كتب حسن عصفور/ استمرارا لمسلسل "القلق" الأميركي لنتائج "حجز الأموال الفلسطينية" من قبل حكومة نتنياهو، تقدم جون كيري وزير الخارجية بشهادته للكونجرس حول ما يعتليه من مخاوف بخصوص انهيار السلطة، ومن سيملئ الفراغ..
وخلافا لكل "الشهادات السابقة" بأن انهيار السلطة سيؤدي الى "الفوضى"، أعلن كيري أن الانهيار سيأتي بـ"الحركات الاسلامية" وخاصة "حماس والجهاد الاسلامي"، لملئ "الفراغ السياسي"، تحذير لم يكن له مكانة في أي من التصريحات السابقة للمسؤولين الأميركيين..
شهادة كيري، لم تقف عند حدود "ملئ الفراغ" الذي يراه في حال "انهيار السلطة وعباس"، بل استعرض نصائح الادارة الأميركية، ومحاولاتها مع غيرها لمنع القيادة الفلسطينية، من الذهاب الى المحكمة الجنائية الدولية، وأنه حذر من "عواقب" تلك الخطوة، والتي وصفها بأنها "غير شرعية" باعتبار أن فلسطين ليست "دولة" وبالتالي لا يحق لها التقدم الى المحكمة الجنائية.
الوزير الأميركي، قال أنه " "تمنى لو أن الفلسطينيين تصرفوا بطريقة مختلفة، ولهذا فهم لا يتلقون مساعدات الآن"، فيما ألمح قبل تمنيه على أن الطرف الفلسطيني قد "نفذ صبره" ولم "يستطع احتواء ذلك"..
الشهادة من ألفها الى يائها تحمل "تناقضا وارتباكا سياسيا، قلما يحدث من وزير خارجية الدولة التي مفترض أنها تسمك بقيادة دفة الحركة السياسية، وصاحبة النفوذ غير العادي على طرفي المعادلة التفاوضية في فلسطين واسرائيل..
كيري، حاول أن يضع حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" في مصاف "العدو السياسي" للشعب الفلسطيني، واعتبارهم "البديل الأخطر" في حال انهيار السلطة، التي تترنح نتيجة موقف أميركا ودولة الكيان، وهذا الاستنتاج الأميركي يمثل موقفا خطيرا جدا، ليس لما يحتويه من وضع حركتين هما من صلب التكوين السياسي الفلسطيني، بل أن الادارة الأميركية بهذا الاستنتاج تشكل تحريضا مسبقا بأن "المصالحة الفلسطينية، مع الفصيلين يشكل خط أحمر للإدارة الأميركية..
لجوء كيري الى التلويح بورقة "حماس" و"الجهاد" كخطر بديل تشكل واحدة من الرسائل التي لا يجب أن تصمت عليها القيادة الفلسطينية، مهما كان الاختلافات الداخلية، فالسكوت هنا يؤكد أن "المخاوف التي بحث عنها كيري" تجد لها صدى في مقر الرئاسة الفلسطينية، كما أن تلك الأقوال ستصبح سيفا لاحقا بيد اي حكومة اسرائيلية مقبلة لاستخدام تلك الشهادة الخطيرة في حالة انجاز المصالحة الوطنية..بل ايضا ستكون قيدا قانونيا من قبل الكونغرس وشروطا مسبقة لتقديم أي مساعدات لفلسطين..
تلميحات كيري تجاه حماس والجهاد، واستدعاء مسمى "الحركات الاسلامية" في هذا التوقيت ليس سوى نشر "فزاعة" بتزامن ليس بريئا مطلقا مع المخاوف المنتشرة من الأعمال الارهابية لبعض التنظيمات التي تختبئ وراء "الاسلام"، استدعاء لم يكن عن سوء فهم أو سقوط لغوي، بل هو محاولة غاية في الخبث السياسي لربط حماس والجهاد بالتنظيمات الارهابية..
ورغم أن الادراة الأميركية تفتح بابها واسعا لحركات "اسلامية" ومنها ما هو ارهابي لكنها تتجاهل ذلك وقتما تشاء، وتستحضر "الارهابي وقتما تشاء، وكيفما تشاء"..
كيري تجاهل تفسير وشرح ماذا يعني أن "صبر الفلسطينيين نفذ"، وما الذي ادى الى ذلك النفاذ ومن يتحمل مسؤوليته، تجاهل الوزير تحديد مسؤولية دولة الكيان عن انهيار العملية السياسية، نتيجة لسياساتها ورفضها المضي بتنفيذ كل ما سبق الاتفاق عليه، وانها تحاصر شعبا بكل اركان الحصار، فيما سارعت من نشاطها الاستيطاني 3 أضعاف ما كان عليه قبل استلام الرئيس عباس، والذي يقر كيري أنه ملتزم بـ"حل الدولتين وسياسية اللاعنف"..
كيري حاول أن يظهر كمستجد لاعادة ارسال الأموال الى السلطة، لكنه زرع بذور فتنة سياسية تفوق كثيرا محاولته الظهور بموقف "الداعية الانساني"، وكأن المسألة الجوهرية للشعب الفلسطيني أصبحت قضية راتب ونفقات ادارية وليس قضية وطنية وانهاء احتلال أرضه وحقه في اقامة دولته وكيانه، التي أقرتها الأمم المتحدة واعترف بها ما يزيد على 138 دولة، رقم يفوق من يعترف بدولة الكيان..
شهادة الوزير كيري أمام الكونغرس تمثل اهانة سياسية للشعب الفلسطيني، ومحاولة لتشويه طبيعة وجوهر قضيته الوطنية واستبدال "قضية الوطن" بمسألة الراتب في صيغة "نفقة مالية"..شهادة تستدعي ردا وطنيا شاملا وعاما على تلك "التصريحات المهينة"..
فهل يتذكر أولي الأمر في فلسطين ذلك، أم يرى البعض أنها "شهادة حسن سير وسلوك" لهم، منتظرين حصولهم على المكافأة المناسبة أو جائزة الترضية المالية!
ملاحظة: قضية "الصندوق الدوار" لسد العجز المالي يبدو أنها تمثل "صندوق الأمل"..لكن هل فعلا يمكن فتحه أم يبقى "صندوقا للعجب"!
تنويه خاص: ليس بالدعوات البلاغية يمكن أن يتم حل مشكلة "المعابر"..وبالقطع ليس بقدوم حكومة عباس أيضا..طريقها بات مختلف المسار!