الجبهة الشعبية وحماس

تابعنا على:   00:53 2013-11-25

أكرم علي

المتأمل في مسيرة الجبهة الشعبية من نشأتها قبل أكثر من أربع عقود يجد في هذه المسيرة الحل الأمثل لحركة حماس كفصيل سياسي وحركة مقاومة في ظل الانقسام الذي سبب للشعب الفلسطيني خسائر فادحة في جميع الجوانب سواء كان السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي وخاصة في قطاع غزة الذي يئن تحت ازمات طاحنة وخاصة علي صعيد الحياة اليومية وفي ابسط مقومات الحياة والتي من المفترض تعزيزها لتعزيز صمود الشعب في مواجهة الاحتلال ولذا اصبح الزاما وليس ترفا علي حركة حماس التي تتحمل الجزء الاكبر في حدوث الانقسام والكوارث التي حلت بالشعب الفلسطيني والمشروع الوطني والمعاناة والحصار التي يعيشه قطاع غزة منذ ثماني سنوات فإن علي هذه الحركة التي قدمت الاف الشهداء والجرحى والمعتقلين أن تجد حلولا ابداعية كما فعلت الجبهة الشعبية علي مدار تاريخها

وان تتعلم الدروس والعبر حيث ان اوجه التشابه بين الفصيلين كبيرة حيث انهما شكلا الفصيل الثاني بعد فتح من حيث الشعبية والقوة العسكرية ومن حيث انهم تيارات أيدولوجية وفكرية رغم أنهم من منابع مختلفة ولكن الجبهة الشعبية استطاعت ان تزاوج بين البعد الأيديولوجي والقومية العربية وبين كونها تنظيم فلسطيني أولويته وهدفه الأول هو تحرير فلسطين

أولاً نشأ هذا التنظيم من رحم حركة القوميين العرب بزعامة جورج حبش ووديع حداد وغسان كنفاني جيل البدايات الذي كان يؤمن بالوحدة العربية وقومية المعركة ولكن عند حدوث هزيمة 67 اكتشف انه لا يمكن الاعتماد فقط على الجيوش العربية والحركات العربية وانما يجب ان يكون هناك طليعة فلسطينية من الشعب الفلسطيني تنظم وتعبئ

الشعب الفلسطيني وتقود كفاحه المسلح للتحرير والعودة ورغم انها كانت تخالف نظرة التنظيم الام الا انها حسمت قرارها وانطلقت 11/12/67دون قطيعة مع التنظيم وظلت علي علاقة قوية واصبحوا داعمين لها في كل المجالات وعلي رأسهم زعيم القومية العربية جمال عبد الناصر وشاركت بعمليات عسكرية قوية في الكفاح الفلسطيني

كيف أدارت علاقاتها وخلافاتها بالتيار القومي واليساري عموماً فلسطين ومعركة تحرير فلسطين الاولوية الاولي فعندما ادار الزعيم عبدالناصر معركة الاستنزاف باركت وأيدت وعندما أوقفها لحسابات خاصة بحائط الصواريخ والاستعداد لعبور القناة رفضت وأعلنت رفضها لموقفه رغم شعبية الزعيم عبد الناصر الكاسحة في ذلك الوقت هل كانت المقاومة خطأ أم صواب في النهاية الموت علي شيء اساسه هو فلسطين وتحالفها مع سوريا أيضاً حيث كانت لها قواعد ومراكز تدريب ومكاتب اعلامية ودعم بالسلاح مواقف متقاربة لكنها كانت تعي جيدا حدود المواقف البعثية والفرق بين التنظيم والدولة والتركيبة الداخلية السوريةبالتالي كانت تناور في الامور التكتيكية ولكن عندما يصل الامر إلى تناقض واضح في الموقف السوري قد يمس أو يشكل خطراً علي منظمة التحرير أو وحدة الشعب الفلسطيني كانت تقف الى الجانب الفلسطيني فيها وتدفع اثمان باهظة ومثال على ذلك عندما حدث الانشقاق في فتح عام 83 رغم الدعم السوري والدعم الليبي ومحاولة شق منظمة التحرير لم تقف متفرجة وقفت تحارب بجانب منظمة التحرير ولم تشارك فيها قدمت مبادرات عديدة لرأب الصدع

في الأحداث الأخيرة على سوريا لم تقف مع النظام القومي ولا المعارضة التي بدأت تتضح ملامحها المشبوهة واني مع تحييد المخيمات صراع داخلي رغم ان النظام قومي الاتجاه

ثانيا انضمت لمنظمة التحرير رغم تحفظها على جوانب معينةفي ادائها ونظامها الداخلي لكن دخولها المنظمة اعطى زخم للثوريين وأصبحت أكثر ثورية وأداة نضالية ثورية تناضل من خلالها لعرض رؤيتها السياسية وتطوير اداء المنظمة أكثر وأكثر

جاءت الي المنظمة تسبقها انجازاتها السياسية و الثقافية و العسكرية وشعبيتها الثورية في تلك الايام جاءت بقاعدة المشاركة لا المغالبة المشاركة في النضال السياسي الفلسطيني والمعارضة من داخله ومحاولة التغيير أو تحسين الاداء والتطوير من داخلها بداية في الأردن عارضت فكرةفتح باحتواء النظام والتعايش معه لأنها كانت تعتقد أنه لا يمكن التعايش مع النظام وأنه يعد العدة للانقضاض على المنظمة لطردها من الأردن وحرمانها من أطول ساحة مواجهة مع اسرائيل وأكبر تجمع للفلسطينيين خارج فلسطين دون أن تطلق طلقة واحدة ضد فتح مع العلم أنها كانت تملك شعبية وقوة عسكرية لا تقل عن حماس في هذه الأيام وعندماوافقت فتح والمنظمةعلىالحلالمرحليعام 74 اعترضتواعلنتاعتراضهابان فلسطين من البحر الي النهروهاجمتفتح والمنظمة فيصحفها ومجلاتها ودافعت عن موقفها بالندوات والمظاهرات المعارضةوالمقالات الحادةولكنلمتطلقطلقةواحدةأقصى ما وصلت إليه تعليق عضويتها في اللجنة التنفيذية لمدة بسيطة

في حرب بيروت كان لها وجهة نظر ربما مخالفة بعض الشيء من موقف فتح لكن في نفس الوقت البنادق مصوبة باتجاه قوات الاحتلال وعندما صدر الاتفاق على وقف اطلاق الكل التزم بالقرار

في انعقاد المجلس الوطني في الجزائر عام 88 استجابة للانتفاضة وتم اعلان الاستقلال كان هناك تحفظ لكنها كانت هناك حاضرة وكان الحكيم بجوار أبو عمار

وفي محطة أوسلوا كان لها موقف مخالف لكنها لم تقاطع ولم تنسحب من المنظمة

وأخيرا عندما حاول النظام السوري القومي استغلال الانقسام بمحاولة ايجاد حسم فلسطيني ينافس منظمة التحرير على التمثيل بالاشتراك مع حركة حماس رفضت ولم تشارك وفي الختام رغم الشعبية الكبيرة التي تؤيدها في الداخل والخارج ورغم قوتها أدارت خلافاتها الوطنية والعربية بطريقة حكيمة حافظت على فلسطينيتها وعمقها العربي والعالمي وأريد أن أذكر مثالين أحدهما فلسطيني والآخر اسرائيلي

الفلسطيني ؛عندما تراجع الوضع العربي خاصة بعد حرب لبنان كانت تطرح مبادرات سياسية مثل مبادرة ريغان ومبادرة الملك فهد فكان أبو عمار يحاول ان يلتقط اي مبادرة لكسر الجمود الدولي والانحياز الامريكي فيسأل جورج حبش عن رايه فيقول طبقاً لموازين القوي وقوة التحالف الامريكي والضعف العربي لا يوجد امل ان تحصل علي دولة في الضفة والقطاع ولكن حاول واذا بعطوك دولة في حدود 67 فانت تصنع المستحيل وفي اليوم التالي أبو عمار يناور وحبش يعترض وهكذا كان الاحترام متبادل

في المثال الاسرائيلي عندما هاجمت الارجون الجيش البريطاني وفجرت فندق الملك داوود في القدس وعلقت ضباط الانجليز على المشانق رداً على شنق أحد ضباطها

 

خشيت الهاغانا والوكالة اليهودية من رد فعل السلطات البريطانية علي مشروعها الكبير والاستراتيجي وهو اقامة دولة يهودية على ارض فلسطين فكانت علي استعداد للتعاون مع السلطات البريطانية تكتيكياً ولو مؤقتاً في القبض علي اعضاء منظمة الارجون والابلاغ عنهم واعلنت عنها منظمة ارهابية حمايةًللمشروع الوطني اليهودي ولو كمناورة سياسية ولكن عام 48 كانت الهاغانا والأرجون رفقاء سلاح وكتف بكتف في محاربة العرب وانشاء الدولة ونفذت الأرجون مذبحة دير ياسين نيابة عن الهاغانا رغم تنصل الهاغانا اعلامياً من العملية والتنديد بها

خلاصة هذه التجربة لفصيل فلسطيني وطني يمكن ان تكون خارطة طريقة لحركة حماس للمزاوجة بين ما هو وطني واسلامي بين التنظيم الفلسطيني والتنظيم العالمي

فلا اعتقد ان عضو الاخوان في سوريا يفكر كثيراً الان في الاستيطان والطرق الالتفافية وحصار غزة وهذا ينطبق علي الاخوان في مصر وتونس واليمن والعراق التي تعيش ازمات داخلية سياسية واقتصادية كبيرة وبالتالي

يجب ان نعترف ان لكل قطر خصوصيته وفلسطين لها خصوصية اكثر من حيث أن وحدة الشعب الفلسطيني ونضاله لتحرير ارضه واقامة دولته المستقلة يجب ان يكون لها الاولوية الاولي علي اي شيء اخر .

اخر الأخبار