
حديث .. حول الجاليات الفلسطينيه في الخارج
د.وائل الريماوي
يكثر الحديث و بشكل موسمي حول الجاليات الفلسطينيه في الخارج , حول مؤتمراتها و اجتماعات قياداتها و لقاءاتهم بالقيادات الفلسطينيه سواء السياسيه او ذات العلاقه بعمل هذه الجاليات و نشاطاتها , خاصة في اوروبا .. وهذا موضوع هام و حساس يجب التوقف امامه بجديه و تأمل , كون هذه " الشريحه " من الشعب الفلسطيني – الجاليات لها خصوصيات و امكانيات كثيره قد تتحول الى سلبيه في حال اهمالها او التعاطي معها بشكل غير منظم ووطني صحيح .. هكذا .. لان ما نراه في هذه الجاليات .. ومنها و حولها يحتاج الى اعادة قراءه و تنظيم و على اسس " المؤسسه" الوطنيه و العلميه الصحيحه و العصريه .. بعيدا عن اهواء و مناكقات و مصالح هذا الشخص او هذه الفئه السياسيه او الحزبيه او تلك .. وببساطه ان يكون شعار العمل هو مصلحة فلسطين .. كل فلسطين فوق كل شيء و فوق الجميع ..
منافشه هذه الموضوع ( و انا ساخذ موضوع الجاليات الفلسطينيه في اوروبا كمثال لا اكثر) في رأيي يجب ان يكون في اتجاهين اثنين ..
اولهما .. : اوضاع هذه الجاليات الفلسطينيه , همومها , مشاكلها , علاقاتها الداخليه , علاقاتها بالسفارات ,علاقاتها بالبلد المضيف .. وكل ما في هذا السياق .. و لا غريب و لا جديد ان اوضاع جالياتنا مفتته تتقاسمها مصالح و انتماءات فئات سياسيه و حزبيه معينه و معروفه .. بل ان بعض هذه الجاليات قد تحول الى شركات تجاريه و مراكز بزنس .. و باختصار فانه يوجد في اكثر من بلد اوروبي واحد جاليتين فلسطينيتين او اكثر ..و قيادات هذه الجاليات , في اغلبها ابعد ما تكون عن الهموم والمشاكل اليوميه التي يعيشها الفلسطينيون في البلد المعني .. الا اذا كان هذا الفلسطيني يشكل مصلحه او انتماء بهذا الشكل السياسي او المادي لهذا المسؤول في قيادة الجاليه او ذاك ..و قواعد جالياتنا في اوروبا تحولت الى دوائر مربوطه بخيوط يتم تحريكها من الاعلى حسب الموسم السياسي او الانتخابي .. كلا توجد رعايه للكادر العلمي و لاصحاب العقول و الشهادات العليا .. و لا توجد علاقات اجتماعيه " نظيفه" دون حسابات او مصالح .. النشاط الاعلامي و السياسي يقارب الصفر , ذلك لان القادرين على انجاز و متابعه هذا النشاط هم اكثر المغيبون او هم غير مريحون لهذا الطرف او ذاك ..و ان وجد هكذا نشاط فهو فردي و قد يكلف صاحبه من النقد و الجلد و التغييب ما لا يمكن وصفه , وفي هذا السياق بالتحديد فان بعض السفارات ( و اقول بعضها و بلغاريا مثال كبير و مؤلم على ذلك ) تلعب دورا تغييبيا و شلليا وبطرق غير شريفه بحق من ينشط اعلاميا او سياسيا او علميا .. كذلك الامر ربما لان تجربة و امكانيات هذا السفير او من يطبلون له من موظفين او " اصاقاء " متواضعه اوانه يهمهم كل شيء الا تنشيط العمل و توسيعه طالما انه لا يشكل دعايه لاسمائهم , او يسمحون به اذا كانت صور السفير او اسمه يتكرر في كل تقرير عمل او صحيفه عشرات المرات لارضاء نرجسيته .. و " لاقناع" مرءوسيه و تنظيمه او كلاهما بانه يعمل و لا غنى عنه , و بدل من ان يعمل على كسب ود و ثقة الجاليه و ابناؤها فانه يبدأ في شل عمل الجاليه و تشويهها امام القياده الفلسطينيه .. او يشق هذه الجاليه ليكون احد جناحيها ( و هي اقليه مطلقه دائما ) تحت تصرف اهواؤه و تقاريره لتنظيمه الثانوي مثله .. . وما اكثر الامثله عددا و ايلاما في هذا السياق ... .. و رغم كل هذا و ذاك فان ما نقوله هنا لا يلغي ان بعض دبلوماسيينا و سفراؤنا نتشرف بهم و بجهودهم الوطنيه ( ايطاليا , روسيا , اسبانيا , اليونان ..وسفراء اخرين لنا في اوروبا نكبر بهم و نفخر ) .. كما .. و لا يوجد تقييم سنوي او دوري فعلي لنشاطات هذه الجاليات و رعايتها للامانه المناطه بها .. و ان وجدت هكذا تقييم فهو شكلي او معد سلفا لخدمه اغراض الفئه المتنفذه ماليا او سياسيا في قيادة هذا الجاليه او تلك .. و يتم مناقشة هذا التقييم بشكل مسلوق و سريع و معد سلفا لتمريره خلال دقائق معدوده .. هذا ان وجد هكذا تقييم ان تقارير حول العمل و النشاطات السنويه او الدوريه .. و لا تقيد لقيادات هذه الجاليات بالنظام الداخلي الذي يحكم عملها و ينظمه في كل الاتجهاهات .. لا التزام في مواعيد المؤتمرات مثلا .. و لا في طبيعة العلاقات و المصادر الماليه المحيطه بها ايضا مثلا .. الخ ..اما العلاقه بالبلد الضيف فهي على الاغلب نشاطات و علاقات فرديه يتعرض اصحابها للجلد و النقد سواء من السفير الذي يريد ان تتصدر صورته و اسمه كل نشاط .. او من بعض تيارات الجاليه التي لا تعتبر من قام بهذا النشاط محق .. لانه لا ينتمي الى تيارها السياسي او الحزبي او " المالي" .... و الكثيرون ( و لكن ليس الكل ) هنا في اوروبا .. دبلوماسيون و قيادات جاليات يسجلون و يرسلون تقارير بنشاطات موهومه للمركز .. و الاسباب معروفه .. و النتائج "المرجوه" من ذلك معروفه .. و عليه : فان عدم تطبيق الانظمه الداخليه في هذه الجاليات .. , غياب او على الاصح تغييب العلاقات الصحيه و الصحيحه و اسلوب العمل الصحيح سواء في العلاقات الداخليه او في العلاقه بمؤسسات البلد المضيف .. و علاقه المناكفه و التصيد بين قيادات الجاليات و المؤسسه الرسميه الفلسطينيه في البلد المعني – السفاره .. كما و العلاقه الموسميه او الغائبه كليا بالمركز ذو العلاقه .. غياب الرقابه و الاشراف المنتظم على عمل هذه الجاليات بعيدا عن العلاقات الشخصيه و الحزبيه .. و عجم رعايه و اعطاء الفرص للعقول و الامكانيات العلميه و الاعلاميه السياسيه الحقيقيه المتواجده على ارض البلد المعني .. و غياب الفصل بين عمل السفارات و عمل الجاليات ليكون للسفارات العمل الرسمي .. و للجاليات العمل الشعبي ومع المؤسسات الاهليه .. واخيرا و ليس اخرا غياب الصدق و المصداقيه في التعامل بين كل هذه المكونات بعيدا عن الشخصنه و المصالح الفؤويه الحزبيه و القبليه – السياسيه ..
والاتجاه الثاني للمقال – النقاش هنا هو.. : طرق و ارضيه الانتخاب في هذ الجاليات .. وهنا و ليس سرا على احد بان جميع قيادات هذه الجاليات و بلا استثناء يتم " انتخابها " ضمن قوائم او " طبخات " معده و متفق عليها سلفا لدرجه ان بعض الاسماء " المنتخبه " لا تعرفها الساحه او لم تراها القاعه الانتخابيه او لم يتم التمحيص حول امكانيتها او " نظافتها " او ما شابه .. و هذه ارضيه " انتخابيه " خاطئه تفرز طبعا عملا و نتائج عمليه و معنويه خاطئه ايضا كتحصيل حاصل .. و بعض اعضاء هذه القيادات لا تراه الساحه حتى المؤتمر الانتخابي اللاحق .. هذا المضحك المبكي يتم تطبيقه بشكل اكثر ايلاما عند اختيار ممثلي هذه الجاليات لمؤتمرات الجاليات على المستوى الدولي او القاري – الاوروبي مثلا .. و هنا اعطي مثلا حيا : لا يعلم 90 بالمائه من اعضاء الجاليه الفلسطينيه في بلغاريا عن عقد ا وجود مؤتمر للجاليات الفلسطينيه في اوروبا الذي يمثلهم و عقد اعماله في بودابست الاسبوع الماضي .. و هذا الغياب او التغييب يشمل بعض قيادات الاحزاب و القوى الفلسطينيه الرئيسيه على الساحه البلغاريه الذين استغربوا عندما اخبرتهم بانني قرأت في الصحافه حول وجود هكذا مؤتمر !!!!.. فكيف تم تمرير او اختيار اعضاء هذا المؤتمر .. و على اي اسس.. ومن هم ليمثلون قاعدة جاليات لا تعرفهم و لا علم عندها بمؤتمرهم ...الخ .... و هكذا ارضيه و فهم للتعامل لن تقود الجاليات .. قيادات و اعضاء الى نتائج تليق بالمسيره النضاليه و الترييه و التي يعتبر جميع ابناء الجاليات الفلسطينيه حجرا اساسيا و مؤسسا فيها ..
ان الانتقال بفمهوم " الجاليه " قولا و ممارسه من مفهوم المحسوبيه و العلاقات الشخصيه و الولاءات لكل شيء الا للوطن الى مفهوم " المؤسسه " بكل معانيها القانونيه و التنظيميه و الوطنيه .. هكذا انتقال سيكون خطوه نوعيه ذات اهميه على طريق استكمال انجاز المشروع الوطني الفلسطيني ..و استكمال بناء دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف .. و تحت راية الشرعيه و رمزها الاخ القائد محمودة عباس ..