ليبيا الغد بين الطموح وصراعات الداخل

تابعنا على:   01:48 2013-11-23

سميح خلف

لم يعد الواقع في ليبيا واقعا مقبولا لا محليا ولا اقليميا ولا دوليا بل فكرة التغيير في ليبيا التي أتت مع الربيع العربي لم تكن مقبولة أيضا ولا موضوعية لا أسباب ولا قناعات ولكن هذا ما حدث ولا أريد هنا أن نفتح صفحات بدء الكارثة التي بدأت من تونس ثم القاهرة ثم ليبيا وسوريا واليمن، ولا أريد هنا أن أتحدث عن مسببات الفكرة ومقدماتها عندما قامت قوات الغزو الأميركي متعاونة مع حلفائها في غزو العراق وتدمير بنيته التحتية وتدمير جيشه وتدمير سيادته، فالوقائع متشابهة في كل تلك الدول.

ولكن مع تعقيدات الوضع القبلي في ليبيا وهموم قديمة وهموم مستجدة وواقع تاريخي قامت بقدر الامكان باصلاحه ثورة الفاتح من سبتمبر نحو دولة تسودها العدالة والثقة بالنفس والانفتاح العالمي لدولة إسمها الجماهيرية العظمى التي أعطت المواطن الليبي كرامة واحتراماً وخوفا في بعض الاحيان من ليبيا الحرة التي يقودها شعبها ولا تقبل الضيم ولا تقبل الاهانة مهما كبرت ومهما صغرت بل كانت ليبيا تعبر عن نفسها عندما مزق قائدها ميثاق الأمم المتحدة محتجاً ومعلنا تآمر هذا المجتمع الدولي على الدول الضعيفة واستثمار خيراتها لصالح الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية لقد كانت كرامة ليبيا عندما قبل برلسكوني يد الزعيم الراجل معمر القذافي معتذرا عن كوارث ايطاليا في استعمارها لليبيا.

ولكن هذا ما حدث من تآمر على ليبيا من خلال غزو مؤسساتي استغل الانفتاح لاحداث اختراقات أمنية في المؤسسات الليبية مقدمة لتقويض النظام وسيادة الدولة عن طريق آليات قام بها ضعاف النفوس في المجتمع الليبي.

ولكن ليبيا إلى أين الآن.

ليبيا الغد ربما كان هذا مشروعا عملاقا قام به سيف الاسلام القذافي وعندما بحث عن وضع دستور للبلاد لتصبح ليبيا دولة مدنية بحكومة مدنية بامتياز، ربما كان هذا الخيار وهذا الطرح مهددا لكثير من العصابات والمتشرذمين وذوي المصالح في المجتمع الليبي.

تآلفت تلك القوى مع مآرب الدول الحاضنة لفكر الاستغلال وهي دول استعمارية قديمة في أحلام جديدة عندما طرح سركوزي في حلم استعماري جديد لفرنسا على شواطيء المغرب العربي الذي أفشله الزعيم الليبي معمر القذافي.

ليبيا الغد وطموحاتها الكبيرة لابد أن تكون هي الفكرة السائدة ولازالت الآن لأحرار ليبيا وشرفائها ومن هم على العهد نحو سلطة الشعب وسلطة القانون والمؤسسات هذه هي ليبيا التي تمزقها اليوم عصابات في الشرق والغرب وفي الوسط.

لقد ذهبت أحلام المواطن الليبي إلى مدارج الرياح تلك الأحلام التي أدخلوها في عقل المواطن الليبي لاحداث تهتك وعدم قناعة بالسياسة الاقتصادية والأمنية المتبعة في عهد القائد الراحل معمر القذافي.

أصبحت ليبيا مخزون هائل من السلاح وعصابات الدم وهي تغزو كل شيء في العقل الليبي وفي الثروة الليبية حيث أصبحت الثروة الليبية هي أسيرة عصابات المال المسلح والتي تقودها رؤوس كبيرة في المجتمع الليبي وهم هؤلاء الذين غدروا بالنظام وبسيادة الدولة وغدروا بالشعب أيضا وكذبوا عليه.

واقع ليبيا الآن واقع محزن جدا التخريب في كل مكان وفي كل ساحة وفي كل ميدان فالمؤتمر الوطني ليس مؤتمرا وطنيا والحكومة هي افرازات الفشل ثم الفشل ثم الفشل مع سيادة كاملة لعصابات مختلفة في غرب ليبيا وشرقها ووسطها فالحكومة هناك لا حول لها ولا قوة وان أتت بفعل النيتو وتدخل النيتو ودول أخرى.

الإغتيالات التي تحدث في بنغازي تدل على انفلاش أمني كبير وتصفية مواقف وخلافات على قاعدة المصالح والنفوذ وليس على قاعدة بناء الدولة وبناء المجتمع الليبي الذي دمرته وشرذمة من قاموا بعمل فاحش في هذا المجتمع الليبي الذي كان يسوده الأمن والأمان في كل مكان.

ما حدث مؤخرا في طرابلس عندما خرجت الجماهير الشعبية في طرابلس منددة بتدخل العصابات المسلحة في العاصمة الليبية، حيث أصبحت تلك العصابات تمثل ضغطا نفسيا ومعيشيا على صدور كل الليبيين كانت المجزرة التي قامت بها العصابات المسلحة ذعرا وخوفا من حركة الجماهير التي تتوق للعودة للماضي نحو سلطة الشعب والديمقراطية الملتزمة بمصالح الشعب ككل.

خرجت العصابات ضمن اتفاق ولكن لم تخرج فهي خرجت لتكون حالة حصار كامل لطرابلس الكبرى حول العاصمة بكل أسلحتها المدمرة سواء التي أتت من غرب ليبيا أو من مصراتة وتعاون الغرب مع مصراتة لحصار طرابلس فهي تكاتف المصالح أمام تيارات إسلامية أيضا مسلحة ولكن تأخذ النمط الرسمي في الجيش والأمن في طرابلس والتي يقودها بالحاج، فهي ترى أن المنظومة الأمنية الاسلامية السياسية في طرابلس مازالت تشكل هماً على العصابات المسلحة وطموحها في تقاسم ثروات ليبيا فهي ذات امتدادات اقليمية وربما غربية.

ولكن هناك أكثر من مليون ونصف ليبي خارج الوطن أيضا تم اقصاؤهم بالاضافة إلى قانون العزل الذي ابتكره المتمردون على النظام الجماهيري.

لا شيء يأتي بسهولة بل من خلال حركة مقاومة مناضلة في جميع المجالات لتمثل حالة اختراق وتكاتف في المصالحة للخروج بليبيا إلى ليبيا الغد نحو الازدهار وبناء الدولة والسيادة، فلابد أن الاخوان المسلمين في طرابلس والميول الآن للتصالح أو التحالف المرحلي مع رجالات ثورة الفاتح من سبتمبر وربما أطراف أخرى من أبناء المغدور به العقيد معمر القذافي يمثلون مرحلة جديدة للتآلف لإنقاذ ليبيا وشعب ليبيا من العصابات المسلحة.

مازال هناك خطورة من حصار طرابلس حيث تترقب تلك العصابات أي متغيرات لتكتسح العاصمة من جديد وتنهي أي تحالفات جديدة يتمخض عنها بناء دولة ذات سيادة,

إن الحركة الشعبية الليبية التي تطمح لانعقاد مؤتمرها والتي تضم الليبيين الأحرار والشرفاء في داخل ليبيا وخارجها يجب ان لا يصيببها التشرذم ولا الخلافات الداخلية فهي سمة تصيب التجمعات الوطنية من فعل اختراقات في الموقف وخلافات في الموقف فلابد للمؤتمر الشعبي الليبي الواعد أن يتفقوا جميعا، أولا لبناء موقف موحد واحداث اختراقات في الامتداد الاقليمي والدولي فليس من مصلحة القوى الدولية الآن ما يحدث في ليبيا، بل الواقع في ليبيا يتناقض مع المتغير الاقليمي أيضا فهنا تأتي فراسة كوادر العمل الوطني الليبي في احداث إختراقات وتوافقات مع قوى اقليمية لتتمكن تلك الحركة من فرض إرادة التغيير المدعومة برغبة الجماهير في ليبيا لبناء الدولة الليبية الحرة ذات السيادة وذات العدالة الاجتماعية وذات البعد العربي الملتزم بقضايا الأمة العربية وبقاضايا التحرر العربي، لابد للقوى الشعبية الليبية أن لا تستثني أحد بل تعمل على استقطاب كل الامكانيات والكوادر والطاقات ليخرج مؤتمر شعبي كبير يعبر عن كل ليبيا مع تجاوز أي ملاحظات أو نقاط أو تلاسن بين الاخوة على قاعدة المواقف التي حدثت عند غزو النيتو فعلى سبيل المثال لا الحصر فمازال قذاف الدم يمثل حالة ليبية حرة وله احترام إقليمي وله احترام في داخل ليبيا فلابد لقذاف الدم أن ينصهر في الحركة الشعبية الليبية في مسؤولية مشتركة لانقاذ ليبيا من العصابات والتهتك هذا هو ما يجب أن يكون لكي يبدأ المتغير لاحداث تقدم في داخل ليبيا وخارجها.

إن الصراعات بين القوى الشعبية وكوادرها لابد أن تنتهي في هذه المرحلة فلا مكان للخلاف ولا مكان للتمحور بل يعمل الجميع في برنامج موحد لكي ينال إحترام الدول الإقليمية والدولية والله المستعان.

اخر الأخبار