نافذة للنقاش

تابعنا على:   11:36 2013-11-21

حماده فراعنه

لأسباب عديدة، يقف في طليعتها عدم رغبته في التصادم مع الأميركيين، وحاجته للمال لتوفير الرواتب وتغطية احتياجات السلطة، والإفراج عن أسرى ما قبل أوسلو، وأخيراً لعدم توفر البديل الكفاحي الذي يجعل الاحتلال مكلفاً، ويدفع باتجاه تغيير موازين القوى على الأرض، لهذا كله لا يستطيع الرئيس الفلسطيني وقف المفاوضات الجارية حالياً، والتي بدأت منذ نهاية تموز الماضي، حتى نهاية آذار 2014، مع حكومة المستوطنين التي يقودها نتنياهو بسياسة عنصرية استعمارية توسعية مماثلة ومتطابقة في منطقتي 1948، و1967، فهو يفعل بطريقة منهجية في مناطق 67 من ضم واستيطان وتوسيع وتهويد وأسرلة، مثلما سبق وفعل أسلافه في منطقة 48، بنفس الطريقة والأسلوب والغاية والهدف.

لا يستطيع أبو مازن وقف المفاوضات حتى تستكمل مشوارها وتصل إلى نهايتها في آذار المقبل، تحت الرعاية الأميركية المباشرة، من قبل الوزير جون كيري والسفير مارتن إنديك، حتى ولو توفرت لديه الرغبة أو الدوافع أو حتى القناعة بعدم جدواها، ولذلك يجب التركيز على البدائل المتاحة أمام الشعب الفلسطيني وقيادته منظمة التحرير، لأن البديل الأسوأ يتمثل بعاملين هما، أولاً: انتصار خطوات وبرنامج الاحتلال في استكمال إجراءات استعمار فلسطين من قبل المشروع الإسرائيلي، وثانيهما: انتظار حركة حماس ومعها الإخوان المسلمين، لسقوط فتح ومنظمة التحرير والتحالف الوطني الديمقراطي التعددي الذي يقودها من الفصائل والشخصيات، وفشل البرنامج الوطني الفلسطيني لتكون حماس "وإخوانها" هم البديل.

ومثلما فشلت مفاوضات كامب ديفيد 2000، وأنابوليس 2007، والتقريبية 2010، والمباشرة 2011، والاستكشافية 2012، لن تفتح المفاوضات الجارية بالرعاية الأميركية، ثغرة يمكن أن تعيد للشعب الفلسطيني جزءاً من حقوقه، لا في الاستقلال ولا في العودة، لأن موازين القوى لا تسمح بذلك، فالتفوق الإسرائيلي يقابله الضعف الفلسطيني، والدعم الأميركي المصحوب بموقف الطوائف اليهودية في العالم لصالح إسرائيل، يواجهه التمزق العربي والإسلامي والمسيحي، وعدم القدرة على توفير مظلة وروافع مساندة للفلسطينيين حتى يواجهوا المشروع التوسعي الاستعماري على أرض بلادهم، ولذلك ستفشل المفاوضات، لأن كلاً من الطرفين سيتمسك بمواقفه، الجانب الإسرائيلي يتمسك بأطماعه التوسعية، والجانب الفلسطيني لا خيار له سوى التمسك بحقوقه وبصموده على أرضه.

من هنا يجب العودة بعد أشهر المفاوضات غير المجدية إلى مؤسسات وأدوات ومظلة الأمم المتحدة لاستكمال خطوات الإقرار الدولي بمكانة فلسطين وعضويتها التمثيلية بكافة المؤسسات الدولية أسوة بما جرى في اليونيسكو، والاتحاد البرلماني الدولي، والجمعية العامة للأمم المتحدة، والعمل على الاستفادة من تراجع حركة الإخوان المسلمين وفشلها في مصر وسورية وغيرهما، والضغط باتجاه التراجع عن الانقلاب في غزة وإنهاء الانقسام الذي تقوده حماس، واستعادة الوحدة بين كافة الفصائل والمكونات الفلسطينية، وتكثيف العمل داخل المجتمع الإسرائيلي لكسب المزيد من الانحيازات من بين صفوف الرأي العام الإسرائيلي لصالح الحقوق الفلسطينية وعدالة مطالبها، لمواجهة جموح اليمين الإسرائيلي المتطرف، وسياسته الاستعمارية وإجراءاته العدوانية.

إضافة إلى العمل بين صفوف الأحزاب والبرلمانات والمثقفين العرب لإعادة إحياء التضامن العربي الشعبي مع فلسطين إلى جانب التضامن الرسمي الذي بدا أكثر تفهماً لواقعية السياسة الفلسطينية وحكمة قيادتها.

 

[email protected]

اخر الأخبار