اغتيال «أبو عمار»
صالح القلاب
لأن التقارير السويسرية التي صدرت قبل فترة قريبة وأكدت أن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) قد مات إغتيالاً بمادة «البولونيوم» قد أثارت تساؤلات كثيرة فإنني أستميح الصديق العزيز الدكتور ناصر القدوة ،رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات، العذر في نشر الرسالة التي كان قد وجهها قبل خمسة أيام إلى أعضاء مجلس أمناء هذه المؤسسة وأنا أحدهم للإجابة على هذه التساؤلات المتداولة الآن في الأوساط الفلسطينية والعربية.
* * * *
تقول الرسالة:
أكتب إليكم حول موضوع هام أولته مؤسسة ياسر عرفات إهتمامها الدائم ،وهو موضوع وفاة الرئيس ياسر عرفات، رحمه الله. وكما تعلمون فقد قامت قناة الجزيرة في شهر يوليو (تموز) 2012 ببث تقرير العثور في مقتنيات عرفات الشخصية ،من قبل معهد سويسري متخصص، على مادة البولونيوم 210 ،وهي مادة مشعة عُرِفَ مؤخراً إستخدامها في عمليات إغتيال سابقة، وبعد ذلك طُرِحت فكرة فتح قبر عرفات وأخْذِ عينات من رفاته وذلك «للتأكد» من الأمر.. تذكرون أنني كنت ضد هذه الخطوة على أساس أن الشعب الفلسطيني والكثيرين من الإخوة العرب والأصدقاء في العالم توفرت لديهم قناعة بالفعل بأن وفاة عرفات لم تكن وفاة طبيعية وأنها في الحقيقة إغتيال له قامت به إسرائيل ،على الأرجح بالسم (تبين أنه بولونيوم210 بعد الفحوصات السويسرية)، وإننا لسنا بحاجة لمزيد من الدلائل ،بل لموقف جدي يطالب المجتمع الدولي بإدانة الجريمة وتحميل إسرائيل المسؤولية، وأيضاً على أساس أن تقاليدنا الدينية والإجتماعية لا تحبِّذ مثل هذه الخطوة خصوصاً بالنسبة لرجل مثل ياسر عرفات.
في كل الأحوال فقد تقرر إتخاذ الخطوة وتم فتح القبر بالفعل وأخذ العينات من قبل ثلاث جهات متخصصة فرنسية وسويسرية وروسية وبعد مرور فترة عام تقريباً لم تتعامل الجهة الفرنسية مع الجانب الفلسطيني حول الموضوع ،وقامت الجهة الروسية بتقديم تقرير عن النتائج على درجة من الإلتباس وعدم الوضوح.. وحدها الجهة السويسرية قدمت ،لحسن الحظ، تقريراً علمياً متطوراً يعكس عملاً جاداً حيث وصل التقرير إلى نتيجة واضحة مفادها أن النتائج تعكس بشكل معقول فرضية أن وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات كانت بسبب التسمم بمادة البولونيوم210.
أضاف التقرير السويسري إذاً دليلاً ،مرة أخرى، على الأقل بالنسبة للعالم الخارجي حول حقيقة تسمم ياسر عرفات.. لم يتعامل التقرير بطبيعة الحال مع موضوع الجهة التي قامت بإرتكاب الجريمة ،ولكن من الواضح بما لا يقبل الجدل، أن إسرائيل هي التي قامت بالإغتيال بإعتبارها الجهة المعنية الوحيدة التي بإمكانها إمتلاك وإستخدام البولونيوم210 وفي هذا المجال لابد من الإشادة بمهنية وشجاعة الجانب السويسري ،وأيضاً بمثابرة وعمل د.عبد الله بشير ومتابعته للأمر، علماً بأنكم في مجلس أمناء المؤسسة كنتم قد كلفتموه برئاسة اللجنة الطبية لمتابعة هذا الموضوع.. يبقى أن نقول أن لجنة التحقيق الفلسطينية تتابع عملها من أجل التأكد من وجود أية جهة محلية قد تكون متورطة في الجرمية.
إنه وبالرغم من أن الكثيرين من الشعب الفلسطيني لم يفاجأوا بالتطور الأخير ،ولم يشعروا بجديد، إلاَّ أن هذا التطور قد حرَّك مرة أخرى المطالبة الواسعة بضرورة وجود رد فعل فلسطيني جاد ،وكذلك من الجانب العربي، وضرورة القيام بتحرك سريع مع المجتمع الدولي في هذا المجال.
وأنا من جانبي فقد إقترحت اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على الإدانة القوية لهذه الجريمة وتحميل إسرائيل المسؤولية عن الإغتيال وربما تشكيل لجنة لمتابعة الأمر ومحاسبة مرتكبي هذه الجريمة وكذلك فقد تم أيضاً تقديم إقتراحات أخرى باللجوء إلى مجلس الأمن لتشكيل محكمة خاصة وهو الأمر الذي أشك في إمكانية تنفيذه ولهذا فقد يكون من الأنسب المحاولة مع كلْتاالجهتين بشكل يضمن الوصول إلى نتائج فعلية ومؤكدة.. لقد رغبت في إعلامكم بكل ما سبق وهو ما سيكون محل نظر في إجتماع قريب لمجلس إدارة المؤسسة راجياً دعمكم ومساعدتكم لإنجاز المساءلة والعدالة عن إغتيال ياسر عرفات الرئيس المنتخب وقائد الشعب الفلسطيني.
عن الرأي الاردنية