الثورة الفلسطينية في عيدها الخمسين

تابعنا على:   17:43 2014-12-31

ياسر الشرافي

في الأول من يناير 2015 ، تحل علينا الذكرى الخمسين لإنطلاق الثورة الفلسطينية و التي تجسدت بحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح " ، التي جمعت داخلها كثير من الأيدلوجيات الفكرية ، من يسار و قومي الي إسلامي و ليبرالي ، صهرتها في قالب واحد هو تحرير فلسطين كملك وحيد للشعب الفلسطيني ، رغم الصراعات و التجاذبات الفكرية في تلك المرحلة ، لتنطلق تلك الحركة من تحت الرماد متحدية زمن الإنكسارات و الهزائم ، التي حلت بالأمة العربية و أدت الى ضياع فلسطين ، لتصنع التحدي الأكبر و هو الثقة بالنفس الفلسطينية و تحقيق الإنتصار في حرب الكرامة لاحقاً، التي ترتب عنها فصل جديد بإنتزاع الفلسطيني مسؤولية تحرير الوطن بأيدي فلسطينية ، و بعمق عربي و إسلامي و حتى عالمي ، بدعمنا لحركات التحرر الثوري العالمية و دعمهم أيضاً لنا ، لأن فلسطين قضية كل إنسان حر في هذا العالم ، و دفعنا الكثير من دمائنا حتى نخرج أنفسنا من معادلة التجاذبات و المناكفات العربية و الدولية ، التي أضرت بالقضية الفلسطينية في الماضي ، و كان لنا هذا و لكن بعد مخاض عسير ، و يُحسب لهذه الحركة الرائدة بصيرتها وفطنتها المبكرة بمقاومتها للفكر الإحلالي الصهيوني ، الذي عمل جاهداً على إخضاع الشعب الفلسطيني بعد النكبة و النكسة ، الى عمليات تفتيت و تفريغ ممنهجة في مخيمات اللجوء ، و في المجتمعات العربية و ما وراء البحار ، حسب مخطط متقن جيداً و معد سلفاً ، و ذات إجماع دولي مع نفاق و طواطيء عربي و إسلامي في تلك الحقبة ، بأن تُختزل قضية فلسطين في لاجيء يحتاج فقط إلى لقمة العيش ، و قليل من المسكن في أي دولة في العالم ، و لكن ليس على أرض فلسطين ، حتى نُقذف كشعب فلسطيني كباقي عشرات الشعوب المنقرضة خارج الجغرافية و التاريخ ، فلهذا أعادت لنا تلك الحركة الهوية التي وزعت دمائها على كثير من الدول ، و أعادت تثبيتنا كفلسطينيين على الخارطة العالمية ، و فرضت فلسطين على الأجندة الدولية ، لنصبح رقم صعب لا يستطيع أي كائن حي المساس بتلك الهوية و تجاوز الحق الفلسطيني ، الذي عُمد بالدم و الشهداء ، فكانت معركة تثبيت الهوية الفلسطينية الخطوة الأهم في طريق التحرير المتعثر و المتراكم إلى يومنا هذا ، و لولا تثبيت تلك الهوية و الرواية الفلسطينية ، لِما رأينا لاحقاً الحركات الفلسطينية الأخرة ، تتغنى بالمراهقة السياسية و المزوادة علينا ، و رغم ذلك فأنهم إخوة و أبناء و إمتداد لنا ، لأننا نرى فلسطين بعيون وطنية ، لذلك ظلت تلك الحركة بعد خمسون عام ضمير هذا الشعب الفلسطيني غير قابلة للإنكسار ، لأنها مشروع فلسطيني بإمتياز ، قدمت عشرات الألآف من الشهداء و الجرحى و الأسرى و المفقودين ، و على رأسهم مؤسسيها الأوائل لهذه الثورة ، و لم تسقط الكفاح المسلح من أجنداتها من عيلبون بقوات العاصفة في الستينات ، مرورا بمنظمة أيلول الأسود في ميونيخ في السبعينات ، إلى ساڤوي و الساحل و ديمونة ، إلى قوات رفيق السالمي و الفهد الاسود والصقور داخل الأرا ضي الفلسطينية في عقد الثمانينات و التسعينات من القرن الماضي ، وصولاً إلى كتائب شهداء الأقصى في الألفية الثانية ، لنطمئن الجميع بأن حركة فتح ، لم و لن تتخلى عن كفاحها المسلح في كل زمان و مكان طالما هناك إحتلال ، و هذا الحق ثبت في المؤتمر السادس في بيت لحم بإجماع مائة بالمائة ، و إن كان في فترات زمنية معينة استراحة محارب ، ليأخذ مسار النضال السياسي المكمل مداه في نزع الحقوق الوطنية ، فكيف لحركة تجدرت في حياة الشعب الفلسطيني بإرثها النضالي و السياسي و الإنساني ، و ثرائها بالمفكريين و الأكاديميين و العلماء المتميزين ، وطيبة القلب الكبير لكل الشعب الفلسطيني ، بأن لا تكون في عيدها الخمسين معشوقة الجماهير .

اخر الأخبار