الفلسطينيون بين الفيتو ألأمريكى والإعتراف الأوروبى

تابعنا على:   14:01 2014-12-31

د. ناجى صادق شراب

المسافة السياسية بعيده بين الموقف الأمريكى والموقف ألأوروبى من القضية الفلسطينية ، ودعم موقف الشعب الفلسطينى للحصول على دولته وإنهاء الإحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية حتى تقوم هذه الدولة .تاريخيا تتحمل الدول الأوروبية المسؤولية التاريخية الكاملة وخصوصا بريطانيا ، فىنشؤ القضية الفلسطينية بإعتبارها السلطة المنتدبة على فلسطين وصاحبة وعد بلفور، وعملت طوال سنوات إنتدابها على تسهيل هجرة اليهودإلى فلسطين ، وتأسيس مؤسساتهم ، وحصولهم على ألأرض،وصولا إلى عرض القضية على الأمم المتحدة وإنتزاع قرار بقيام إسرائيل كدولة ، وهذا الموقف الأوروبى ما زال قائما، وتحكم أوروبا علاقات إقتصادية وسياسية قوية بإسرائيل، أما الولايات المتحدة فالموقف الأمريكى والذى يصل إلى علاقات التحالف الإستراتيجى والإلتزام بامن وبقاء إسرائيل، فهذا الموقف هو الذى ساهم فى إسستمرارية إسرائيل كدولة ، وحال دون ان تفرض عليها أى عقوبات على إستمرارها لإحتلالها ألأراضى الفلسطينية والحيلولة دون قيام الدولة وممارسة الشعب الفلسطينى لحقه فى تقرير مصيره، ولم تقتصر العلاقة على حماية إسرائيل ، بل وتقويتها عسكريا، ومدها بكل عناصر القوة ، ولقد وصل حجم ما قدمته الولايات المتحدة أكثر من مائة مليار دولار.بل وألأهم فى هذه العلاقة هو إجهاض أى دور لمجلس ألأمن فى معاملة إسرائيل مثل اى دولة تنتهك الميثاق ويطبق عليها الفصل السابع من الميثاق، والذى بموجبه يمكن ان تفرض عقوبات على إسرائيل، ولو حدث ذلك ما وصلت القضية الفلسطينية إلى هذه المرحلة من التعقيد، وما إندلعت هذه الحروب العديدة ، والتى راح ضحيتها مئات الآلآف من المدنيين ألأبرياء ، ولقامت الدولة الفلسطينية وتغير وجه المنطقة ، وأصبحت إسرائيل دول عادية فى المنطقة بقبولها وبعلاقات شاملة معها من جميع الدول العربية ، هذا واستخدمت الولايات المتحدة الفيتو ألأمريكى ما يقارب الخمسين مرة وكلها للحيلولة دون صدور قرار ملزم لإسرائيل، مما حول كل القرارات إلى مجرد توصيات غير ملزمة ، وهو الذى يفسر لنا إستمرار إسرائيل فى مصادرة ألأراضى الفلسطينية وبناء مستوطناتها ، وفى الحروب التى شنتها على ألأراضى الفلسطينية وغزة ، والحصار المفروض، وكل صور إنتهاك حقوق الإنسان الفلسطينيى ألآدمية ، ولعل ألأخطر فى الموقف الأمريكى مقارنة بالموقف الأوروبى هو إحتكار الولايات المتحدة لعملية المفاوضات ، وإزاحة أى دور لأوروبا ،او ألأمم المتحدة ، هذا الإحتكار الأمريكى للمفاوضات كان هدفه فقط إطالة هذه المفاوضات حتى تحقق إسرائيل ما تريد، وتمنحها غطاءا دوليا لكل سياستها المعادية لميثاق الأمم المتحدة ، واليوم تلوح الولايات المتحدة وبشكل صريح وعلنى أنها ستستخدم الفيتوضد أى مشروع قرار فلسطينى عربى يطالب مجلس الأمن بإنهاء الإحتلال الإسرائيلى خلال فترة زمنية لا تزيد عن ثلاث سنوات ، ورغم ان مشروع القرارهذا لا يستند للفصل السابع ، وجاء بصياغات توافقية مرنة إلى حد كبير ، لكن الولايات المتحدة تهدد بإستخدام الفيتو ، وهذا ألإستخدام هو نكران لحقوق الشعب الفلسطينيى فى دولته، وهو موقف يزيد من الكراهية للسياسات ألأمريكية ، بل وتذهب الولايات المتحدة أبعد من ذلك بالتهديد بالضغط على السلطة الفلسطينية بوقف كل أشكال المساعدات المالية والإقتصادية ، هذا الموقف الأمريكى ساهم فى إستمرار القضية الفلسطينية بدلا من حلها ، وكلنا يعرف موقف الكونجرس ألأمريكى ألأكثر دعما لسياسات إسرائيل، السياسة ألأمريكية سياسة حاضنة وداعمة لإسرائيل. وبالمقابل ألموقف الأوروبى فيه قدر كبير من التغير الإيجابى ، والعقلانية ، وألأقرب لدعم الموقف الفلسطينى ، وهنا التذكير المهم بالدعم ألأوربى للموازنة الفلسطينية والتى تغطى رواتب الآلآف من الموظفين ، ودعم مؤسسات المجتمع المدنى والدعم الإجتماعى للأسر الفقيرة ، وقد تطور هذا الموقف بالإعترافات المتزايدة التى منحتها البرلمانات الأوروبية بالدولة الفلسطينية ، وهى وإن كانت رمزية لكنها مقارنة بالموقف الأمريكى تعتبر خطوة متقدمة فى تثبيت الحق الفلسطينى ، وهذا الإعتراف يشكل رسالة لجميع برلمانات دول العالم بانه يوجد شعب إسمه الشعب الفلسطينى من حقه قيام دولته وإنهاء الإحتلال الإسرائيلى ، وتذهب السياسة ألأوروبية لحد الضغط على إسرائيل لوقف إستيطانها ، ، ومن مظاهر هذه السياسة أيضا أشكال المقاطعة للسلع الواردة من المستوطنات ، وسياسات المقاطعة ألأكاديمية ، ولا ننسى موقف المحكمة ألأوروبية برفع إسم حركة حماس من علي قائمة ألإرهاب ألأوروبية., لا شك أن هذه السياسات ما زالت فى مراحلها ألأولى ، وقد تبدو متواضعة لكن يمكن البناء عليها ـ وتطويرها بما يدعم قيام الدولة الفلسطينية وإنهاء الإحتلال ألإسرائيلى ، ويمكن أن تشكل سياسة متوازنة للسياسة الأمريكية ، وقد تدفع فى المنظور البعيد السياسة ألأمريكية للإستجابة للحقوق الفلسطينية . هذه السياسات لا تتغير تلقائيا ، فالسياسة تحكمها المصالح ،وهنا أهمية توظيف العلاقات العربية الأوروبية لمزيد من الدعم ألإوروبى . فالسياسة تقوم على المصالح وقدرة الدول فى التاثير على سياسات الدول الأخرى ، وأوربا تبقى ألأقرب ، ولها تاثيرها ووزنها فى قرار السياسة الدولية .ويبقى الموقف الفلسطينى حاسما فى هذه المعادلة السياسية الإقليمية والدولية.

اخر الأخبار