
من شعفاط إلى باريس.. غصة وفرحة
كتب حسن عصفور/ اليوم سترفرف الراية الفلسطينية فوق سرايا المنظمة العالمية للثقافة والفنون – اليونيسكو، اليوم ستشهد باريس العاصمة الفرنسية، يوما من أيام 'الانتقام التاريخي وتصحيح المسار المخطوف' للشعب الفلسطيني، بعد أن تم اغتصاب أرضه ومحاولات لا تنتهي لاغتصاب هويته الوطنية بأسماء مستعارة عديدة، بعد أن أصبحت فلسطين عضوا كامل العضوية في تلك المنظمة، فرحة لن تقف عند حدود لرؤية علم الوطن يرتفع شاهقا بجوار ما يقارب 200 علم لدول عدة، ولكن لتلك الراية التي استشهد من أجلها وتحتها عشرات الآلاف من أبناء الشعب كي تبقى خفاقة شاهقة، فشعب فلسطين تطلع إلى لحظة أن تكتمل الصورة لترسم لوحة 'عبور سياسي' من حال إلى حال، متذكرا زعيمه الخالد وأب الوطنية الفلسطينية المعاصرة ياسر عرفات، يوم أن أحال كل شيء وطني إلى رمز كرد على محاولات 'التذويب والاغتصاب'..
نعم ستشهد باريس حدثا تاريخيا يسجل في 'الأجندة الوطنية' للشعب الفلسطيني، دون أن يتناسى بفرحته تلك أن هناك غصات متنوعة لا تزال حاضرة وبقوة في حياته العامة والخاصة، ومع ارتفاع العلم وفرحته، تبرز شعفاط المكان والمخيم في القدس المهددة كما لم تهدد قبلا، شعفاط حيث قامت دولة الاحتلال ببناء حاجز عسكري جديد لفصل المكان العربي عن تواصله بقلب المدينة المقدسة، حاجز لعزل عشرات الآلاف من أهل القدس عن قلب عاصمتهم الأبدية، حاجز يتجاوز الأمن والخناق، فهو حاجز تهويد يضاف لمسلسل التهويد اليومي في المدينة المقدسة، ومعه تغلق 'جسر المغاربة' تمهيدا لبناء جسر حديدي خاص يهدد تلة من تلال المسجد الأقصى وفقا لما أخبرنا الشيخ عكرمة صبري، تهديد لتلة عمرها ما يزيد على 15 قرنا، وتوسع اسيتطاني في قلب المدينة وضواحيها لاستكمال مخططهم العدواني ضد المدينة المقدسة..
فرحة باريس بكل ما لها من حضور تاريخي، لا يمكن له أن يبتعد عن الغصة التي برزت بما حدث للقدس وما حولها ساعات قبل رفع الراية الوطنية، والغصة ليست لفعل احتلالي، فتلك حالة صراع لن تتوقف ما لم يتوقف العدوان والاحتلال، لكنها غصة شعبية لأهل الدار والقائمين عليها، قيادة وحكومة وفصائل، أن تكتفي جميعها بوصف الحدث وشرح مخاطره للشعب وكأنه يحتاج وصفا ممن لا يجيدون حتى الوصف، غصة شعبية من القدس ترافق فرحة باريسية باحتضان العلم الفلسطيني، كون ما يحدث لعاصمته ومدينتهم المقدسة يسير بهدوء خجول ممن هم اليوم أولي الأمر في 'بقايا الوطن'، يكتفون بتنديد 'مؤدب'، واستنكار متعلثم، وفي أقصى حالاتهم يتضامنون مع أهل القدس الطيبين.. فالغضب لا يتعدى حدود 'الأدب المسموح'، لا يثير غضب الرئيس الراحل قريبا أوباما، ونتنياهو المتجبر في لحظة ظلام لقضية فلسطين، رغم حراك عربي يفتخر به الناس أجمع، لكن نوره يبقى محاصرا ما يسمح لدولة الكيان أن تفعل ما تريد..
فرحة باريس لن تعمي غصة شعفاط.. بل ولن تلغي غصة عدم استكمال المشوار لرفع تلك الراية الفلسطينية حثيما أُتيح لها أن ترتفع.. وليت القيادة تراجع قرارها السري بالتوقف عن استكمال هجومها السياسي نحو بقية منظمات الأمم المتحدة الفرعية، ليرتفع العلم فوق مبانيها استعدادا لرفعه على مبناها في نيويورك، فما يحدث بالقدس من تهويد علني وشامل، يجبر التراجع عن القرار المذكور.. هي فرصة قد لا تأتي كثيرا، مع بروز ملامح 'تفاهمات' يقودها التحالف السياسي الجديد عربيا مع أمريكا وإسرائيل عبر مقولة 'التعامل الحكيم'.. يجب التفكير بجدية لحماية فلسطين من خطر يتوافق عليه، والمسؤولية هنا لا ترحل ..لتعوض القيادة بعضا من غصات الشعب بفرح آخر عبر استكمال 'الهجوم السياسي' ..
ملاحظة: قادة فتح يبشرون بأن الانتخابات العامة على الأبواب.. وبعضهم أقسم بأن ما حدث عام 2006 لن يتكرر..الشعب يريد بعض 'الأمارات' ليصدق..
تنويه خاص: أهل ليبيا بدأوا التحرك أسرع من المتوقع ضد 'الانتقالي' الحاكم..مصيرهم قد لا يبتعد كثيرا عن'القذافي' .. فمن يكذب كثيرا ينكشف سريعا.. وبئس المصير لكل من يمد يده للأطلسي وتل أبيب..
تاريخ : 13/12/2011م