أبعاد المناورة الاميركية في المسألة الايرانية

تابعنا على:   18:03 2013-11-20

عادل عبد الرحمن

التراجع النسبي في المكانة والقدرات الاميركية عالميا، لم يلغِ  الدور الرئيسي للولايات المتحدة في ألإمساك بملفات منطقة الشرق الاوسط، لان مصالحها الحيوية في الاقليم  مازالت تحتل حتى اللحظة الاولوية في سياسة الادارة. ولا يبتعد صانع القرار الاميركي قيد أنملة عن حلفائه الاسرائيليين والفرنسيين في الملف النووي الايراني. وإن وجد تباين في الاليات والوسائل لتحقيق الهدف، وهو أمرُ بائن وجلي، إلآ انه لم يؤثر في متانة التحالفات الاستراتيجية بينهم. وبالتالي ذهاب البعض بعيدا في قراءة تداعيت التباين، فيه جنوح نحو ألأسقاطات والرغبات الذاتية. لان القواسم المشتركة بين الادارة من جهة وإسرائيل وفرنسا (مع الفارق بينهما) من جهة أخرى اعمق بكثير من حدود التعارض في هذه المسألة او تلك.

ويمكن للمرء، ان يذهب إلى قراءة مختلفة عما يدور في اوساط المراقبين حول التوافق الفرنسي الاسرائيلي، الذي تغنى به العديد من المراقبين الاسرائيليين والفرنسيين، واعتبره البعض سدا في مواجهة التوجه الاميركي "المتراخي" في معالجة الملف النووي الايراني. وهذا غير صحيح من حيث، ان الادارة الاميركية اولا لم تتراخى مع إيران؛ ثانيا تريد ان تصل إدارة اوباما إلى الهدف دون دفع اي ثمن؛ ثالثا الاهم قد تكون اميركا وفرنسا وزعت الادوار فيما بينهما للجم النزعات العسكرية الاسرائيلية،وضبط حدود الغضب الاسرائيلي المفتعل، والذي لا يرى سوى الحسابات الاسرائيلية الضيقة. لاسيما وان زيارة الرئيس الفرنسي اولاند إلى إسرائيل، وهي الاولى منذ توليه الرئاسة، تأتي عشية الجولة الجديدة بين الاقطاب الدولية( 5+1 ) وإيران ستبدأ اليوم الاربعاء في جنيف. وهو ما سينعكس ايجابا  على الداخل الاميركي، اي على المجلسين الكونغرنس والشيوخ والايباك ايضا. رابعا توزيع الادوار الفرنسي الاميركي في ممارسة المزيد من الضغط على المفاوض الايراني لانتزاع المزيد من التنازلات.

كما ان الولايات المتحدة لا تحصر اهدافها في إخصاء الملف النووي الايراني. انما لها اهداف ابعد من ذلك، وهي موجودة ضمن سيناريوهات عديدة لاعادة بناء الشرق الاوسط الجديد، وتعززت الرؤية الاميركية بعد التحولات الدراماتيكية في جمهورية مصر العربية بعد الثورة الثانية في 30 يونيو الماضي، التي تركت بصمات سوداء على مدى نجاح المخطط الاميركي الاسرائيلي. لذا لجأت الادارة الاميركية للخيار السياسي في معالجة الملف النووي الايراني، ليس فقط بسبب الازمات، التي تعصف بالاقتصاد الاميركي، وانما، لان ادارة اوباما تنظر للقنبلة الطائفية (الصراع الشيعي / السني )  بمنظار أعمق وأكبر من القنبلة النووية. لهذا لا تريد الولايات المتحدة الدخول في حرب مع إيران. لان الحرب، لها نتائج عكسية على الاهداف الاستراتيجية الاميركية. وتعمق من حالة العداء بين الشعوب الايرانية والغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا، وتطفىء نيران الصراعات الطائفية، التي بذلت أميركا جهودا حثيثة وغالية لتاجيجها في العراق وبين جمهورية إيران ودول الخليج العربي السنية، وفي عموم دول العالم العربي لتسهيل عملية تمزيقها، ورسم خارطتها بالشاكلة، التي تتوافق ومصالحها الحيوية ومصالح إسرائيل الاستعمارية.

الملف النووي الايراني سهل إعادة صياغته بما يتوافق ومصالح الغرب، ولكن ضياع نتائج الحربين ، اللتين شنتهما اميركا على افغانستان والعراق، وأشعلت من خلالهما فتيل الصراعات الطائفية، والتي كان لايران دور بارز فيها وخاصة في العراق، حيث قدمت خدمات إستراتيجية لاميركا وللمعارضة العراقية الطائفية في إسقاط حكم الرئيس صدام حسين، لا يمكن ان تسمح به اميركا، لذا لجأت للخيار السياسي لتنفيس العداء داخل إيران ضد اميركا، وهو ما حصل فعلا، حيث قامت الجهات الرسمية بازالة الشعارات المعادية للشيطان الاميركي. وفي الوقت نفسه، ابقاء إيران في حدود السيطرة الاميركية، ولكنها في ذات الوقت تشكل خطرا طائفيا وقوميا على عموم شعوب المنطقة العربية وخاصة دول الخليج. الامر الذي اثار حفيظة السعودية والامارات والكويت والبحرين، وترك بصمات على تحالفها مع اميركا. هذا الصراع  ، وهذه القنبلة، هي ما ارادته الادارة الاميركية، لان استمرارها (القنبلة الطائفية والمذهبية) اهم كثيرا من تخصيب اليورانيوم.. وهو على ما يبدو  ما لم تدركه إسرائيل حتى الان.

اخر الأخبار