المستشار السرى للرئيس!

تابعنا على:   10:11 2014-12-25

سليمان جودة

فى الأسبوع الأول من نوفمبر، أصدر الرئيس قراراً بتعيين السفيرة فايزة أبوالنجا، واللواء أحمد جمال الدين، مستشارين له، ورغم مرور شهرين تقريباً، على القرار، إلا أنك تشعر وكأن الرئيس قد أخذهما، بعد تعيينهما، ثم وضعهما فى غرفة، وأغلق بابها، واحتفظ بمفتاحها فى جيبه!

فلم يحدث منذ صدور القرار أن سمعنا، ولو بالمصادفة، عن أن أبوالنجا قد حضرت لقاء للرئيس مع أى مسؤول أجنبى، أو أنها رافقته فى أى زيارة للخارج، ولم يحدث أن طالعنا لها صورة وهى تقوم بأى نشاط، أو تؤدى أى دور فى أى مكان.. لم يحدث أبداً.. وكذلك الحال مع اللواء جمال الدين، الذى كانت المرة اليتيمة التى ظهر فيها يوم افتتاح مؤتمر الإرهاب فى دار التحرير.. وفقط.. فلا قبلها ظهر، ولا بعدها!

لقد أثار قرار تعيينهما، فى حينه، تفاؤلاً لدى قطاعات كبيرة فى الرأى العام، ولقى ترحيباً فى الإعلام، على كل مستوياته، ولكن.. ما نعرفه أنهما مستشاران معلنان، وليسا مستشارين سريين، وبالتالى فظهورهما، وحركتهما، وذهابهما، وعودتهما، أمر كان لابد أن يكون حاصلاً، وطبيعياً، وحاضراً، منذ لحظتهما الأولى، لا أن يغيبا عن المشهد العام تماماً على هذا النحو، وكأنهما مكلفان بالبحث عن قطة سوداء فى غرفة مظلمة!

للرئيس الأمريكى - مثلاً.. مثلاً - مستشارة للأمن القومى، اسمها سوزان رايس، وهى، بحكم موقعها هذا، توازى بالضبط موقع السفيرة أبوالنجا إلى جوار الرئيس، فإذا ما أردت أنت أن تقارن بينهما، من حيث مشاركتهما الرئيسين هنا وهناك، فى نشاطهما، وفى عملهما، بامتداد شهرين مضيا، فسوف تجد «رايس» موجودة إلى جوار الرئيس دائماً، وسوف تجد لها صورة هنا، أو خبراً هناك، أو زيارة هنا، أو لقاء هناك دون انقطاع.. وكله معلن، وفى الهواء الطلق، وفى النور.. إلا أبوالنجا، التى اختفت اختفاءً تاماً، منذ صدر لها قرارها، والتى تبدو وكأنها خرجت ولم تعد!

زمان.. كان للرئيس الأسبق مبارك مستشاران، هما الدكتور مصطفى الفقى، والدكتور أسامة الباز، وكان كلاهما يتحرك أكثر من الرئيس نفسه، وكان كلاهما لا يمر يوم.. يوم واحد.. إلا وتجده فى محاضرة هنا، أو فى لقاء سياسى هناك، أو مبعوثاً من الرئيس فى زيارة خارج البلاد، وكان وجود كليهما فى حد ذاته، وكان نشاطهما الملحوظ، وكانت حركتهما الدائبة، لا تتوقف، وكانت، فى الوقت ذاته، تبعث نوعاً من الطمأنينة فى نفوس الناس.. إذ يكفى أن يكون رجلان مثلهما، وبعقليهما الراجحين، إلى جوار الرئيس، ويكفى أنهما يتحركان باستمرار بين جماهير المصريين، ولذلك، فليست صدفة أن «مبارك» بدأ يواجه المشاكل الكبيرة فى نظام الحكم من حوله، يوم ابتعد عنه هذان الرجلان على وجه التحديد!

ستون يوماً، والسفيرة أبوالنجا مختفية اختفاءً يثير أكثر من علامة استفهام.. وستون يوماً، واللواء جمال الدين دخل قصر الرئاسة، مستشاراً، ثم لم يغادره إلى مهمة نراها، ونلمسها، ونطمئن على أنه يقوم بها!.. ستون يوماً، وقد تحول كلاهما، بعد لحظة صدور قرارهما، من مستشار معلن إلى مستشار سرى لا يعرف أحد أين هو، ولا ماذا يفعل، ولا ما الذى يمارسه بالضبط، كمستشار لرأس الدولة!

هل هكذا كان يتصرف حافظ إسماعيل، مثلاً، عندما كان مستشاراً للسادات للأمن القومى؟ وهل كان يمر شهران.. شهران كاملان.. بينما حافظ إسماعيل فى مكتبه المغلق عليه، ساعات الليل والنهار؟!

أخشى إذا دام هذا الحال أن يأتى وقت نخاطب فيه السفيرة أبوالنجا، أو اللواء جمال الدين، ونحن نقول: اظهر وبان.. أيها المستشار.. وعليك الأمان!

عن المصري اليوم

اخر الأخبار