والدته ما زالت تمسك بألعابه وتحتفظ بحقيبته المدرسية بالرغم من مرور 100 يوم على استشهاده

تابعنا على:   18:19 2014-12-24

أمد/ غزة- مي قنونة: ما تزال والدة الطفل محمد أبو شماله الذي لم يتجاوز عمره التسع سنوات والذي استشهد مع عمه وجده في مخيم البريج بتاريخ 29-7 في العدوان الهمجي التي شنته قوات الاحتلال على أبناء شعبنا في قطاع غزة تنظر إلى العابة وملابسه ومكان نومه  وحقيبته المدرسية فلا تتمالك نفسها وتبكي من شدة الحزن على فراقه بالرغم من مرور أكثر من 100 يوم على استشهاده

الطفل أبو شماله كان يتصف بالبراءة والحيوية والمرح  ومحبوب الجميع يتكلم بقلبه قبل لسانه حنون القلب هادي الطبع لا يمكن أن  يؤذي أحدا يلعب بطفولته البريئة مع أخواته وأولاد عمه هذا ما وصفته والدته  أسماء التي أصيبت بجراح بعد استهداف طائرات الاحتلال لمنزل سلفها أنيس أبو شماله رئيس بلدية البريج والذي أدى إلى استشهاده مع والده وابن شقيقه وإصابة أكثر من 27 من أفراد العائلة التي كانت ملتجئة عنده خوفا على حياتهم من القصف العشوائي من قبل مدفعية الاحتلال

وتضيف والدة الشهيد الطفل محمد والدموع تترقرق من عينها متسائلة ما ذنب دلك الطفل هل له بالقتال هل له بضرب القنابل هل له برمي القذائف  ؟

وتعاود الوالدة المكلومة وصف فلذة كبدها محمد قائلة : أنه ملاك من ملائكة الله أدعو العلي القدير أن يجمعنا معه في جنات الفردوس الأعلى  لأنه عصفور من عصافير الجنة

وعندما سألت الأم عن أسباب الجريمة روت مشاهد تلك الليلة الفظيعة التي لا يمكن أن تنساها ..... وقالت أن أفراد أسرتها كانت تسكن وسط المخيم  ولكن نظرا للخوف والهلع وخوفا على حياة أطفالها من القذائف العشوائية التي كانت تنهمر على منطقتها اضطرت لمغادرة منزلها  على اعتقاد أن منزل سلفها أكثر أمنا وبعيدا  عن قذائف الاحتلال

وأكدت أنه بعد أن سكنا المنزل اتضح لنا بما لا يدعو الى الشك أنه لا يوجد مكان أمن والكل مستهدف !

وتروي الوالدة المكلومة أم الامير قائلة : أنه عندما اشتد قصف الاحتلال للمنطقة اضطروا للنزول إلى الملجئ أسفل المنزل وأيضا على اعتقاد أنه سيحميهم

وتضيف في تلك الليلة المشئومة وبالتحديد  الساعة السادسة مساء بدء ضرب المدفعية فإذ بالجميع يذهبون الى البادروم بحجة انه أمن فجلس الجميع في الداخل (داخل البادروم) وكان متواجد معنا سلفي الشهيد أنيس  وزوجته وأولاده ومعهم والده عبد الرحمن وزوجتة بالاضافة إلى أولادي الستة  وعدد من أفراد العائلة

وتصمت الوالدة وعلامات الحزن بادية على وجهها قائلة فجأة.... رن  جرس الهاتف الساعة الثانية منتصف الليل فردت  (إيمان) ابنة  الشهيد أنيس عليه وكان رد المتصل والذي ادعى نفسه خالد وسأل عن والدها  فقالت له أنه نائم (علما انهم جميعا كانوا في ذلك الوقت يحدثون ويتلون آيات من كتاب الله)سألت اذا كان بإمكانها مساعدته فقال المدعو خالد بخوف وبلهفة (هل لنا ان نلتجئ عندكم )فقالت له البنت بطيبة وحسن نية انتظر حتى أحكي لوالدي ولم تكن البنت تعرف أن المتصل رجال مخابرات فذهبت البنت إلى والدها وأخبرته بما دار معها من حديث  ولكنه لم يهتم بالأمر حتى لا يدخل الخوف على المتواجدين لان الساعة كانت متأخرة وهناك خوف كبير في حالة خروجهم من المنزل

وتستذكر الوالدة أم الامير تلك اللحظات الصعبة موضحة أن طفلها كان يضحك بطريقة غريبة وبصوت عالي هو وأولاد عمة فيقوم محمد من مكانة الى حضني ليقول لي :أمي لقد اشتقت لجدتي وذكر ذلك الكلام مرارا وبعد ذلك يقول لي أنه سوف يستشهد ويذهب للجنة ويسألني (ماما مش الواحد بالجنة يأكل ويشرب )فتجيبه الأم نعم يا ماما تم يرجع ويقول انه قد اشتاق لجدته  فتصرخ امرأة  العم في الطفل في ذلك الوقت لأنها شعرت  بالخوف من الكلام  الذي يقوله

وبنوع من الحنان وضعت الأم أطفالها بجانبها (محمد ورؤى وملك )على يسارها (وليان وأمير وبراء )على يمينها وفي تلك الاوقات قاربت  الساعة الثالثة منتصف الليل و بعد قراءة آيات من كتاب الله و بعض الأدعية نام الجميع إلا أنا بقيت مستيقضة شاعرة أن مكروها سيحدث وأغمضت عيني لبرهة من الوقت فرأيت في المنام طفلة صغيرة بلباس ابيض تأتي من اليسار تريد ان تسلم عليها فرفضت الام ان تسلم على الطفلة وفتحت عيناها ورأت الطفلة أماها وكأنها تعيش معهم وأحست بعد ذلك بالخوف فجلست تدعو الله وتقرأ القرآن حتى الساعة الرابعة فجرا

وفجأة تسكت عن الكلام وتبدأ الدموع تتساقط من مقلتيها وتقول  حدث الويل وأصبح كل شيء رماد وجثث تتطاير وقمت وأنا مصابة وبين الركام أبحت وأفتش عن أولادي وسمعت صوت صراخ بعضا من أطفالي واتجهت نحو الصراخ وحاولت إنقاذهم من ذلك المكان إلي مكان أخر أمن وذهبت بعد ذلك إسعاف طفلتها  ملك التي تحركت من مكانها معلقة الأرجل وتصرخ من الألم ويأتي الجيران الذين هرعوا لإنقاذنا من تحت الركام وأخرجونا للشارع والى منازلهم لحين وصول سيارات الإسعاف وفهمت أنا المنزل استهدف بطائرات الاحتلال وحول إلى ركام

وبعد دقائق حضر زوجي والذي كان تلك اللحظات  في حالة يرثى لها وهو فاقد الأمل من حياه أحدنا وهو في تلك الأوقات كان يعمل لدي الخدمات الطبيه العسكرية  وعندما وجد ابنته ملك انقدها وساعدها وأنا بقيت أفتش وأبحت عن ابنتي الصغرى رؤى وولدي محمد فوجدته شهيدا و جسد بلا روح  وقالت بنوع من الحزن والالم استشهد محمد ورفعت يده إلى السماء قائلة (اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها)

 وفي نهايه حديثنا ذكرت الأم أسماء أن ابنها محمد رحمة الله وادخله فسيح جناته وعندما سألت عن دور حقوق الإنسان أجابت بحزن واستياء أنهم لم يفعلوا لها شي ولم يساعدوها بشيء هنا غزة ...هنا ارض ارتوت بدماء الشهداء

اخر الأخبار