رسائل الرحيل الاخير ...

تابعنا على:   11:46 2014-12-22

عيشة الزقزوق

كم كان موتك موجعاً يا"ابو هشام "
عام من الان مضت بدونك.. بدون ضحكتك .. بدون حبك .. بدون مزحك.. بدون مناكفاتك
ياالله ..
استذكر ذلك اليوم الاخير لك بهذه الحياة .. انتابتني حالة من القلق وعدم التركيز وهاتفني شوقي اليك ..وقال انك لست بخير رغم انك كنت على مايرام ..سارعت بالاتصال للاطمئنان عليك في ساعة متأخرة من الليل ..حاول اخي ان يزيل خوفي ببعض من الكلمات المبعثرة اللامفهومة ..تأكدت انك لست بخير

وبالفعل في تمام الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل استيقظت وقلبي ينتفض من مكانه ..وصورتك كانت امامي (كنت لا اصدق هذه المشاعر عندما اجدها بأفلام السينما)...وعندما سمعت صوت هاتفي شعرت وكأن روحي خرجت من جسدي..وبالفعل خانتني قواي ولم استطع الرد على من يهاتفني ..وتحدث زوجي مع اخي ..وحاول ان يخفي عني الخبر
ولكن هيهات ...
هذه روحي التي فارقتني كانت روحك يا ابي..وقتها شعرت ان كل مايحيط بي هو كذب ...
حضر جسدي الى مكان مرقدك لكن روحي لا زالت تفارقني..ودعت جسدك ومازلت روحك تسكن ذكرياتي ...ومنزلي ..ومكانك الذي يأبى ان تفارقه رائحتك ...
أبي اود ان اخبرك ماحدث لي يوم ان ذهبت لاراك جثة هامدة ..لاحراك فيها
في عيني توقفت الأرض عن الدوران ...ساكنة تقف في خنوع
...أصمت الحداد هو أم صمت الذهول؟؟
أنتبه لأجد أن الحركة مازالت تدب في الشوارع والضحكات تمزق قلبي قبل أذني ..لماذا لم تنكس قلوب العالم أعلامها حزنا على رحيل أبي ؟؟ لماذا لا يشاطرني الكون سترة السواد؟
ألا يقف عقرب الساعة دقيقة حداد على أب فارقني في لحظات ؟
اقتربت يا أبي لترحل ...
رحيل يقبر أحلامي ...
حدثتني عن الكثير ولكنك أبدا لم تحدثني عن الرحيل
لم تضع لي الخطط والتدابير التي احتمي بها من ويلات غيابك
علمتني أن امسك بدفة سفينتي وألا اعتمد عليك لأنك على حد قولك " مش هتعيشلي طول العمر " إلا انك لم تعلمني كيف امسك بدفة السفينة حين تعبث بشراعها أنواء وفاتك
برحيلك انتقل قلبي ليسكن حي مقبض يعج بالأحزان والمخاوف فلا أجد في الأفق ما يبشر بحنان يشبه حنانك
فأين هي كلماتك التي تشحذ العزائم وتجفف الدموع التي يسيلها اليأس
أين غضبك الذي تليه عطاياك
أين لومك الذي يتبعه ضحكك
أحجم النوم عن زيارتي
وجادت عيني بعبرات محرقة واحدة تلو الأخرى علها تطفئ نار القلب.
أبكيك أبا وصديقا
كنا أصدقاء يا أبي ولم أدرك ذلك إلا اليوم.
كثيرا ما انكرت صداقتك وادعيت أن شدتك تحول دون امتداد جسور الصداقة بيننا
إلا أنني الآن فقط أدرك واعترف بأننا كنا أصدقاء وهي الحقيقة التي لم نصرح بها أبدا
افتقد أحاديثنا ..افتقد الأوقات التي قضيتها بجوارك في أسفارك الكثيرة
افتقد اختلافنا واتفاقنا
افتقد صوتك
افتقد حتى براكين غضبك
افتقد رعايتك يا أبي
افتقدك بشدة
لا تكاد تمر دقيقة إلا ويعتصر الحزن قلبي
راضية أنا بقضاء ربي إلا أن الحزن يغلبني ويقهر ما تبقى في قلبي من صبر.
وإذا تصادف وانتصر علي النوم , ففي أحلامي لا تهدأ أحزاني.
وكأن أصوات الرصاص تدوي في قلبي لتعصف بأي أمل في أن يسكن الهدوء عقلي ولو للحظات
وكأن قسوة الفراق تأبى إلا أن تلقي بظلالها على ارض أحلامي
وكأن حياتي صارت مكبلة بأصفاد الحزن.
وبكائي الحار يغلبني ليغرقني في بئر من الجمر المتقد.
ففي عقلي الاستعراض إجباري وكأن الأفكار تتزاحم لاهثة كأنها في سباق ... وذكريات لا أول لها من آخر تحاصرني وتغتالني في كل لحظة ...
هل حقا رحلت يا أبي أم كل هذا محض خيال؟

اخر الأخبار