هل هو إستجلاب لردود أفعال ؟

تابعنا على:   02:05 2013-11-20

توفيق أبو خوصة

وصلت إلى مكان الحادث الإجرامي الذى تعرض له عضو المجلس الثوري لحركة فتح د.سفيان أبو زايدة صباح أمس بينما كان مسرح الجريمة على حاله ، سيارته تم استهدافها بأكثر من عشرين رصاصة أطلقت عن قرب طالت الأبواب والشبابيك والإطارت لتظل شاهدة على جريمة تتجدد وتبشر بأن الإرهاب الداخلي قد دخل منعطفاً جديداً ، نعم هنا مكمن الخطورة أن يصبح الحوار بالرصاص بدل الكلمات ، وتحتل البنادق مكان الأقلام والألسنة ، إن التجرؤ على إطلاق النار على السيارات والممتلكات لن يتوقف هنا ، و مخطئ من يظن أنه قادر على سحب الرصاصة الأخيرة من بيت النار ، إذا إمتلك القرار بأن يطلق الطلقة الأولى ، نعم أي تافه أو عديم الخلق أو مستغل للنفوذ بإمكانه أن يقرر على من يطلق النار في التوقيت الذى يناسبه ، ولكنه لن يكون صاحب القرار الأخير إذا فتحت جهنم أبوابها ،، وهناك جهات و أطراف عديدة  على أهبة الإستعداد لإلقاء ما تيسر من الحطب فيها وسكب المزيد من البنزين عليها لتزداد النار إشتعالاً لتحرق الأخضر واليابس ،،،
انها جريمة بشعة ترقي إلى مستوى الخيانة العظمى ، ليس في مدلولاتها الأولية بل في نتائجها المتوقعة أو أحد سيناريوهات تطورها غير المستبعدة بالعقل والمنطق ،نعم قد يرى البعض أن إطلاق النار على سيارة أبو زايدة مسألة لا تستحق التوقف أمامها !! كما البعض الآخر يرى أن الأمر طبيعي في ظل الخلافات الداخلية والإحتقان التنظيمي في حركة فتح الذى تصر القيادة على تجاهله ودفن رأسها في التراب أو بالقز عنه في الهواء والهروب للأمام !! ويذهب أخر ليقول جماعة الرئيس أخذت قرارها بحسم المعركة ضد أنصار دحلان بكل الطرق والدم على الطريق ؟
لكن الشعور الذى راودني فجأة وأنا أنظر للسيارة والثقوب فيها وزجاجها المحطم يفترش الأرض ، دفعني للتساؤل ماذا لو كان الفدائي والأسير والمناضل والوزير السابق د . سفيان أبو زايدة والخبير في الشؤون الإسرائيلية الذى يتحدث العبرية بطلاقة يحمل صفة مستوطن إسرائيلي وحدث معه ما حدث مع أبو زايدة فى رام الله ، كيف ستتصرف الأجهزة الأمنية الفلسطينية ؟ ونترك لكم الجواب ،، علماً بأنها حتى لم تكلف هذه الأجهزة نفسها عناء الحضور إلى مسرح الجريمة أو حتى الإستفسار عنها باستثناء مرور رجلي شرطة في المكان بناء على استدعاء شخص من العاملين في النادي ، والسؤال هنا ألا يثير ذلك علامات إستفهام كبيرة حول دور ومسؤولية أجهزة الأمن ؟
وهنا لابد من الإشارة إلى أن عضو المجلس التشريعي ماجد أبو شمالة أيضا قد تعرضت سيارته لصليه من الرصاص قبل أسبوعين فقط للمرة الثانية في منطقة تسمى " مربع أمنى " في حي الطيرة يحظى بعناية أمنية فائقة ، ولم يحرك أحد ساكناً من أجهزة الأمن الفلسطينية وظل الأمر طي الكتمان ، لكن الخطير في الأمر أن منفذي هذه الجرائم الحقيرة يشعرون بأريحية عالية وثقة غير عادية في تحركاتهم ودخولهم وخروجهم من مسرح الجريمة وهو في كل الحالات مغطى بشبكة من الكاميرات الحساسة جدا التي تحصى على الناس أنفاسهم وترصد كل حركة للناس والسيارات وحتى الكلاب الضالة ، مما يقود إلى إستنتاج بأن هناك من لايريد الكشف عن هذه الجرائم لحسابات لا يعلمها المواطن الذى يهمه توفر الأمن و الأمان .
لكن في ظل الحالة الملتبسة عمداً ، هل هناك من يدفع بقوة وغباء من إجل إستجلاب ردود فعل في هذه الحالات لغاية في نفس يعقوب ؟ أم أن تمسك الناس بمواقفهم والدفاع عن آرائهم والثبات في الرمال المتحركة باتت مسألة لاتحتمل من ضيقى الصدر وعديمى الرؤية ؟ أو شعورهم بفشل سياسة يا توافق .. يا تنافق .. يا ترحل ،، واللافت غياب صوت اللجنة المركزية لحركة فتح ، والحكومة لا حس ولا خبر ، أم الرئاسة فلا تعليق ، والسؤال لماذا هذا الصمت المريب ؟؟
تحت كل الظروف الساكت عن الحق شيطان أخرس ، ولا يجوز السكوت عن مثل هذه الجرائم الخسيسة ، وهى مدانة ومرفوضة بأقوى العبارات ، جيد أن المجلس الثوري أصدر موقفاً واضحاً يستهجن ويدين ويحذر مما جرى ، ولكن هذا لا يكفى ، كما أن الفصائل والقوى السياسية والمجتمعية قد إبتلعت ألسنتها وجفت أقلامها وغابت بياناتها ، وكأن الأمر لا يعنيها بإعتبار أن هذه المشكلة داخلية في حركة فتح وفي النهاية " فخار يكسر بعضه " في حساباتهم القاصرة ، مع أن القضية لها تداعيات خطيرة على السلم الأهلي والأمن المجتمعي والحريات العامة والخاصة ومبدأ سيادة القانون والممارسة الديمقراطية ، ليس مطلوباً من أحد أن يدافع عن النائب محمد دحلان وأنصاره بمقاييس البعض الخادعة ، بل المطلوب أن تدافعوا عن أنفسكم أولاً و أخيراً ، وفقط نذكر هنا بالتجربة المريرة في غزة كيف بدأت وإلى أين إنتهت ، وليدرك الجميع أن البلاء عام والرحمة تخصص ، لذلك فإن التصدي لمقدمات الفتنة الملعونة وهى في مهدها أفضل مليون مرة من معالجة نتائجها .

اخر الأخبار