
واشنطن ..لقاءات لا تبدو مجدية
كتب حسن عصفور / أعلنت الإدارة الأمريكية رسميا عن لقاء سيتم في واشنطن بين نتنياهو وأوباما ، عقب تسليم دعوة خاصة للأول من الثاني بواسطه اليهودي – الإسرائيلي رام عمانويل ، كبير مسؤولي البيت الأبيض ، فيما تناثرت أقاويل عن دعوة للرئيس الفلسطيني عباس لزيارة واشنطن في ذات التوقيت لزيارة نتنياهو ..
وبداية من الشكل تبدو المعاملة ليست سوية ، بل لا تشير لبعض من الأسلوب الديبلوماسي الإيجابي والمفترض وجوده عند التعامل بين الطرفين ، وأن تتم الدعوة بالتماثل ' الشكلي' للرئيس عباس ونتنياهو ، كي تمنح الطرف الفلسطيني ، على الأقل ، راحة نفسية في حال الذهاب وعدم الاكتفاء بمهاتفة أو حوار مع هذا وذاك من المسؤولين الأمريكان ..
وكي لا يبقى ' الشكل ' هو المشكلة ، رغم أهميته الكبيرة ، فالزيارة أو الدعوة أو الاستدعاء لطرفي الصراع لواشنطن تأتي في سياق محاولات ' تبيض ' الصورة السياسية للمحادثات التي تتم بين الطرفين ، بواسطة أمريكية فيما يسمى ' تفاوض غير مباشر ، يبدو أن ما يطرح من أسئلة أمريكية يفوق ما يسمعه من أجوبة حتى تاريخه ، مع تسرب أن القضايا قيد التركيز تتعلق ببندي الحدود والأمن ، مستبعدة القدس ، في هذه المرحلة ، كي لا تضع نتنياهو في حرج سياسي علني ، وبالتالي تناول مسألتين يتم تناولهما دون ضجيج ، خاصة وأن مسألة الحدود تتضمن موضوع المستوطنات فيما يعرف بقضية التبادل الجغرافي ، وهي المسألة التي لا يوجد ' خلاف ' عليها من حيث المبدأ ، بل الخلاف يكمن في نسبة التبادل ، إذ تتراوح عند الإسرائيليين بين 6.5% - 12% دون حساب القدس و'الأراضي المحايدة 'منها ، وهي لعبة مبكرة تقوم بها إسرائيل ، بينما يترواح الموقف الفلسطيني بين 2- 3% ضمن صيغة القيمة والمثل ( رغم صعوبة تحقيق المثل هنا ) ..ولعل الطرف الفلسطيني متسمك كما كان سابقا بطرح موضوع ما يعرف بالأراضي ' المحايدة' السيادة ( نو مانز لاند) تحديدا في منطقة اللطرون والقريبة منها ، وبعض أراض في القدس المحتلة ، خاصة أن إسرائيل باتت تتصرف وكأنها خارج سياق التفاوض ..
بينما ينطلق موضوع الأمن من رؤية أمريكية سبق أن قدمها مستشار الرئيس أوباما للأمن القومي ، التي تستند إلى وجود ' قوات دولية قوامها من حلف الناتو' في الأراضي الفلسطينية وقرب الحدود مع إسرائيل ، وهي الرؤية التي لم تجد قبولا إسرائيليا في حينه ، لكنها لا تزال على طاولة البحث حتى الزيارة الأخيرة لميتشل ، ويبدو أن هناك تقاربا فلسطينيا معها بنسبة كبيرة ، ما يمنح ' تفوقا نسبيا تفاوضيا' للطرف الفلسطيني في هذه القضية ..
ومع المؤشرات الأولى من زيارة ميتشيل يتضح أن إسرائيل تريد أن تقوم بلعبة سياسية جديدة ، تحاول من خلالها استبدال ' الشكل غير المباشر' إلى ' شكل مباشر' وهو ما طالب به نتنياهو وفريقه ، ولعل ما يساعدهم في ذلك الوضع الحرج للرئيس الأمريكي أوباما وحزبه في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي ، ولذا فليس مستبعدا أن تكون دعوة نتنياهو وعباس لواشنطن ، وترتيب لقاء ثلاثي شكل من أشكال الترضية التي يبحث عنها الفريق الإسرائيلي ، وكسر حدة الموقف الفلسطيني في رفض أي ' لقاء تفاوضي مباشر' ، ما يعني استقواء إسرائيليا جديدا على الطرف الفلسطيني ، ولعل اللقاء الأخير الذي فرضه أوباما في العام المنصرم دليل على عدم جدوى أي لقاء مع نتنياهو في هذه المرحلة السياسية ، وقبل أن تتضح معالم المشهد السياسي التفاوضي من مختلف أبعاده ومكوناته الرئيسية ، بما فيها مسألة القدس المحتلة ..
ليس مطلوبا من الطرف الفلسطيني ، مهما حدث أو تم الطلب منه من أطراف مختلفة، تقديم مثل هذه ' الهدايا المجانية' لواشنطن ومن ثم تل أبيب ، لربما العكس هو ما يجب أن يحدث ، أن تقدم أمريكا وإسرائيل خطوات ملموسة للطرف الفلسطيني كـ'حسن نوايا جادة ' كي يشعر الفلسطيني مواطنا ومسؤولا أن هناك ' قيمة ' لما يتم أو يحدث على المسار السياسي .. مبكرا نقول ' اللقاء الثلاثي ' لو حدث سيكون هدية مجانية لنتنياهو ولا سواه .. ويجب ألا يدفع الفلسطيني ثمنا لوعود أوباما ليهود أمريكا .. وحسابات داخلية لما يسميه برنامجه الإصلاحي ، فقضية الشعب الفلسطيني أسمى من مساومات يهودية أمريكية ..
ملاحظة : التوتر الروسي الإيراني ، هدية نجادية لواشنطن ، وخطوة كبيرة لمزيد من حصار شديد .. الحماقة أحيانا موهبة ..
تنويه خاص : متى تتوقف حملات ' التكفير' الجارية بلا حساب في بلادنا .. وما سر نشاط تروجيها هذه الأيام ومع تصعيد سياسي عسكري في منطقتنا .. أهي تلاعب أم تلعيب ..
التاريخ : 27/5/2010