ظاهرة دحلان وتاريخ فتح

تابعنا على:   19:35 2014-12-17

سميح خلف

من يدرك تاريخ فتح لا يصعب عليه فك الشفرة في الصراع المحتدم منذ سنوات بين عضو اللجنة المركزية محمد دحلان ومحمود عباس رئيس السلطة وفتح معا، ففتح ومنذ انطلاقتها وبوجود رجالها الاقوياء والتاريخيون لم تخلو من الصراعات والتوازنات بين تياراتها الفكرية التي كان النظام والتوجه والمنطلقات هي نقطة الجمع بينهم لا الطرح، بل توزيع الادوار اقليميا هو من ساعد نسبيا لحفظ ديمومة اطرها.

لا اريد هنا ان استرسل تفصيليا بما حدث بين تيارات فتح وكيف تم اقصاء او استئصال بعض الطاقات والقيادات فيها على مدار تاريخها، ولكن اود ان اشيرلبعض المحطات الهامة في تاريخها ، والتي تتلخص في اطروحة ابو الزعيم في تجييش الحركة وما تلاها من النقاط العشر والحل المرحلي وظواهر الفساد السلوكي والسياسي والامني التي دبت في اوساط فتح الثورية الى الاجتياح الاسرائيلي الى جنوب لبنان وتقاعس بعض القيادات في مواجهة العدوان والانسحاب بدون مواجهة الى اطروحات ما يسمى القرار الوطني المستقل.

تلك محطات واضحة في مسيرة فتح وقفزا عن محطات منذ السنوات الاولى من تأسيسها وخروج بعض مؤسسيها واللجوء الى تشكيل فصائل جديدة او الاعتزال.

اذا لم تكن حالة الاقصاء واشد منها فتكا هي وليدة سلوك مرحلة فقط من مراحلها ولكن مع كل جديد مرحلي او برنامج جديد كان هناك الاصلاحيين والديموقراطيين واليسار وكان بالمقابل حكم الفرد وتأليهه لاحتكامة على السلطة والثروة والامتداد الاقليمي الذي يتناغم مع برنامجه السياسي. وكما قال اخينا عباس زكي ان الموالاه لمن يمتلك القرار ومعها قرار المخلاة

في كل المراحل كانت سياسة الفرد هي الدافع لتحديد خيارات مع من يتناقضوا معه او مع سياسته او مع برنامجه او مع سلطاته، ولكن وكما ذكرت ان توازنات خلقت في اطر فتح من رجال اقوياء الى ان عمل العدو الاسرائيلي للتدخل في احداث خلل فيها عن طريق الاغتيالات التي اصابت اكثر من 7 من لجنتها المركزية والعديد من كوادرها المتقدمة .

من هنا وفي اختلال توازن المعادلة، بدأت تدريجيا وزمنيا ان يفرض لون واحد ونهج واحد ورؤية الفرد على برنامج فتح ودخولنا بعملية برنامج السلام مع اسرائيلبما يتنافى مع الاهداف والمباديء والميثاق الوطني.

وان اختلف الاشخاص والرؤى باختلاف فالمشهد واحد لتغول في سياسة الفرد وفرض هيمنته على اطر فتح وقرارها واقصاء لكل من يخالف واسقاطات للبعض مالية وسلوكية لكي يبقى ذليلا تحت هيمنة الفرد وقراره، لم يكن هناك يوما حكم لمؤسسة او قضاء اوقانون فالقانون في يد الفرد يصيغه وقتما يشاء ويمحو جمله وقتما يشاء.

في السلم التاريخي لمراحل فتح تاتي ظاهرة محمد دحلان كاحد مركبات الصراع التاريخي داخل فتح بين الحق والباطل وبين الاصلاحيين والفساد وادواتهم، وفي مرحلة هامة شتت فيها فتح وتبعثرت كل المعادلات الوطنية، ففتح بالنسبة للرئيس عباس هي فتحه وهذا ما ردده في احد كلماته امام الجميع ومن لا يعجبه ان يخرج..؟؟؟ وكان المقصود دحلان ومناصريه في المجلس الثوري، وما تفوه به احد الاعلاميين المقربين من عباس قبل ايام في برنامج عالمكشوف وحول مأمرة مزعومة على الرئيس.

ظاهرة دحلان هي امتداد طبيعي لنضال الاصلاحيين في في فتح، ولكن دحلان من الذكاء الذي لا يوقعه في مثل اخطاء الاخرين التي حددت ممراتهم لكي ينشقوا، فدحلان متمترس في قلاع فتح لانه يحمل رؤية الحق وحكم المؤسسة والقرار الجماعي ضد الهيمنة التي يمارسها السيد عباس، ففي اكثر من حديث له فانه يرفض فكرة الانشقاق جملة وتفصيلا ومن هو الذي يستطيع الحفاظ على ارث فتح النضالي اذا خرج الاصلاحيين كما حدث مع الاخرين...؟؟

طلقات السيد الرئيس ضد دحلان هي طلقات فاشنك فارغة لن تؤثر على تطور القاعدة وازديادها المطالبة بالاصلاح وانهاء حقبة حكم الفرد، ومهما هاجم الاخرين مؤتمر رشاد الشوا الذي جمع الالاف على مائدة الاصلاح ووجوب نهاية سريعة لسياسة الاقصاء والاستئصال لقيادات فتح من غزة او تهميشها، فزمن الاستفراد قد ولى ومحمد دحلان ليس بحاجة للانشقاق وهو قادر عليه.. ولكن كما قلت ان ايمان محمد دحلان بان الاصلاح يجب ان يكون من عمق فتح وتاريخها والمحافظه عليه هو من اهم اولوياته، فالمؤتمر السابع الذي يعد له عباس سيكون ناقصا شكلا وموضوعا ولن يعبر عن تمثيل حقيقي لقوى فتح وتياراتها وستؤكد الايام القادمة بان ظاهرة دحلان لا يمكن القفز عليها عندما تتحول من ظاهرة تنظيمية الى ظاهرة شعبية تنادي بالاصلاح وانهاء تغول سياسة الفرد على الواقع الحكري والوطني

اخر الأخبار