
تل أبيب – القدس خديعة ' المصطلح'
كتب حسن عصفور / قبل سنوات ليست بعيدة لم يكن أي مسؤول دولي ممن لا يعترفون بالقرار الإسرائيلي بجعل القدس عاصمة لدولتهم بعد عدوان 1967 واحتلال بقية القدس ،يجرؤ بالذهاب هناك ولقاء أي مسؤول إسرائيلي بها .. كانت كل اللقاءات الرسمية تتم في تل أبيب باعتبارها عاصمة الدولة الإسرائيلية ، وكان هذا الموقف تعبيرا سياسيا والتزام بعدم اعتراف العالم بالضم والاحتلال وفرض العاصمة بقوة السلاح ..
كانت تلك المواقف بعضا من العمل السياسي الدولي ضد السياسة الإسرائيلية الاحتلالية ، ولم يقتصر الأمر على عدم القيام بتلك الإجراءات الدولية كاعتراض على موقف دولة الاحتلال ، بل إن كثيرا من الدول أصرت على فتح قنصليات لها خاصة بالعلاقة مع الفلسطيني مؤسسات وإنسان وقضايا ، قنصليات لها مكانة خاصة كتعبير عن الرفض الدولي للموقف الإسرائيلي ، وكانت واشنطن إحدى تلك الدول التي تحتفظ بهذا الحضور ، رغم أنها كانت تتعامل بتمييز غريب ربما سياسي أو لسبب آخر بين سكان قطاع غزة وأهل الضفة الغربية ، حيث اعتبرت سفارتها في تل أبيب مسؤولة التواصل مع قطاع غزة وقنصليتها الخاصة في القدس عن سكان الضفة الغربية ..
وكانت الرسائل الإعلامية والتقارير الصحفية تصدر مقرونة بتل أبيب كمؤشر على كونها العاصمة للدولة الإسرائيلية ، موقف استمر عشرات السنين منذ قيام إسرائيل على 78% من أرض فلسطين التاريخية ، لم يتغير ، حساب دقيق من كل وكالات الإعلام الدولية باستخدام ' مصطلح ' كان هو بذاته موقفا سياسيا ، وليس كلمة بذاتها .. استخدام تل أبيب كمؤشر هو تواصل مع الموقف الدولي برفض اعتبار إسرائيل القدس عاصمة لها بعد حرب الـ1967 وما نتج عنها من احتلال وسيطرة وضم ..
ودون انتباه وفي حالة سهو سياسي ، يصيب البعض العربي والفلسطيني ، بدأت المسألة تأخذ منحنى سريعا جدا نحو ' تطبيع' العقل العام تجاه اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل دون قرار علني بذلك ، وللأسف أن بداية التسلل السياسي والإعلامي كانت بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية ، وتغافل البعض الفلسطيني تلك الحدود التي كانت تمنع بالمطلق الإشارات للقدس كعاصمة لإسرائيل ، بدأ التسلل عبر بعض وكالات الأنباء الدولية ذات المكانة العالمية ، فيكتب الخبر ، إسرائيل – القدس ، ويطير ليصبح مادة إلزامية في النشر ، عملية قرصنة إعلامية بامتياز شقت طريقها دون ضجيج وبلا أي قرار علني ، استفادت إسرائيل من ' وكالات الأنباء العالمية' لتمرر مخططها ' التطبيعي' بتكريس القدس عاصمة لها بطرق غير سياسية مباشرة ، حتى باتت وسائل الإعلام العربية جميعها تنشر دون تدقيق ما يبث لها ' إسرائيليا ' بوعي كامل ويتم النشر بجهل وغباء كامل ..
وترافق مع عملية ' القرصنة الإعلامية ' هذه مع بداية حدوث ' اختراقات مؤثرة بعقد لقاءات سياسية في القدس الغربية ، باتت لاحقا فعلا دائما وتم نسيان ' المقاطعة السياسية' لمثل هذه الأفعال المتناقضة مع الشرعية الدولية ، فرغم عدم اعتراف العالم رسميا بالقرار الإسرائيلي ، إلا أن إسرائيل نجحت وبشكل كبير بإزالة كل حواجز المقاطعة السياسية لها .. ولعل المأساة بدأت عندما استخف البعض الفلسطيني بما كان قرارا دوليا مؤثرا وبات يذهب إلى القدس الغربية ويلتقي بالإسرائيلي داخل مكاتبهم الرسمية ، وهو أول فعل يكسر المقاطعة ، عمل لم يكن محكوما برؤية القيمة المهمة في ' طبيعة القرار الدولي ' ، فعل فلسطيني لا يقيم وزنا لخطوة شكلت ' انحرافا' خطيرا في مواجهة الموقف الإسرائيلي .. وكان ما لا يجب أن يكون .. حيث تحولت دفة اللقاءات الدولية والعربية والفلسطينية حيث مكاتب رسمية للمسؤوليين الإسرائيليين ..
البعض ، وكما هو الحال كثيرا ، يستخف جدا ببعض الرموز السياسية ، ويحاول ' التذاكي ' بعقلانية ' بلهاء نتيجتها ما وصل إليه الحال الفلسطيني ..
تجاهل البعض لمخاطر التنازل المجاني عن رموز سياسية كانت تشكل ضغطا دوليا على حكام إسرائيل ، سبب في الاستهتار الإسرائيلي بالموقف الفلسطيني .. ورغم أن الكلام الآن حول هذه المسألة قد لا يغير ' واقعا مكتسبا' لإسرائيل ، ولكن ليفكر البعض على الأقل في الحد من ضرر ما كان له أن يكون ..
تذكروا ، على الأقل ، إعلاميا وسياسيا منذ اليوم أن تل أبيب هي العاصمة وليست القدس .. لا يلتقي مسؤول فلسطيني ، مهما كانت مكانته، بأي إسرائيلي بمكتب رسمي هناك .. قليل من الفطنة يكسب الاحترام ... تعلموا مما يحدث .. أعيدوا الروح لمقاطعة التعبير الإعلامي ، واللقاء السياسي بعيدا عن القدس ... ربما يحترمنا العالم عندما نرفض المخطط الإسرائيلي في القدس الشرقية .. ربما .. ربما رغم الصعوبة ..
ملاحظة : خطاب حماس السياسي مؤخرا ينحصر في عبارات ثلاث : لقاء مشعل – عباس ، صفقة شاليط لم تفشل ، التهدئة مصلحة وطنية عليا .. غريبة هذه القوى باستبدالها الأولويات ..
تنويه خاص : التحركات العربية الأخيرة تفتقد تناغمها .. بها موسيقى نشاز .. ما هو مصدره .. لنبحث ونعالج ...
التاريخ : 18/1/2010