تركيا المصالح والانتماء ..

تابعنا على:   19:20 2014-12-15

 كتب حسن عصفور / أحسنت الحكومة التركية الحالية ، كما ليس غيرها من الحكومات السابقة ، في قراءة المصلحة ' القومية التركية' وحددت مساراتها بشكل غير مسبوق في النظام السياسي التركي ، إذ أعادت البعد الإسلامي لاستراتيجتها الجديدة منذ فوز ' حزب العدالة والتمنية ' برئاسة أردوغان ، مدركة خير إدراك أن هذا البعد سيكون التميز والتمايز عن أي دولة أطلسية ، أو أوروبية كما الكثير من بلاد حولها ..

هذا الركن الأساس للدولة التركية في عهدها الأردوغاني ، مثل قوة وفعل للتفاعل الحيوي مع محيط عربي – إسلامي يبحث عن ' زعامة حيوية' بعد أن فقد الخالد جمال عبد الناصر والزعامة المصرية الفعلية ، وهو ما كان يمكن لإيران يوما أن تستفيد منه لكن ' طائفيتها ' و'فارسيتها' أضعفتا أي بعد حقيقي لتلك المسألة ، رغم تحالفها المباشر مع قوى ' الإسلام السياسي' والمكانة المهمة تاريخيا لحزب الله عربيا وإسلاميا ، لكن النهج العام للدولة الإيرانية كان يتصادم كثيرا مع ' المصلحة القومية العربية' بشكل مباشر ، بعضها تواصل الاحتلال غير المشروع لجزر الإمارات الثلاث ورفض كل منطق تحكيمي ، وكذا الإصرار على ' البعد الفارسي' للخليج العربي إلى جانب الطامة الكبرى والتي لن تغفر يوما لها ، دورها التآمري في احتلال العراق أمريكيا والعمل على ترسيخ ' الطائفية' أساسا للحكم ونهجا ، كما حلم يوما بنو صهيون ..

وربما أدركت ' القيادة الأردوغانية' تلك الحساسية العربية الرسمية قبل الشعبية في سيرها نحو كسب موقع وحضور في المشهد السياسي العربي ، بل وشعبية جماهيرية لم يحلم بها ' سلطانهم الأول' فيمن حكم بلادنا العربية مئات السنين تحت تبريرات مختلفة ، تلك الحالة الحساسة في البحث عن الاستفادة من غياب ' النموذج ' عربيا ساعد الحكم في تركيا كثيرا في بناء شبكة عمل متعددة الأشكال ، وببراعة استفادت كثيرا من أخطاء وخطايا بلاد فارس ، ولم تجعل النظم الرسمية خصما لها ، ولم تعادي أي منها ، ولم تحتاج لبناء تحالفات ' حزبية ضيقة' رغم ما لها من صلات خاصة بقوى ' الإسلام السياسي' كونها من ذات الأصل ولكن بتعديل جذري كبير في الممارسة والتنفبذ ، ديمقراطيا والتزاما بقواعد اللعبة السياسية في بلادهم ..

قبل أيام خرج الرئيس التركي عبد الله غول ليحدد دون أي التباس أن تركيا دولة أوروبية أولا وأخيرا وهي لن تفقد تلك الهوية والانتماء وأن عمق مصلحتها مع ذاك المحيط ، تصريح قد يراه بعض منا طبيعيا وعاديا كونه حقيقة سياسية ( علما بأن أغلب تركيا آسيوي ) ، واكتسب التصريح قيمة كونه جاء بعد ' لغط ' الخلاف مع دولة الاحتلال الإسرائيلي ، وبعض الحديث الأمريكي – الأوروبي عن ' هوية تركيا' ونزوعها الشرق أوسطي – الاسلامي ، وأثر عودة التوتر مجددا للملف الكردي مصحوبا بعمليات عسكرية ضد النظام والحكم ، ما أصاب الحكم بردة فعل عنيفة ، ولكنه أثار مخاوف أن يكون ذلك مرتبطا ببداية وضع ' عقبات  جديدة' لحكومة أردوغان كعقاب أولي  ..

ولعل لقاء وزير خارجية تركيا ' مهندس الانفتاح الأوروبي' أوغلو  ووزير المواصلات الإسرائيلي بن اليعزر من حزب العمل ودون علم العنصري ليبرمان وزير خارجية دولة الاحتلال ، جاء بداية دراسة مستجدات سياسية تبتعد عن ' أزمة أسطول الحرية' بواقعية ودون ' شعوذة عاطفية' فمصلحة تركيا أولا وأي فعل يكون لخدمة ذلك الهدف والمصلحة العليا لها ...

ويبدو أن المسألة ستشهد مزيدا من  عمليات  البحث عن 'تهدئات محتلفة' إذا ما تم قراءة تصريح مستشار أردوغان قبل  يومين أن هناك مؤشرات أن ' صيف تركيا ' سيكون حارا ، بأعمال ' إرهابية' وعسكرية يتم التحضير لها لعرقلة عمل الحكومة التركية ، كلام يحمل رسالة واضحة بأن التركيز التركي المقبل لن يبتعد عن ' الداخل التركي' وستتوقف كل الاهتمامات لحساب تلك المصلحة ، دون أن تفقد مشاعرها الإنسانية النبيلة مع فلسطين شعبا وقضية ، ودون أن تبدو أنها تخلت علانية عن ما كان قبل أسابيع ، وستتجاهل قليلا ملف إيران والاتفاق الثلاثي ..

رؤية تمثل وعيا من طراز خاص لمفهوم المصلحة والكرامة الوطنية في ' العصر الحديث ' ليت هناك من يتعلم منها دون خجل ..

ملاحظة : أحسن الرئيس عباس صنعا بلقاء صحفي الأردن والحديث معهم بقلب مفتوح .. خطوة ربما تأخرت لكنها جد ضرورية ، كما الحال مع كتاب مصر وصحافيها ..

تنويه خاص : نتنياهو يتلاعب بأعصاب كل من له صلة بملف ' شاليط' ... تلاعب صبياني لا أكثر وأحسن صنعا الوسيط الألماني بتكذيبه ..

التاريخ : 5/7/2010 

اخر الأخبار