تفاوض لا يفرح قلب الإنسان الفلسطيني

تابعنا على:   19:19 2014-12-15

 كتب حسن عصفور / منذ أن قرر العرب أن لا يخذلوا ' سيد البيت الأبيض ' والاستجابة لرغبته بالتفاوض ' غير المباشر ' مع حكومة إسرائيلية هي الأسوأ والأكثر عنصرية منذ عشرات السنين ، وتشعر أن الكل من أصحاب المعالي والسيادة خجلى بما قرروا ، لا تجد تلك القوة التبريرية لما قرروا ، بل لم يتحدث منهم سوى القليل ، طبعا غير أهل فلسطين ، ومن تحدث كان صادقا ، على الأقل لمرة واحدة ، أن القرار ليس عربيا خالصا ولا يعكس فعلا ما كان يجب أن يكون ..

ولذا فأي موقف فلسطيني من هذه المفاوضات يجب ألا يغضب أحدا ، بل ربما يجب أن يفرح من يحب الذهاب إلى التفاوض ، سواء كان حبا بها لسبب أو لآخر ، أو مرغما وأيضا لسبب أو لآخر ، وهي ربما من المرات النادرة في المواقف السياسية التي يكون التوحد فعليا حول رفض المسألة التفاوضية ، لكنه رفض بطرق مختلفة .. فالشرعية مجسدة في الرئاسة الفلسطينية تدرك قبل غيرها ، أن النتيجة المنتظرة مما ذاهبة إليه مع بيبي نتنياهو سيكون صفرا كبيرا وكبيرا جدا ، وربما يكون أكبر الأصفار التي ستنتج عن عملية مع رجل وحكومة لا جامع لهم بعملية سلام أو تسوية ، مهما كان شكلها أو مضمونها ، ولعل السلوك الإسرائيلي منذ قرار ' العرب' إرسال رسائل تكشف حقيقة ما يؤمن به نتنياهو وحكومته .. وهي أفعال ليست للمناكفة أو لعرقلة أو تعطيل سير التفاوض ، بل هي أفعال ' إيمانية' ' عقائدية' بامتياز ، ولذا لا يجب أن يتوهمن أحد أن هناك ما هو 'خير ' في تفاوض مع نتنياهو ..

ولكون القرار العربي ، والموافقة الشرعية الفلسطينية ، جاء استجابة لرغبة واشنطن ورئيسها ، فيجب أن تتركز العملية التفاوضية  بكل معناها السياسي مع الولايات المتحدة الأمريكية ، 'تفاوض مباشر' مع أمريكا ، كونها هي الجهة ذات الصلة وذات المصلحة في العملية السياسية – التفاوضية ، وعليه يجب تشكيل ' قوة ضغط ' شعبية وسياسية من داخل المجتمع الفلسطيني لمراقبة هذه الانتخابات وملاحقتها أولا بأول ، كي لا تذهب أبعد مما يجب ، ولكي تدرك واشنطن أن المسألة ليس ' صيدا ثمينا ' قد حدث وانتهى الأمر عند هذا الحد ..

يجب العمل الشعبي والسياسي بنشاط ملحوظ ، ودون إبطاء أو ملل ( كما هي العادة الفلسطينية ) بعد أن يمضي عدة أيام على البدء بالتفاوض ، فما يحدث الآن مختلف كل الاختلاف عما سبق ، وهو ما لا يجب الاستخفاف به ، وليت يتم تشكيل ' غرفة عمليات خاصة' من القوى السياسية ذات المصلحة الوطنية ، تتولى مهمة مراقبة سير هذه العملية التفاوضية ، وتبقى على تواصل حيوي مع الشعب الفلسطيني كي تشكل حماية ودرعا للموقف السياسي ، بل وتمنحه قوة خاصة في مواجهة خصم وعدو ، خصم أمريكي أقرب إلى العدو الإسرائيلي ..

وعبر تشكيل ' غرفة المراقبة هذه ' تنتقل حركة المعارضة للعملية التفاوضية الراهنة خطوة فعل إيجابي ، ولعلها تشكل بوابة لتهذيب سلوك حركة حماس السياسية وتمنحها بعض فرصة للخروج من ' شرنقتها ' وعزلتها السياسية والوطنية داخل فلسطين ، كما أن هذا الفعل يمنح ' ثقة' للمواطن الفلسطيني أن المسألة ليست كما اعتاد من القوى السياسية بأن تقول كلمتها وتمشي ، إلى جانب منح أمل ولو بسيط في ' توحيد ما ' لموقف من قضية ما ، وهو سلوك يشعر الفلسطيني أن ما زال هناك خير في القوى ..

' غرفة مراقبة التفاوض ' فعل الضرورة السياسية ، ويجب أن يكون مفتوحا لقوى ومؤسسات وليته ينجح في استيعاب حركتي فتح وحماس ، فكل منهما رافض للتفاوض ، كل بطريقته ولغته ومصلحته أيضا ، طبعا إذا ما أسقطنا لغة ' التخوين الحمساوية' التي رشق بها  عزت الرشق  أحد قادة حماس ، الرئيس عباس ، لكن أصل الموقف هو ضرورة العمل لحشد قوى وإطار يحمي الموقف الوطني قبل أي مصلحة حزبية أو فصائلية ..

لتبادر بعض ' قوى اليسار' والجهاد وشخصيات فلسطينية لتشكيل ' غرفة المراقبة ' هذه دون إبطاء ودون إضاعة الوقت في تبادل شرح مساوئ القرار ، فلا يوجد مواطن لا يعرفها فلا تضيعوا وقتكم وعرقكم وورقكم فيما هو بديهي للمواطن .. فعل بسيط خير من خطاب ' غاضب ' .. لعلنا نجد أثرا أقوى ..

ملاحظة : مبادرة الجهاد الإسلامي داخل المعتقلات الإسرائيلية لتوحيد موقف فتح وحماس ، بادرة تستحق كل تقدير .. خطوات صغيرة لكن أثرها النفسي يفوق واقعها المباشر .. أكثروا من أفعال كهذه ، في قطاع غزة وأيضا في الضفة الغربية ..

تنويه خاص : أخبار تقول إن وزير خارجية تركيا سيزور سوريا ولبنان لتهدئة الخواطر بين البلدين .. أمجاد يا عرب أمجاد .. يا للعار الذي لا ينفك يتسلل إلينا ..

التاريخ : 7/3/2010 

اخر الأخبار