بحر غزة .. وعطش الناس له ..

تابعنا على:   18:51 2014-12-15

 كتب حسن عصفور / يوما بعد العودة إلى القطاع إثر توقيع اتفاقية غزة – أريحا في آيار – مايو 1994 في القاهرة بين الطرف الفلسطيني والإسرائيلي ، كان هناك ظاهرة عجيبة ، ربما لا مثيل لها في بلاد الله الواسعة ، خروج سكان قطاع غزة تقريبا كلهم إلى شواطئ البحر ليسهروا حتى ساعات الفجر ومنهم من ينام ليله الطويل هناك مستمتعا برمال شاطئ يحمل كثيرا من سمات تنعش الروح بنعومة رماله وصدف الشاطئ الغزي الخاص..

ظاهرة لفتت انتباهنا العائدين لأرض الوطن بعد غياب طال كثيرا ، ولذا كان السؤال لم كل ذلك الشوق لبحر ما زال صيفه لم يأت بعد ، فكان الجواب المذهل لكل من لم يكن ملما بتفاصيل الحياة اليومية فترة المحتل الإسرائيلي ، بأن قوات المحتل كانت تحرم أهل القطاع من الذهاب للبحر والاستمتاع بنعمه التي منحتها الطبيعة لتعويض سكان القطاع عن حرمانهم من كثير من مستلزمات الحياة البشرية ، منع إسرائيلي أمني لسنوات طوال ...

ويوم أمس نشرت وكالة أنباء فلسطينية ( مستقلة) – معا- تقريرا مثيرا عما يواجهه أهل غزة من شمالها لجنوبها لو أرادوا الذهاب لشواطئ بحرهم ( سابقا ) بعد أن قامت حركة حماس وبأشكال عدة من ' خطف شواطئ البحر' كما سبق لها خطف القطاع ذاته ، أشكال الخطف وفقا لتقرير الوكالة تأخذ منحنيات بيع مساحات من الشاطئ لمقاه واستراحات يقوم أصحابها باستغلال الحال بكل ذكاء لفرض ما يحلو لهم من أسعار لو أراد بعض الناس الذهاب إليهم ، وبعض مساحات الشاطي تم إغلاقها وفقا لرغبات مسؤولي أمن حماس وقادتها وعائلاتهم ، إلى جانب مساحات واسعة مغلقة دون معرفة سبب ذلك الإغلاق .. أشكال مصادرة شواطئ البحر الغزي متباينة لكنها تتفق على حرمان الغزي الباحث عن لحظة صفاء بشاطئ ومياه بحر وسط حصار وطقس يفوق بحرارته حرارة الحصار ذاته ..

الحديث عن ما تقوم حماس في قطاع غزة في مختلف مناحي الحياة يطول ، قد  يراه البعض لا يتفق مع المنطق ، خاصة من يعيشون على متابعة الحدث وفقا لنشرات أخبار خاصة ، لكن أهل القطاع هم في نهاية المطاف من سيحاكم ومن سيمنح صوته وليس من يرى بعين محطات ' صفراء' اللون والهوية ..

أن يحرم الغزي من الذهاب وسط حالة طقس أكثر قساوة هذه الأيام مما سبقها ، وربما بات أهل القطاع يرونها أشد وطأة من حصار خانق ظالم ، كونه حصار عدو ، أما مرارة حصار الناس في بيوتهم بصيف يسبب ' هزات حكم ' لبعض دول العرب لهو كبيرة من كبائر تستحق عقابا من نوع خاص ..

كيف يمكن أن يستمر الحصار المركب لغالبية أهل القطاع بينما يخرج بعض المستمتعين بمزايا ' الانقلاب' وثماره ليتحدثوا عن أفعال عدو دون أن يرمش لهم جفن أو تدمع عين ، وكأن حصار المواطنين في منازلهم أيام صيف لا يرحم ، فعلا إنسانيا ..

الكارثة الأكبر أن كثيرا من الآخرين لا يرون عمق تلك المأساة التي يعيشها أهل القطاع المغلوب على أمره رعبا ورهبة وخوفا ، حتى قواه السياسية مشغولة عن قضاياه الحياتية بملف مصالحة له بداية و لاتزال نهايته في دهاليز مقرات أمن عربية ..

نكبة أهل القطاع ليست كغيرها من نكبات ، بعد أن اعتقدوا يوما أن باب الحرية وصل إليهم قبل سنوات ، دون أن يحسب أن معركته باتت وصول ' أسطول حرية' المؤن والمساعدات بديلا له ..

ملاحظة : واشنطن أصابها الملل من رحلات ميتشيل في مكوكية ' غير المباشر' .. تستعد لفعل تفاوضي ' مباشر' .. ابشر يا شعب فلسطين ..

تنويه خاص : هناك بعض من ' صحوة وطنية ' لما يحدث في القدس تهويدا .. هل  تستمر أم يقطعها بعد أيام ' فعل إنساني ' صاخب يزيح الضوء عن ما يحدث في قدس الأقداس .. سؤال بريء ليس إلا ..

 

 التاريخ : 22/6/2010 

اخر الأخبار