التعليق إلى حين العقاب.. وإلا..

تابعنا على:   18:01 2014-12-15

 كتب حسن عصفور / لا يوجد ما يمكن أن يشكل مفاجأة مدوية في سلوك حكومة نتنياهو الأخير بفتح ملف النشاط الاستيطاني على مصراعيه ، فهي حكومة منتج عنصري متطرف لا يمكن أن تكون جزءا من أي عملية سياسية ' صحية' أو ' شبه صحية' والتطرف والعنصرية ليس محصورا بحزب ليبرمان صناعة ' المافيا' السياسية والإجرامية في إسرائيل ، وليس محصورا أيضا في حزب شاس الديني المنقاد إلى رجل دين يهودي وصف العرب بأكثر الأوصاف العنصرية ، بل إن العنصرية الأبرز والتطرف السياسي الأقصى يتجسد في حزب نتنياهو ذاته ، فهو تكوين يرى أن الفلسطيني أرضا وإنسانا هو ' عدوه' الدائم .. حزب ساهم في اغتيال إسحق رابين عبر مظاهرات واسعة شارك بها عشرات ألوف من المهوسيين بالعداء للسلام قادها نتنياهو وشارون (الغائب – الحاضر) ، لن يكون جزءا من أي فعل سياسي ..

ولو عاد المرء إلى الوراء قليلا ويتوقف أمام خروج شارون من الليكود وتأسيس 'كاديما' وهو الرجل الذي قاد المجازر ضد الشعب الفلسطيني ، سيجد أن شارون لم يحتمل تطرف وعنصرية حزب بيبي نتنياهو .. مسائل لا بد من التوقف أمامها عند البحث التفاوضي مهما كان شكله ، فالقضية ليس أن نذهب أو لا نذهب ، لكنها يجب أن تكون هل هي 'وقت أو مضيعة للوقت ' ، ويجب ألا نتردد بالإعلان والمكاشفة مع كل من يحاول سحبنا إلى مربع ' مخروم' بثقوب الرفض والعناد والكراهية ..

ولذا قيام حكومة نتنياهو بالإعلان عن النشاط الاستيطاني الجديد في القدس الشرقية والضفة الغربية ، واعتباره من قبل وزراء نتنياهو بأنه ' حق طبيعي ' يشكل قمة الاحتقار للولايات المتحدة أولا حيث نائب رئيسها متواجد في إسرائيل ، وتزداد درجة التحقير عندما يصفها وزير داخلية بيبي بأنها ' مصادفة غير مقصودة ' ، فعل وكلام لو حدث أقل منه بكثير من غير إسرائيل لانقلبت الإدارة الأمريكية على كل شيء وربما تخوض ' حربا' من أجل ' كرامة مهدورة' وتعدي على ' الهيبة والسيادة ' لكن السيد النائب تفتق ذهنه عن حل عجائبي بإصدار بيان دان فيه السلوك والتصرف الأمريكي ، أعاد وصف مضار القرار ، لكنه لم يشر في بيانه بأي إجراء يمكن له أن يكون ' عقابا' على هذا الفعل ' التحقيري لأمريكا قبل فلسطيين والعرب ..

ولأن واشنطن لن تفعل شيئا بعد بيانها ، بل ربما تعتبر أن استخدامها تعبير ' إدانة' لوصف ما فعلت إسرائيل موقف يستحق الثناء الفلسطيني وكفى  .. وكي لا نعود إلى حلبة ' التوهان' السياسي في تحديد الخطوات المقبلة لمواجهة هذه الفعلة الإسرائيلية ، لا بد أن تجتمع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير فورا ، وتعلق دون تردد أي مشاركة فلسطينية في المسألة التفاوضية وتنسيق الموقف أولا بأول مع الجامعة العربية ورئاسة القمة العربية ( الشقيقة قطر ) لتحديد الموقف المطلوب قبل انعقاد اللجنة الرباعية في موسكو ، وهي التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة تجاه إسرائيل سلوكا ونهجا وسياسة ..

ومن المفضل الاستعداد المبكر للذهاب إلى مجلس الأمن لطرح العملية السياسية برمتها على جلسة يتم طلبها من المجموعة العربية ، مع فعل متواز لها بالذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، الغضب الكلامي مهم ومهم جدا أيضا ، لكنه سينتهي لحظات بعد النشر والتعبير ، لذا فلا بد من متابعة جادة لموقف سياسي يتم الإعلان عنه في سياق سلسلة خطوات يتم الإعلان عنها  مبكرا ، وربما مطلوب عقد لقاء سريع جدا وليوم واحد إلى لجنة المتابعة العربية ، لتشارك في قرار ' التعليق' الذي يجب أن يكون كي لا يصبح الشكل العام مضحكا أمام بني صهيون وبعض من خصوم الشرعية الفلسطينية ..

قرار إسرائيل الأخير ، هو رسالة منها لضرب الشرعية السياسية الفلسطينية ، محاولة لإضعافها إلى الحد الذي لا يبقي لها نذر مصداقية عند شعبها والأمة ، ولتمنح ' خصوم' الشرعية الفلسطينية ' أسلحة سياسية' جديدة خاصة بعد أن أصاب حماس ما أصابها من ترهل وخلاف داخلي .. تذكروا ما قامت به تل أبيب عشية تقرير غولدستون وحرب التهديدات ضد الشرعية ، وكيف تم استغلالها بشكل ' صبياني' من بعض حماس وما تلاها من حرب التخوين الشهيرة ضد شخص الرئيس في قطاع غزة ..

وإسرائيل تستبق القمة العربية وكأنها تريد للرئيس عباس أن يذهب في أدنى درجات الحضور ، تبحث عن اهتزاز مكانته السياسية قبل الوصول ليجلس على كرسي' دولة فلسطين' فيبدو أمام القادة العرب ' بلا حول ولا قوة' ..

لا وقت للتفكير فيما يجب قوله .. تعليق المشاركة إلى حين .. ولتتحرك الآلة السياسية بفعل وحضور ، لتنفتح الماكينة التي أصابت دولة المحتل يوما بصداع كبير .. لا خوف من التعليق أبدا فالرد يبدأ من هنا .. ولعلها فرصة قدمتها حكومة إسرائيلية حمقاء يجب الاستفادة منها دون ارتباك أو رعب .. فرصة يجب ألا تضيع ..

ملاحظة : أمريكا اعتذرت للقذافي عن سخرية من أحد مسؤوليها نحوه .. ما ضاع حق وراؤه مطالب .. لكن هل يفعلها ' ملك الملوك' نحو الرئيس عباس .. فالتواضع فضيلة ..

تنويه خاص : يمتعنا الرئيس الإسرائيلي بين حين وآخر بأكاذيب ظريفة .. يقول بيريز إن إسرائيل وافقت على صيغة كلينتون حول القدس الشرقية .. أين هي الموافقة مع حكومة إسرائيل الحالية.. أيام بيريز كلها ' أول أبريل – نيسان ' ..

التاريخ : 10/3/2010

اخر الأخبار