
آن الاوان كي يجتمع السيسي و عباس و دحلان و مشعل
عمر شعبان
لاشك أن منطقة الشرق الاوسط تعيش مرحلة تشكل إستراتيجية . حماس و مصر و حركة فتح و السلطة الفلسطينية في أزمة و إن كانت مختلفة. تطبيقا للمبدأ القائل : عندما يكون الكل مأزوما فلا مناص من التحالف . هذه الورقة تحاول تشخيص جوانب الأزمة للأطراف الاربعة: مصر و السلطة الفلسطينية و حركتي فتح و حماس و تقترح إعادة التحالف على أسس مصلحية :
1. مصر ..محاربة الارهاب في سيناء
تشهد شبه جزيرة سيناء حملة عسكرية مصرية متواصلة ضد المجموعات الارهابية. مع تغيير النظام في مصر ، تصاعدت الحملة الامنية المصرية في سيناء و تصاعدت معها أيضا حملة الاتهامات المصرية لحماس و عناصرها بالتورط مع هذه المجموعات سوءا بالمساندة أو التنسيق . خلق ذلك حالة عداء متفشية ضد حماس و قطاع غزة في الإعلام و المجتمع المصري بشكل عام . تنفي حماس بشكل قاطع هذه الاتهامات حيث نفى نائب المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق مرارا أي تورط لحماس في أحداث مصر ، كذلك فعل رئيس وزرائها السيد إسماعيل هنية في خطابه يوم السبت الموافق 19 أكتوير حيث قال " نؤكد على احترامنا لمصر والتزامنا بسياستنا الثابتة بعدم التدخل في الشأن المصري مطلقاً لا من قريب ولا من بعيد، لا في سيناء ولا في أي مكان في مصر.
في مواجهة ذلك ، تستطع حماس أن تتحول من طرف معاد للنظام المصري الجديد إلى حليف و مساعدة الجيش المصري في تحقيق الاستقرار في سيناء، حيث تتمتع حماس بقدرة عالية في هذا المجال فهي تعرف المنطقة والمجموعات بدرجة كافية . سيكون من المفيد لحماس فعل ذلك لأن العلاقة مع مصر أكثر أهمية بمراحل من علاقتها بتلك المجموعات خاصة أن حماس على خلاف أيدولوجي معها و أن الاستقرار في سيناء يصب في صالحها أيضا . هناك سابقة في هذا المجال يمكن البناء عليها، و هي اللجنة الأمنية المشتركة بين حماس و الامن المصري و التي شكلت في سبتمر 2011 بعد قيام ثورة 25 يناير 2011 في مصر و قبل وصول الرئيس مرسي للحكم . وقد عملت هذه اللجنة لفترة ليست قليلة بما ساعد في ضبط الامن في سيناء و هو ما أكده السيد هنية في خطابه المشار إليه بقوله " لقد قدمنا كل ما نستطيعه كحركة وكحكومة في غزة من أجل التجاوب مع حاجات ومطالب الأشقاء في مصر بما يخدم الأمن القومي المصري. مما يدفع بذلك صدور تصريحات عن خبراء مصريين بضرورة أن تعيد حماس علاقتها مع النظام الجديد في مصر .
2. السلطة الفلسطينية ، حركة فتح و فشل المفاوضات مع إسرائيل
هنالك من يظن أن الأزمة الحالية ستطيح بحماس قريبا و أن ما على السلطة الفلسطينية سوى الانتظار كي تأتي حماس صاغرة تحت ضغط الأزمة . ربما على السلطة الفلسطينية أن تعيد النظر في هذه الحسابات. فطبيعة حماس و الظروف في الاقليم تؤكد أنها لن تنهار خلال شهور قليلة و أن حماس تمتلك القدرة على الصمود ضمن معايير و مواصفات تقرها هي . في ظل المؤشرات التي تتنبأ بفشل المفاوضات التي تجددت بوساطة السيد جون كيري ، وزير الخارجية الأمريكي بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل و في ظل تواصل الاستيطان دون هوادة ، في ظل الأزمة الني تعيشها حركة فتح و الصراع بين تيار الرئيس محمود عباس و القيادي المتنفذ في فتح محمد دحلان ، يستطيع الرئيس محمود عباس ، وهو التي قرر بعدم الترشح مجددا لرئاسة السلطة الفلسطينية أن ينهي ملف المصالحة فورا و بشروط مقبولة مستفيدا من الأزمة التي تعيشها حماس و إختبار ما صرح به السيد هنية في خطابه يوم السبت الموافق 19 أكتوبر عندما قال " إن الحركة تمد يدها للجميع لإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة واحدة في الضفة والقطاع. . إن عصفور المصالحة المؤكد أفضل من عشرات الاوهام على شجرة المفاوضات. بل أن المصالحة ستقوي من موقف السلطة و الرئيس عباس في المفاوضات حيث سيسحب الذريعة الاسرائيلية بعدم تمثيله لجميع الفلسطينيين . تحقيق المصالحة هو المطلب الأكثر شعبية لدى الشعب الفلسطيني مقارنه بخيار المفاوضات. كذلك يستطيع الرئيس عباس توحيد حركة فتح قبل مغادرته لمنصبه بما يعيد للحركة دورها في قيادة منظمة التحرير و مشروع النضال الفلسطيني .
حماس .. تسونامي سياسي عاطفي و مالي
يبدو أن حماس لا تشعر بالأزمة كما يحاول الاخرين تصويرها أو تمنيها ، لقد إنتقلت حركة حماس سريعا من مرحلة الذهول إلى مرحلة التحرك و المبادرة مستكشفة البدائل المتاحة ضمن حسابات التكلفة و العائد و الممكن و المعقول . إن زيارة رئيس مكتبها خالد مشعل إلى تركيا , تجدد المغازلة بين حماس و إيران و عودة التمويل الايراني لحماس و خطاب رئيس وزرائها إسماعيل هنية يوم السبت الموافق 18 أكتوبر في غزة يدللان كثيرا على صحوتها من الصدمة. هذا لا يرفع عن حماس عبء أن تدرك معطيات الوضع الجديد و أن التاريخ لا يعود للوراء و أن المواقف السياسية لا تبن على تمنيات. يمكن لحماس أن تبادر بــ 1) التأكيد لمصر بأنها حركة وطنية فلسطينية بفكر إسلامي و أنها لم لن تتدخل في الشأن المصري و تحترم إرادة الشعب المصري في التغيير و تبدى إستعدادها للتعاون مع مصر لتحقيق الامن و الاستقرار في سيناء 2) الاعتراف أن التفرد بحكم غزة لم يكن و لم يعد مجديا لذا فهي منفتحة على شراكة حقيقية مع السلطة الفلسطينية و المجتمع المدني لإجراء إنتخابات جديدة و إستعادة وحدة النظام السياسي و و الجغرافيا .
من رحم الأزمات تولد الفرص:
تشهد منطقة الشرق الاوسط و العالم إعادة تموضع للقوى الاقليمية و إعادة التحالفات على أسس مصلحية . إيران و أمريكا , قطر و سوريا ، تركيا و الاكراد ، مصر و روسيا . الجميع يسعى لمصلحته متجاوزا الخلاف الفكري نحو التحالف المصلحي . يجب تحكيم العقل و المصلحة . يمكن للنظام المصري الجديد أن يبادر إلى حل " الرزمة : تحقيق المصالحة الفلسطينية و تحقيق الوحدة داخل حركة فتح و دمج حماس في النظام السياسي الفلسطيني و تحقيق الاستقرار في سيناء و تقليص عدد المعادين للنظام الجديد في مصر . يستطيع النظام المصري أن يعيد النظر في حالة العداء تجاه حماس ، ليس على قاعدة المبادئ بل للإستفادة من إمكانياتها العالية في محاربة الإرهاب في سيناء و تجنيب جيش مصر مزيدا من الاستنزاف في سيناء ، ربما يتوجب النظر لحماس كعنصر يساعد في تحسين علاقة النظام المصري مع حركة الاخوان في مصر . ليبادر الفريق أول عبد الفتاح السيسي لعقد سلسلة من الاجتماعات الثنائية و الجماعية مع الرئيس محمود عباس و محمد دحلان و السيد خالد مشعل كي يتم تقديم حل " الرزمة" .
# مدير مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتجية بغزة .
www.palthink.org