
' سلحفاة' العرب و' ضفدع ' أوروبا
كتب حسن عصفور / غريبة بعض المصادفات السياسية في المنطقة العربية ، خاصة تلك المصادفات السلبية ، تأتي وكأنها منسقة ومنظمة بشكل يثير الحسد ، ولسنا في وارد إعداد جدول ' أو ' كشف' بتلك المصادفات ، ولكن لنرى آخرها يوم أمس الأربعاء 2-12، بيان يصدر عن مدير مكتب الأمين للجامعة العربية يعلن أنه لا يوجد موعد حتى الآن لعقد مجلس وزراء الخارجية العرب ، لمناقشة ما يجب القيام به لمتابعة تنفيذ ' قرار لجنة المباردة العربية ' بخصوص التوجه إلى مجلس الأمن حول تحديد حدود الدولة الفلسطينية وفقا لحدود 4 حزيران ، والمتحدث صال وجال شرحا عن الاتصالات التي يجريها مكتب الأمين العام لبحث ' ترتيبات وموعد الاجتماع المطلوب' ..
مقابل ذلك ، شهد ذات اليوم موقفين تزامن نشرهما ، الأول يخص موقف الاتحاد الأوروبي حول الموقف من الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية ( العربية – الشريف) ضمن حدود الرابع من حزيران ، بل وألمح بأن ذلك الموقف سيكون حتى لو كان إعلان الدولة دون تفاوض ، والثاني تقرير سياسي مهم وخطير حول الممارسات والسياسات الإسرائيلية في مدينة القدس ونوايا تل أبيب فصلها عن الضفة الغربية .
المسألة ليست بحثا في كلا الموقفين العربي والأوروبي ، من حيث جوهر ومضمون المسألة قيد البحث ، فكلاهما لا يبتعد عن الآخر ، ولكن الحديث هنا يرتبط بالحركة والفعالية والحرارة التي يتعامل معها كل منهما تجاه ما يعلن ، وكيف يتصرف ' الرسمي العربي ' في الوقت الراهن تجاه القضية الفلسطينية ومدى حضورها في العقل العام ، مقابل الأوروبي الذي يعمل وسط شوكة من إلغام مواقف متباينة أوروبيا ، وخلاف ممكن مع واشنطن ، وصدام وشيك وحتمي مع تل أبيب ، رغم الرشوة التي قدمتها دول الاتحاد الأوروبي لإسرائيل قبل أقل من شهر برفع المكانة الاستراتيجية في العلاقة مع إسرائيل ، وكأنه موقف على طريقة نظرية ' الدفع المسبق ' .
كان المفروض أن ينعقد المجلس الوزاري العربي حتما ، في هذا التوقيت السياسي الحساس والدقيق ، من أجل بلورة خطة عمل أو وضع صياغة لكيفية التوجه لمجلس الأمن لتنفيذ ما تم في بيان ' لجنة المبادرة ' ، ومتابعة ملف ' المصالحة الوطنية الفلسطينية ' ومحاسبة من يجب محاسبته نظرا للعرقلة أو التعطيل وفقا لما كان متفاهما عليه سابقا ، وكذلك من أجل متابعة تطور الموقف الدولي الأوروبي والأمريكي تجاه الموضوع الفلسطيني ، وما يتم التحضير له حول عقد مؤتمر دولي ، ودون أن يغرقوا في تفاصيل ' حرب الاحتلال ' على الأرض الفلسطينية والقدس فهم يتحدثون عنها بين حين وآخر ، ما يريح النفس أنها ما زالت في عقل العربي الرسمي ..
قضايا مهمة كانت تستحق اللقاء ، طبعا هناك قضايا عربية كثيرة معقدة تستحق ، ولكن لفلسطين ارتباطا بالتحرك الدولي وضعا خاصا ومركزيا رغم الانقسام والانقلاب المسنود ، ومع هذا لم يجد وزراء العرب زمنا للقاء ، والغريب أنهم لم يتأثروا بما يدور في أروقة الاتحاد الأوروبي ( افتراضا أنهم يعرفون طبعا ) من نشاط وفاعلية تحضيرا للقاء قد يكون تاريخيا للفلسطيني ، ولعل بعض من يحمل تلك الجينات العربية غاضب جدا من الاتحاد الأوروبي لما تقوم به من فعل وتحريك الملف الفلسطيني بحيوية واهتمام ، ما يشكل كشفا لبعض ما يدور خلف ' ظهر الشرعية الفلسطينية ' من تواطؤ ..
الهروب العربي من ' اللقاء ' ليس فنيا أو زمنيا بل هو هروب سياسي واضح الأركان والمقصد ، وبعض الهاربين لا يريد أصلا بيانا أو فعلا يخدم وحدة القرار الفلسطيني بل لا يريد أصلا قرارا فلسطينيا .. وقد لا يستغرب البعض العربي والفلسطيني أن يقوم بعضهم بالضغط ' الاقتصادي – الاستثماري النفطي ،الغازي والإعلامي كي لايكون قرارا أوروبيا ، وقد يتهاتف بضعهم مع ' بيريز' حيث حميمية العلاقة وليفني وبراك وربما ليبرمان ليحرضوهم ..
مواقف تثير شكا وسؤالا : هل حقا كان ' بيان لجنة المبادرة العربية موقفا أم كان مطلبا من جهة دولية لغاية في نفس يعقوب وأصبحت متقادمة الآن ' .. هل نحن أمام سباق لحمل الملف الفلسطيني إلى الأمم المتحدة بين سلحفاة عربية ، وبين ضفدع أوروبي أم نحن أمام شيء مختلف تماما من بعض العرب .. سؤال متحرك إلى حين ...
ملاحظة : ورد قبل يومين في بعض وسائل الإعلام أن رئيس وزراء قطر بن جاسم هاتف مشعل حول شاليط ، لم تكشف طبيعة الاتصال ، أهو معسر أم ميسر .. خاصة أن الصفقة بدأت تترنح بعدها ..
تنويه خاص : ليبرمان يصف مروان البرغوثي بأنه ' زعيم عصابة قتلة ' تخيلوا ليبرمان بن المافيا الروسية والمستوطنات وصاحب ملف عشرات قضايا القتل والفساد .. مش وزير خارجية إسرائيل بيطلعلوا ..
التاريخ : 3/12/2009