احتمالات إسقاط نتنياهو

تابعنا على:   09:57 2014-12-13

برهوم جرايسي

يتسارع الحراك في الحلبة السياسية الإسرائيلية، وسط مؤشرات لاصطفافات جديدة؛ منها ما أُعلن عنه، ومنها ما يزال في إطار التكهنات. لذا، فمن السابق لأوانه حسم المشهد الانتخابي الذي جرت العادة أن تظهر صورته الجلية في الأسبوعين، أو الثلاثة الأخيرة قبل يوم الانتخابات، في منتصف آذار (مارس) المقبل. رغم ذلك، فإن استطلاعات الرأي تشير، حتى الآن، إلى محدودية "الأغلبية المطلقة" التي تتمتع بها كتل اليمين المتطرف، وضمنه الليكود، وكتل المتدينين المتزمتين "الحريديم". أما "بيضة القبان"، فما تزال تتحرك خلف ضبابية، رغم ميول زعامتها اليمينية.
فحتى الأسبوع المنتهي، جرى الإعلان عن تحالف جديد، ومتوّقع، بين حزب "العمل" التاريخي، وبين حزب "الحركة" برئاسة تسيبي ليفني التي كانت، حسب استطلاعات الرأي، تصارع لأجل بقائها في الحلبة السياسية. وتمنح استطلاعات الرأي هذا التحالف الجديد عدد مقاعد أكثر من حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو (24 مقابل 20 مقعدا). لكن هذا التفوق ما يزال عاجزا عن منح زعيمه فرصة تشكيل الحكومة المقبلة، كون توزيع باقي المقاعد الـ120، ما يزال يميل لصالح الليكود بتفوق طفيف (61 مقابل 59 مقعدا)، ما يضع نتنياهو في مركز قوة ليشكّل الحكومة المقبلة، لكنها حكومة سترتكز على ما بين ستة إلى سبع كتل برلمانية، وهو ما سيكون عامل عدم استقرار واضح في هكذا حكومة.
وما تزال على قائمة التوقعات، احتمالات إنشاء تحالفات انتخابية جديدة، قد تقلص عدد الكتل البرلمانية التي ستدخل الكنيست، لكنها كتل متعددة الأحزاب. فحتى نهاية الأسبوع، هناك احتمال وارد لحدوث انشقاقات في معسكر أحزاب المستوطنين، ومعه انشقاق في حزب "شاس" لليهود المتدينين المتزمتين الشرقيين. وهذه الانشقاقات، في حال حدوثها، ستُضعف اليمين المتشدد، إنما، وحتى الآن، ليس إلى حد سقوطه عن الحكم.
وهناك ثلاثة لاعبين مركزيين بالإمكان أن يقلبوا المشهد السياسي القائم منذ سنوات في إسرائيل؛ في اتجاه إيجابي نسبيا، ولجم سطوة اليمين الأشد تطرفا على رأس الهرم الحاكم ومؤسسات الحكم.
اللاعب الأول، هو الوزير السابق المنشق عن حزب "الليكود" موشيه كحلون؛ اليهودي الشرقي الذي رسمه صُنّاع الرأي العام كـ"شخصية ذات توجهات اجتماعية مساندة للشرائح الفقيرة". ويذكر له الجمهور أنه قلب سوق الاتصالات في إسرائيل حينما كان وزيرا لها، وحطم أسعارها بأكثر من
60 %. إلا أن أصوله يمينية محسوبة على التيار المتشدد؛ إذ عارض فيما مضى إخلاء مستوطنات قطاع غزة، وعارض الاتفاقيات الإسرائيلية-الفلسطينية، لكنه في الأيام الأخيرة يطلق تصريحات في اتجاه الحل، من دون أن يوضح حدوده.
وتمنح استطلاعات الرأي الحزب الذي يقيمه كحلون حاليا، ما بين 10 إلى 13 مقعدا، قليل منها يأخذه من معسكر اليمين المتطرف و"الحريديم"، وكثير من حزب "يوجد مستقبل" برئاسة وزير المالية المُقال يائير لبيد، والذي قد يخسر أكثر من نصف مقاعده الـ19 الحالية. وفي حال هبطت أحزاب التطرف عن أغلبيتها الهشة، فإن كحلون هو من سيقرر شكل الحكومة المقبلة؛ سواء ستبقى برئاسة الليكود، أم سيلجأ إلى حزب العمل.
أما العاملان الآخران، فهما متعلقان بنسب التصويت لدى جمهور العلمانيين، ذي الميول باتجاه "اليسار الصهيوني" و"الوسط"، ومعقله منطقة تل أبيب الكبرى؛ كما لدى جمهور فلسطينيي 48. ففي حين أن نسب التصويت لدى معسكر اليمين المتطرف تتراوح ما بين 80 % إلى 92 %، والأعلى لدى "الحريديم"، فإنها لدى العلمانيين 51 %، ولدى فلسطينيي 48 حوالي 55 %، حسب آخر انتخابات. والجمهوران الأخيران قادران على قلب المشهد، إضافة إلى شكل الاصطفافات في كل واحد منهما. إذ إن المفاوضات والاتصالات جارية بين أحزاب فلسطينيي 48 لخوض الانتخابات إما في لائحة واحدة أو لائحتين. لكن استطلاعات الرأي ما تزال تمنح فلسطينيي 48 القوة الحالية 11 مقعدا، وإن كان هذا يميل إلى الارتفاع حتى يوم الانتخابات.
وكما سبق وقيل هنا الأسبوع الماضي، فإنه مهما يكن شكل الحكم الإسرائيلي المقبل، فإن شيئا واحدا يظل مضمونا "لا مخاطرة" في ذكره، وهو أنه لن يكون حكما مستقرا، بسبب التوزيعة البرلمانية المعقدة التي تتنبأ بها كل استطلاعات الرأي الكثيرة التي تظهر في إسرائيل في الأيام الأخيرة.

عن الغد الاردنية

اخر الأخبار