رسالة أميركية إسرائيلية إلى دمشق!

تابعنا على:   10:13 2014-12-11

محمد كعوش

الضربة الجوية الاسرائيلية، او الاصح، العدوان الجوي الاسرائيلي على مواقع في سوريا يحمل، من حيث التوقيت، عدة رسائل اميركية اسرائيلية الى دمشق، رغم الخلافات الحقيقية بين نتنياهو والادارة في واشنطن.
عندما عادت الطائرات المعتدية الى مطاراتها، وتم الاعلان عن الضربة عبر وسائل الاعلام، لزم نتنياهو الصمت، واكتفى بابتسامة خبيثة، رد بها على انتقادات المعارضة، خصوصا ان اسرائيل تقف على عتبة انتخابات مبكرة، ويعتبر رئيس حكومة اليمين المتطرف ان الطائرات التي انجزت مهمتها قد سجلت لصالحه بعض النقاط، رغم انتقادات المعارضة القاسية.
هذا العدوان الجوي على دمشق وحولها، مر بسلام وبلا رد عسكري سوري، كما تجاهلته الدول المعنية التي كانت ستقيم الدنيا ولا تقعدها وتغضب كثيرا وتعلن استنكارها لو كانت الطائرات عربية وقصفت مواقع في اسرائيل. اما الحكومة الاسرائيلية فارادت ان تثبت، وهي مقبلة على صناديق الاقتراع، انها لا تزال القوة الاقليمية المسيطرة عسكريا، وانها قادرة على امتلاك الاجواء العربية، كما كانت دائما، وهي رسالة لسوريا وايران وحزب الله، خصوصا ان قادة اسرائيل من السياسيين والعسكريين يدركون تماما ان دمشق غير قادرة على فتح جبهة جديدة، ولديها ما يكفيها من الاقتتال الاهلي، ومن هجمات تنظيم داعش واخواته من الحركات والتنظيمات المسلحة الاخرى.
الحكومة الاسرائيلية حاولت تبرير عدوانها الجوي على دمشق، وابعاد الشبهات الانتخابية، فزعمت ان الضربة استهدفت مخازن اسلحة وصواريخ من طراز ( الفاتح 110 ) مرسلة من طهران الى حزب الله، ولكن توقيت الضربة لفت انظار المعارضة في اسرائيل، التي اتهمت نتنياهو بانه يوظف العمليات العسكرية ويستغل الجيش لصالح معركته الانتخابية.
ولكن اللافت ان الولايات المتحدة ظلت صامتة بشأن هذا التطور الخطير، والصمت معناه القبول في معظم الاحيان. والقبول الاميركي بضرب مخازن الاسلحة والمطارات في سوريا اهدافه واضحة، فواشنطن لا تريد ضرب واضعاف داعش والحركات الارهابية المتطرفة الاخرى العاملة في سوريا، بحجة ان هزيمتها تصب في طاحونة النظام السوري، ويستفيد منها الرئيس الاسد، لذلك تركت لاسرائيل مهمة تدمير مخازن الاسلحة والمطارات والصواريخ، تحت عنوان توجيه ضربة وقائية لقوة حزب الله وتيار المقاومة، اضافة الى انها مشاركة اسرائيلية معلنة في القتال ضد النظام السوري.
وهذا الواقع يقودنا الى حقيقة اخرى وهي ان عمليات القصف الجوي التي تنفذها الطائرات الاميركية ضد مواقع في العراق وسوريا لن تحسم المعركة ضد الارهاب، خصوصا ان واشنطن غير قادرة على اعادة جيوشها الى المنطقة واكمال حربها التي لم تتوقف، او خوض حرب جديدة الان، لاسباب اميركية داخلية واخرى خارجية، وان كانت تنزلق تدريجيا نحو الجحيم في الشرق الاوسط، تحت عنوان ارسال مدربين واستشاريين، وهي المهمات التي تتصاعد وتتطلب ارسال المزيد من العسكر الى العراق بشكل تدريجي غير ملحوظ.
لذلك نرى في العدوان الجوي على سوريا، رسالة اميركية اسرائيلية واضحة الى دمشق، او هي بمثابة بلاغ موجه للرئيس الاسد يؤكد عدم السماح له الاستفادة من تطورات ونتائج الحرب على تنظيم داعش، لذلك يتم توجيه ضربة مزدوجة للتنظيمات والنظام معا، عبر تقاسم الادوار بين واشنطن وتل بيب، وهي رغبة اميركية وهدف اسرائيلي، من اجل الحفاظ على ديمومة الاقتتال الداخلي في سوريا والعراق، بشكل يحول دون التوصل الى الحسم العسكري، وبالتالي قطع الطريق امام الجهود الروسية الساعية الى بدء الحوار السياسي بين الحكومة السورية والمعارضة، من اجل تحقيق هدنة مؤقتة تقود الى حل دائم، واعني الحل السياسي للازمة السورية على قاعدة المشاركة.

عن الرأي الاردنية

اخر الأخبار