من ينتقد “إسرائيل” يدفع الثمن

تابعنا على:   10:10 2014-12-11

لورانس ديفيدسون *

انتشرت مؤخراً أنباء حول هجمات على الحريات الأكاديمية، كثير منها بسبب مساع عدائية قام بها أفراد ومنظمات صهاينة من أجل إسكات أولئك الأكاديميين الذين يعتبرونهم أعداء ل"إسرائيل" .

وأحدث مثال على ذلك هو الضغط الذي مارسه متبرع صهيوني نجح في حمل رئيسة جامعة الينوي على فسخ عقد توظيف مع البروفيسور (الأمريكي - الفلسطيني) ستيفن سلايطة . وحصل ذلك لأن المتبرع النافذ، الذي لاحظ تغريدات سلايطة المنتقدة ل"إسرائيل"، قرر أنه معاد للسامية . ويبدو أن رئيسة الجامعة كانت متأكدة من أن تعيين سلايطة سيكلف الجامعة الكثير من الدعم - وهذا مثال واضح على ابتزاز المانحين .

وحالة سلايطة ليست المحاولة الوحيدة التي ظهرت حديثاً لترهيب الأكاديميين الذين ينتقدون "إسرائيل" . إذ إن منظمة تطلق على نفسها اسم "أمشا" (كلمة عبرية تعني "شعبكم") وتزعم أنها تعمل من أجل "حماية الطلاب اليهود"، وضعت قائمة بأسماء أكثر من 200 أستاذ جامعي يؤيدون مقاطعة "إسرائيل"، اعتبرتهم معادين للسامية، وطلبت من الطلاب اليهود الامتناع عن حضور فصولهم الدراسية .

وهذه الهجمات مرتبطة بحركة ظهرت منذ وقت طويل في قطاع التعليم العالي الأمريكي من أجل التصدي للاضطهاد "الإسرائيلي" للفلسطينيين، خصوصاً في الأراضي المحتلة، وفضح الطبيعة البربرية للدولة "الإسرائيلية" - الصهيونية، ليس لأنها يهودية، وإنما لأنها عنصرية في صميمها .

ولكن حيث إن قادة "إسرائيل" والعديد من أنصارها يهود، فهم يخلطون الأمور ويزعمون أن اتخاذ موقف ضد "إسرائيل" لا بد أن يكون موقفاً ضد اليهود كيهود، وهذا عداء للسامية . غير أن هذا ادعاء لا يقبله العقل، على الأقل نظراً لواقع أن كثيرين من أولئك الذين يعارضون أعمال "إسرائيل"، داخل الأوساط الأكاديمية وخارجها، هم يهود .

وهذا الهجوم على الأكاديميين الذين يرون الأمور من منظور مختلف عن الصهاينة ليس جديداً . ففي عام 2007 مثلاً، نظم ديفيد هوروفيتز (كاتب أمريكي محافظ يترأس مركز دراسات يحمل اسمه) حلقات دراسية في جامعات عبر الولايات المتحدة، تعرض خلالها أساتذة جامعيون كانوا ينتقدون "إسرائيل" لاتهامات بأنهم يتعمدون حجب معلومات عن "تهديد إسلامي - فاشي" . واتهم هوروفيتز أيضاً كثيرين من هؤلاء الأساتذة بأنهم "يساريون"، وبأنهم سيطروا على الجامعات في البلاد وأخذوا يضايقون الطلاب المحافظين بانتظام . وتحت تأثير نفوذه، أمرت المجالس التشريعية في 17 ولاية أمريكية بفتح تحقيقات حول هذه الاتهامات . وفيما بعد، نشر هوروفيتز كتاباً بعنوان "أساتذة الجامعات: أخطر 101 أكاديمي في أمريكا" . وجميع هؤلاء "الخطرين" كانوا منتقدين ل"إسرائيل" . وشكلت تلك الواقعة سابقة للقائمة التي وضعتها منظمة "أمشا" .

وقد عمل هوروفيتز بتنسيق مع دانيال بايبس (مؤلف ومؤرخ أمريكي متخصص في نقد الإسلام) . وفي ،2002 أسس بايبس منظمة "كامبس ووتش" (مراقب الحرم الجامعي)، ونشر عبر موقعها على الإنترنت أسماء أكاديميين - معظمهم يعملون في مجال دراسات الشرق الأوسط - اتهمهم بأنهم "مدافعون عن التفجيرات الانتحارية والإسلام المجاهد" . وشجع بايبس الطلاب المؤيدين ل"إسرائيل" على أن "يتعقبوا" مثل هؤلاء الأساتذة ويجعلوهم يدركون أنهم تحت المراقبة .

وهناك أمثلة عديدة أخرى على الهجمات على الحرية الأكاديمية، ما يعني أن الحياة المهنية للبروفيسور سلايطة لم تكن الوحيدة التي تضررت بسبب هذا النوع من النشاط العدائي . وفي الواقع، عانت عشرات من الكليات على جميع مستويات التعليم العالي تهديدات، ومضايقات، وعقوبات أو إلغاء عقود توظيف .

وهذه الهجمات استهدفت شخصيات شهيرة من مثل (المفكر الفلسطيني الراحل) إدوارد سعيد في جامعة كولومبيا، و(المؤرخ والكاتب الأمريكي) خون كول في جامعة ييل، وأساتذة ومفكرين آخرين ربما يكونون أقل شهرة ولكنهم مرموقون، من مثل تيري غينسبيرغ في جامعة كارولينا الشمالية الحكومية (والناشط الأمريكي - الفلسطيني في الدفاع عن حقوق الإنسان) سامي العريان في جامعة جنوب فلوريدا .

* كاتب ومؤرخ أمريكي (موقع "كونسورتيوم نيوز")

عن الخليج

اخر الأخبار