سرطان الفكر الإخواني

تابعنا على:   09:51 2014-12-11

داليا العفيفي

نشأت جماعة الإخوان المسلمين كأكبر حركة سياسية معارضة تحت ستار الدين وإمتدت أذرعها في أنحاء العالم ، منذ بداية تأسيسها على يد حسن البنا في جمهورية مصر العربية في مارس عام 1928م،كبرت نواة الإخوان المسلمين حتى وصلت إلى العديد من الدول وأصبح فكرهم كالفيروس أو الطاعون ينتشر بسرعة كبيرة ويتفشى بين الأجيال ، ولا سيما أننا لامسنا وأدركنا كيف اتخذت الحركة من الدين قناع يتخفى من خلفه هذا التنظيم الفاشستي ، حيث إتخذت المساجد منابر للدعوة والتجنيد ونشر أفكارهم والتغلغل في صفوف الناس واللعب على وتر الدين الإسلامي والعواطف الإيمانية لدى المواطن البسيط ، فهو اسلوب التعبئة والتجييش والتظيم والإستقطاب لحساب الجماعة ضمن قوالب فكرية وتربية حزبية تقوم على مبدأ الولاء والطاعة والولاء الذي يقوم على فلسفة ثابتة ترمي إلى تخدير وتغييب عقول الناس ومصادرة إرادتهم مما يسهل قيادتهم وتوجيههم والسيطرة عليهم في سياق تربوي مغلق ، تضع الجماعة مصالحها مقدمة على الوطن والدين  

(الإخوان ودولة الحشاشين)

وعلى هذا الغرار فقد سبق إن مرت تجارب تاريخية قامت على الولاء الأعمي للقيادة وإلغاء مبدأ تفعيل العقل كما حدث في عهد ' دولة الحشاشين ' في عام 471هـ/1078م عندما ذهب الحسن بن صباح إلى إمامه المستنصر بالله حاجًّا، وعاد بعد ذلك لينشر الدعوة في بلاد فارس، وقد احتل عدداً من القلاع أهمها قلعة آلموت 483هـ التي اتخذها عاصمة لدولته، حيث بدأت الأحداث بهذا الرجل 'الحسن بن الصباح' الذي كان يقوم بإختيار الأطفال لتدريبهم تدريب شاقاً للقيام بعمليات الإغتيالات و القتل ، وكان يشتر فيهم ألا يكونوا قد سبق لهم تذوق الخمر أو معاشرة النساء أو أي شيء من ملذات الحياة، وكانت بعض الأسر ترسل أبنائها إلى (الحسن)، حتى يجاهدوا في سبيل توسيع الدعوة الصباحية المقدسة!! كما أوكل (الصباح) أمر هؤلاء الفتية إلى بعض المعلمين ليعلمونهم أصول مذهبهم واللغة والشعر ،وتعلموا العلوم العسكرية على يد قادة بارعين جداً وكانت تدريباتهم العسكرية رفيعة المستوى بدرجة كبيرة، حتى إن بعضهم كان يتأذى أثناء التدريب.

غرس (الصباح) في نفوسهم أنه هو السيد والإمام والمولى وأن الله تعالى قد أعطاه مفتاح الفردوس يفتحه لمن يشاء من أتباعه الإسماعيليين.

إهتم (الصباح) آنذاك بالجانب الأخر من القلعة وبما خلفه ملوك الدايلم الفرس من حدائق غناء تخترقها الأنهار وتملؤها الطيور والأزهار وإشترى العديد من الفتيات شديدة الجمال ، حيث جلب الفتيان وأسكنهم القلعة وجلب لهم من يعلمهم الفنون والشعر والرقص ويجعل حياتهم ناعمة مثل الأميرات الناعمات. وقبل كل شيء كان يقوم بتعليمهم طاعته والولاء التام له والطاعة العمياء لأوامره. وعلى سبيل المثال عندما كان (الصباح) يفكر في خطة لإغتيال أي شخص أو زعيم فإنه ينتدب له أي من الأشخاص المدربين جيداً ممن ثبت إخلاصهم ولا شك في ولاءهم فيدخله (الفردوس الموعود )، حيث يستدعيهم في المساء ويجعلهم يتناولون الحشيش، ومن ثم يغيبون عن وعيهم ولا يفوقون إلا في الفردوس على أصوات الفتيات الجميلة التي تمثل لهم الحور العين، فيأخذن بالغناء والرقص له وهو الفتى الذي لم يواجه في حياته أي فتنة أو أغراء، ويقوم بعمل كل شيء حرم منه في الجانب الأخر من القلعة، كان الفتى بعد كل ما تعرض له يؤمن بقناعة أنه كان في الجنة وأن سيده (الصباح) فتح له باب الفردوس الحقيقي ،ثم تقوم الفتيات بتخديره وحمله إلى (الصباح) فيستيقظ وهو مؤمن تماماً بأن هذا (الصباح) معه مفتاح الفردوس الأعلى!! ثم يكون من الطبيعي وقتها أن يستجيب لكل ما يطلبه منه سيده حتي ولو كان في هذا مصرعه 'الطاعة العمياء' وفقاً لتلك التنشئة الخاصة التي كان الحسن الصباح ينشئ شبان الحشاشين عليها، فقد كان الموت غاية ومنية لهم إذ أن ما يفصل بينهم وبين نعيم الجنة التي أذاقهم بعضاً منها إلا أن يموت أحدهم ولو عن طريق قتل نفسه بإعتبار أنه يمكن أن يجد لذلك تعليلاً سهلاً قائماً على الإحتفاظ بسر الجهاد وسر أمرائه إن لم يجد أحداً يغتاله أو ينفذ فيه حكم الموت.

وهنا سنجد جماعة الإخوان المسلمون بفروعها في شتى الأماكن كيف أخذت من الأطفال الأبرياء مدخلاً للتغرير بهم وخداعهم بأنهم أولي الأمر والمرشدين والهادين إلى طريق الجنة وأن هناك حياة أخرى أجمل بكثير مما يعيشونها وإن قتلوا فهم إلى جنات النعيم ،ويرون من ملذات الحياة أضعاف في الأخرة فبدلاً من المرأة مئات النساء وخمر وغيره من طيبات الجنان العلا ، وإن لم يفعلوا وينفذوا فقد حل عليهم غضب الله وأولي الأمر وأصبحوا في حكم الضالين والخوارج فنالوا الجزاء في جهنم وبئس المصير ، وهذا ماقاله الشيخ حسن البنا في خطابه لجماعته يقول :"فدعوتكم – الإخوان المسلمون – أحق أن يأتيها الناس ولا تأتي أحداً، اذ هي جماع كل خير، وغيرها لا"

وكما رسم أحد شيوخ الإخوان المسلمين عبدالله ناصح علوان خطوط عملهم قائلاً "نتغلغل حتى تأتي مرحلة التنفيذ ولحظة الحسم"

بلاشك إنه أسلوب الإستعلاء العنصري والإستقواء الأرعن الذي يؤدي إلى الإستغباء الفاحش وفقدان التوازن القيمي والأخلاقي بكل ما يمثل ذلك من تعميم لمفاهيم عنصرية خطيرة ترتقي إلى درجة مركزية في صياغة البنية التنظيمية ومنطلقات التربية الفكرية والحزبية داخل الجماعة .

حماس (إفعل ما تؤمر)

السمع والطاعة ، مبدأ ثابت تسلكه جماعة الإخوان المسلمين ويربون أبنائهم على ذلك المنهج العبثي الذي يغلق الآفاق الفكرية ويسد مداخل الإجتهاد فلا يمكن ومن غير المسموح لعضو الجماعة أن يفكر بل هناك من يفكر بالنيابة عنك، وعليك أن تتلقى الأوامر فقط لاغير وتنفذها بحذافيرها وإلا،... ، حركة حماس الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان تعتبر نموذجاً صارخاً في الخداع والمكر والقتل والإرهاب ، واعتقدت باقي فروع الجماعة الإخوانية أن هذه التجربة قادرة على النجاح كيفما حصل في قطاع غزة / فلسطين / حيث اتخذوا منذ سنين من منابر المساجد منصات للدعوة إلى الانضمام لحماس واقناعهم بأن لا دين سوى دين حماس وأن حماس هي السبيل الأوحد للدخول أو العبور إلى جنة الله ، في الوقت الذي كان الشارع فيه غاضباً على بعض الفساد في السلطة الفلسطينية وبطبيعة الفطرة الإسلامية اختاروا هذا المقنع الحمساوي عسى أن يحكم بما أنزل الله من خير وحب وعدل !!!، وصدم الجميع بحقيقتهم وحقارتهم ودمويتهم وخيانتهم ، فكلنا يذكر جيداً تلك الفترة اللعينة التي عاشتها غزة منتصف حزيران 2007 وكم كانت دموية بكل معناها وراح ضحيتها الآلف من أبناء الأجهزة الأمنية الأبرياء ، وتابعها حكمهم المستبد والظالم لأبناء الشعب ، فتتالت الإعتقالات والتعذيب والترهيب والتخريب والتدمير وجر قطاع غزة إلى حروب هي بغنى عنها ولا يستفيد منها سوى حركة حماس وأبنائها .

فهم يتعاملون مع عناصرهم الملتزمين بالجماعة الإخوانية بمنطلق واضح يعتمد على تطبيق الأوامر والتعليمات الصادرة لهم من قيادتهم دون التفكير أو حتى الإعتراض عليها وتجسيد كل معاني الولاء المطلق لها بإعتباره جزء رئيسي من العقيدة والبراء من كل ماهو عداها حتى ولو كان المقصود أمه وأبيه .

لذلك يتضح لنا أن جماعة الإخوان المسلمين ومنذ أن نشأت وتبلورت في حياتنا فقد قامت على رؤية عنصرية وفاشية حقيقية لا يجاريها سوى منظومة المحفل الماسوني التي كانت النموذج الهادي للجماعة الإخوانية بكل ما يمثله ذلك من فكرة لعينة أخطر مما نتخيل ، ومن يعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين قد انتهت أو في طريقها للنهاية فهو مخطىء بشدة لأن الحرب الجارية في الكثير من الأقطار لا تستهدف سوى عناصرها ولا تحارب أفكارهم المسمومة ، وإن لم نفعل ذلك سيأتي يوماً ما ويعود التاريخ من جديد بإختلاف الشخوص وقد تلعننا الأجيال القادمة مليار مرة لأننا لم نمحو هذا السرطان الخبيث المتأسلم من التاريخ بل أبقينا جذورهم حية تعاود الإنطلاق مرة أخرى في أي فرصة قادمة، لينبت لهم من جديد بالصورة الحالية أو قد تكون بأشكال أخرى نظراً لقدرتهم الفائقة على التماهي مع الواقع وتسخيره من أجل مصالحهم عبر خداع وتضليل الآخرين ما إستطاعوا إلى ذلك سبيلا .

اخر الأخبار