"زوبعة شلبوكا" في فنجان الرئيس!

تابعنا على:   08:59 2014-12-06

كتب حسن عصفور/ ما حدث في برنامج تلفزيوني خاص على شاشة فضائية فلسطين يوم الخميس 4 ديسمبر 2014 سيصبح علامة فارقة، لن تمر على خير وطني، كون الذي حدث كسر كل "جرار النسيج الذاتي" في مساحة الإختلاف أو الخلاف، وتجاوز كل حدود المسموح "وعالمكشوف" دون حساب من اي حساب..

ما تفوه به المذيع الخاص "شلبوكا" في مقدمة برنامجه، يجب ان يشكل قاعدة غضب شعبي لا تتوقف حتى يكون هناك ثمن لأقواله، والتي شكلت اساءة وطنية كبرى لشعب لا يمكنه أن يقبل بمثل تلك الترهات السياسية، التي أدلى بها "المصان" أو "صاحب العفة السياسية"..

 مذيع يبدأ قوله وكأنه في مهمة محددة، بأن "الشعب الفلسطيني غريب لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب"، لأنه شعب يتذمر من سلوك وسياسات لا تستقيم مع أهدافه الوطنية ومستقبله السياسي، ولم يلحظ المذيع المسافة الوطنية بين غضب الفلسطيني من سياسة المحتلين الغزاة، وبين سياسة السلطة الفلسطينية الحاكمة بأمر الرئيس..

الخلط في المفاهيم كان سيد الموقف في ذهن المذيع الخاص، والسخرية من الشعب عامة فعلة لم يجرؤ يوما علىها أي كان، رفيع المنزلة أو وضيعها، فالسخرية من "شعب الجبارين" لخدمة شخص هي الاهانة الوطنية الكبرى، ولأن المذيع الخاص كان مكلفا بإرسال بعض مما يريد "ولي الأمر"، فقد سقط في المحظور الذي يحيل أوراقه الى المفتي الوطني، عندما يطالب كل من لا يقبل بالحال القائم على ما هو عليه بالهجرة وترك الوطن..

اليس هذه رغبة اسرائيلية مطلقة أن يهاجر كل فلسطيني، بل ويفعلون كل السبل لفرضها على من لا يريدونهم فوق أرض فلسطين، وكأن الضغط والارهاق داخل "بقايا الوطن" شمالا وجنوبا وقدسا، هدفه أن يترك من لا يرضى عن الواقع المرير سبيلا، هل نرى في "الطلب الشلبوكي" دعوة لتمرير منطق "تهويد الضفة الغربية والقدس"، كيف يمكن لأي كان أن يدعو لهجرة كل معارض لسياسة الرئيس محمود عباس، وهل يعلم المذيع الخاص كم هي نسبة المعارضة الشعبية لسياسة لم تعد لها ملامح أو محددات..

المسألة التي تعرض لها المذيع الخاص تتجاوز النيل من أشخاص ودول، هو بدأ النيل والتشكيك بالشعب قبل القادة، وبلا أدنى احترام لتاريخ كفاحي وروح ثورة أجبرت الكون على أن ترفع القبعة احتراما لشعب لم تقهره يوما قوى البغي والغزو والعدوان، وبالتأكيد لن تقهره أبدا، وحتما فشعب الجبارين وياسر عرفات لن يكون طينة لينة لللإرهاب السائد في "بقايا الوطن" بكل اشكاله..

كان من المتوقع أن يقدم الرئيس محمود عباس والرئاسة الفلسطينية أن يقطع البث فورا عندما تفوه المذيع الخاص، بتلك العبارات "التحقيرية" لشعب فلسطين، ودعوته لتهجير من لا يوافق على ما يريد الرئيس، دعوة لم يقدم عليها أي حكم ديكتاتوري ظالم فاسد في التاريخ البشري، سوى المستعمرين والمحتلين الغزاة عبر عمليات الطرد والتهجير..ولكن ما حدث فاق التقدير بأن يترك فضاء فلسطين لفتى يعبث بكلام لن يمر مرور الكرام مهما كان هناك جبروت أمني..

ولأن السقوط لا ينتج سوى سقوط، فقد سمح المذيع الخاص أن يفتح ملفا اشكاليا وخلق حوائط عزل مع الدول العربية، عندما تحدث عن تآمر بعض دول عربية على الرئيس محمود عباس، وهنا السؤال للرئيس وليس للمذيع المكلف أمنيا بقول ما قال من اهانة لشعب ويكملها باهانة لدول..

لو كانت هناك مؤامرات دول عربية ليسمها هذا "الفتى"، كي لا يكون الشعب الفلسطيني يعيش حالة ضلال سياسي، بين قيام الرئيس عباس بتقدير واعتزاز للعرب دولا وشعوبا لموقفهم من فلسطين، فيما يخرج مذيعا "لم ينطق على الهواء بلا هوا خاص"، ويتحدث عن "مؤامرة عربية"، من حق الشعب على الرئيس أن يعرف حقيقة المؤامرة وطابعها، كي يقف معه لاسقاطها ودحرها قبل أن تحقق غايتها..

وبداية نسأل هل مؤامرة سياسية أم شخصية للنيل من الرئيس وتحضير بديلا له، وهل تأتي في سياق دول ذات ثقل أم دول هامشية التأثير، فكل لها حساب، أم هي "حالة استدراج تعاطف" لا أكثر، أم مناورة لتغطية على كارثة مقبلة..

المسألة التي تطرق لها ذلك المذيع و"المؤامرة التي كشفها" ليست "لعب عيال"، ولن يصدقن أحد، عربي أم عجمي، أن الحديث عن "مؤامرة عربية" تأتي من مذيع دون معلومات من "جهات سيادية"، تملك معلومات خاصة بذلك..الامتحان هنا للرئيس والرئاسة وجهازه الأمني بكل مسمياته، وعدم كشف "المؤامرة" أو نفيها سيكون "سقطة - ورطة سياسية" ثمنها يفوق تقدير صبي الكلام..

أما الحديث عن لقاء شخصيات مع وزير خارجية أمريكا، ووصفها بالمؤامرة ، فهي تفتح بابا مركبا، اولا انه أدخل دولة الامارات كراعي للتآمر على الرئيس، وسهلت للولايات المتحدة البدء في نسج خيوط "المؤامرة" الأميركية مع شخصيات فلسطينية..

والسؤال للرئيس عباس وليس للمذيع، هل تقبل بما ذكره الفتى الخاص، وهل حقا دولة الامارات جزءا من مؤامرة، وقبل كل ذلك هل أنت مقتنع أن امريكا تقود مؤامرة سياسية عليك..ولو كان ذلك حقا، فالأكرم لك ولشعبك أن تكشف كل أبعاد تلك "المؤامرة الأميركية العربية الفلسطينية"..المسؤولية الآن على عاتق الرئيس..

ولماذا تتآمر امريكا الآن وهي تحصل على كل ما تريد من سياسة ومواقف، ربما فاق التودد لها والتنسيق الرسمي معها كل تقدير ممكن، على الأقل منذ انتصار فلسطين في الأمم المتحدة، والتي تم حصار الإنتصار فلسطينيا قبل محاصرته دوليا..

العالم يتجه لفلسطين ومؤسسة فلسطين الرسمية تتجه لأمريكا تنسيقا وحسابا وتدقيقا في أي خطوة مقبلة..أين المؤامرة هنا!

صمت الرئيس وعدم اتخاذ موقف حاسم ومحاكمة المدعي بما قال تحقيرا لشعب وتسهيلا لتهجير تمهيدا لتهويد، واشاعة فوضى سياسية مع دول عربية والنيل من شخصيات دون سند، تستحق أن يقف الرئيس وليس غيره محاسبا وحاميا لقيم وطنية من تهدور تسلل دون رقيب..دون ذلك فزوبعة شلبي ستبقى في فنجان الرئيس عباس..

بالمناسبة هل قطاع غزة جزء من "وطن شلبي" المطلوب أن يكون نقيا من الغضب أم هي كما قال بني يهود لبيلها البحر بدلا من هجرة أهلها..اي عار وطني وصل اليه بعضهم!

وايضا اي مناسبة بين دعوة "شلبوكا" للتهجير الذاتي وبين مخططات نتنياهو لتهويد فلسطين أرضا وهوية وووطنا..أهي صدفة أم رمية بعلم رام!

وللحديث بقية عن "المؤامرة الحق" و"المؤامرة الوهم" لو كان في العمر بقية.. نتواصل!

ملاحظة: دولة الكيان تمنع ثائر ايرلندي التقى بالرئيس عباس من زيارة غزة..العجب أن السلطة الحاكمة في شمال "بقايا الوطن" لم تنزعج..شكلها بدأت في تنفيذ "وصايا شلبوكه"!

تنويه خاص: تلميحات الرئيس الأميركي للملك الاردني عبدالله عن صعوبة تحقيق حل وسلام بين فلسطين والكيان رسالة يجب أن تجد الرئاسة وقتا لقرائتها.. يا رب تلاقي وقت بعد معارك الخميس والجمعة!

اخر الأخبار