جذور التحالف الأمريكى الصهيونى للسيطرة على الشرق الأوسط والعالم

تابعنا على:   19:52 2023-11-15

أمد/ بعد الحرب العالمية الثانية أى بعد 1945 ظهرت أمريكا كدولة عظمى أولى فى العالم وبدأت عملية إعادة ترتيب خريطة العالم على ضوء نتائج الحرب .

خرج الحلفاء ” المنتصرون ” ودول المحور المنهزمون محطمين على السواء إلا الولايات المتحدة التى لم تجر الحرب على أرضها إلا فى واقعة واحدة معزولة : الهجوم اليابانى على قاعدة بيرل هاربر البحرية ، وانتعش الاقتصاد الأمريكى وأصبح هو مصدر السلع الرئيسى فى أوروبا وآسيا ومختلف أنحاء العالم . كانت حصة أمريكا من الاقتصاد العالمى أكثر من 50 % ولكنها هبطت إلى 40 % عام 1960 ثم 22 % عام 2014 .

على المستوى الاسترتيجى ظهر الاتحاد السوفيتى رغم ما أصابه من دمار كقوة بازغة منافسة تمتلك قدرات صناعية عسكرية كبيرة واقتصادا قابلا للنمو بعد الحرب مع مخاطر نشر الأفكار الشيوعية بعد سيطرة الاتحاد السوفيتى على شرق أوروبا بأكمله تقريبا . كما شعرت أمريكا بإنذارات الخطر الحمراء عام 1949 . ففى ذلك العام أعلن الاتحاد السوفيتى عن أول تفجير نووى كاسرا الاحتكار النووى الأمريكى الذى تحقق وظهر فى قنبلتى هيروشيما ونجازاكى فى اليابان . وفى نفس العام انتصرت الثورة الشيوعية الصينية بقيادة ماوتسى تونج على كل الأراضى الصينية عدا جزيرة فرموزا ، تايوان الحالية . وحدثت بعد ذلك الحرب الكورية التى انتهت بتقسيم كوريا بين المعسكرين الشرقى الاشتراكى والغربى الرأسمالى . المهم أن السيادة الأمريكية على العالم أصبحت مهددة من أكثر من جانب ، خاصة وأن ألمانيا واليابان بدأتا فى استعادة العافية وكذلك أوروبا الغربية . وشعرت أمريكا باهمية تعزيز قوتها الذاتية . وكان النفوذ اليهودى المتنامى يطرح نفسه كحليف عضوى موثوق على الأرض الأمريكية وأيضا الأوروبية ، وفى مركز العالم : الشرق الأوسط .

فى المقابل فإن الكيان اليهودى العالمى كان قد خطا خطوة كبرى إلى الأمام مستغلا أحداث الحرب العالمية وأقام مشروعه على أرض فلسطين عام 1948 . ويخطىء من يتصور أنه مجرد إقامة دولة اسرائيل فى فلسطين أو حتى دولة اسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات . المشروع اليهودى العالمى هو السيطرة على العالم وحكمه وإدارته بصورة خفية أولا ثم بصورة ظاهرة ومعترف بها بعد أن تسلم الشعوب جميعا بهذه القيادة سواء طواعية أو كرها . وهذا الكلام مكتوب بشكل واضح فى خططهم ويظهر فى أعمالهم وتصرفاتهم وكلما تملكتهم الثقة بقوتهم أعلنوه صراحة . فى دراستى : المستطيل القرآنى أشرت إلى تصريحات هنرى كيسنجر اليهودى الأمريكى المخضرم بأن ساعة الحرب العالمية قد حانت وأن مركزها سيكون فى الشرق الأوسط . وأن أمريكا الماسونية هى التى ستحكم العالم ، أى أمريكا اليهودية – المسيحية الصهيونية . وهنا نجد إعجازا سياسيا آخر فى القرآن الكريم : لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا . المائدة 82

عندما نتحدث عن الاقتصاد الأمريكى من الداخل سنوضح تفاصيل العلاقات بين اليهود والبروتستانت فى أمريكا ولكن نتحدث الآن عن الرؤية الاستراتيجية العامة التى جعلت التحالف والترابط اليهودى – المسيحى الأمريكى ضرورى للطرفين .

المشروع اليهودى فى فلسطين هو المركز الجغرافى والعقائدى ، ففى فلسطين أورشليم العاصمة ومركز العالم والمركز التاريخى لنشأة اليهود كما أوردت التوراة التفاصيل . ولكن السيطرة المستهدفة هى العالم بأسره . ومن الممكن أن تكون الإدارة الخفية فى أى مكان فى العالم ولكن لابد للقيادة الظاهرة أن تكون فى أمريكا . وهذا هو المقصود من كلام كيسنجر .

المشروع اليهودى المعاصر ارتكز فى بداية الأمر على بريطانيا ثم فرنسا وغرب أوروبا عموما ، ومع ظهور القوة الأمريكية بدأت القيادة الصهيونية تنقل مركز عملها من بريطانيا وأوروبا إلى أمريكا دون أن تترك نفوذها فى أوروبا بطبيعة الحال ، حتى لقد كان بن جوريون وهو من أهم مؤسسى اسرائيل متواجدا كثيرا فى أمريكا قبل إعلان اسرائيل . وبعد قيام اسرائيل خاصة من أواخر الخمسينيات وما بعدها أصبح التحالف الأمريكى الاسرائيلى هو الأساس ولا يزال حتى الآن .

وكانت الضربات الاسرائيلية المتوسعة فى الوطن العربى فى ظل هذا التحالف : احتلال كل فلسطين وسيناء والجولان فى حرب 1967 ثم الحروب المتوالية على لبنان وضرب المفاعل النووى العراقى ، ونشر فكرة مشروع الشرق الأوسط الكبير بقيادة اسرائيل .

وقد جرى ترتيب المسرح لهذه المرحلة الاسرائيلية الأمريكية . فليس كافيا تلك العلاقة المميزة بين بروتستانت أمريكا واليهود ، بل لابد من تعديل مواقف الكنيسة الكاثوليكية تجاه اليهود بما لها من نفوذ عددى وأدبى : عدد الكاثوليك فى العالم حوالى مليار و200 مليون وفقا للفاتيكان . وفقا للبى بى سى . كذلك فإن كنيسة روما كانت تمثل الكنيسة الأم فى أغلب مراحل التاريخ بالنسبة للغربيين .

ما جرى من تحول فى موقف الكنيسة الكاثوليكية تجاه اليهود بعد كل هذا التاريخ الذى ذكرناه فى الفصل السابق ، ما جرى من تحول يوضح مدى ارتباط الدين عند الغرب بالمصالح الدنيوية . هناك تقارير عديدة توضح العلاقة الوثيقة بين المخابرات الأمريكية والكنيسة الكاثوليكية فى الأمور المتعلقة بالسياسة خاصة خلال الحرب العالمية الثانية . وبعد الحرب اجتمع المجمع الفاتيكانى وبدأ عملية التراجع فى الموقف إزاء اليهود وفتح باب التصالح . وأصبح هذا التصالح رسميا فى عهد يوحنا بولس الثانى عام 1978 وكأنها مسألة سياسية يتم حلها بالتصالح فقال : من فتنوا المسيح وسعوا إلى قتله ليسوا يهودا . وهذا مخالف لكل روايات التاريخ والأناجيل . وأضاف : اليهود اخواننا الكبار والمسيح ومريم والحواريين يهود !

ومع ذلك ورغم ذلك فإن اليهود لم يقابلوا ذلك بإعادة قراءة منفتحة للمسيحية وظلوا متمسكين بقرارات السنهدرين ، وهو مجلس حكماء اليهود فى مطلع القرن الميلادى الأول والتى تؤكد : إن المسيح مجدف . وفى نفس الوقت اعترض 4 أساقفة مهمين على قرار يوحنا بولس الثانى ومنهم ريتشارد وليامسون الذى يجحد قصة المحرقة : الهولوكوست التى يقول اليهود إنهم تعرضوا لها فى ألمانيا النازية وراح فيها 6 مليون يهودى . كانت معركة كسر عظام لأنها تدور حول العقيدة لذلك قام يوحنا بولس الثانى بحرمانهم ، وهذه أقصى عقوبة يمكن أن يتعرض لها مسيحى . وفيما بعد تمت إعادتهم للكنيسة عام 2009 ولكنهم اشترطوا عودة القداس اللاتينى الذى يتضمن دعوة اليهود للتوبة ودخول المسيحية . وقبلها فى عام 2008 تم فى أوروبا سحب كتاب يهودى يؤكد القتل العشوائى لأطفال المسيحيين فى أعياد الفصح . ولم يكتف البابا بولس بتبرئة اليهود بل سمح بالانضمام للروتارى والماسونية وكانت محرمة .

العلاقات المسيحية البروتستانتية الأمريكية مع اليهود عميقة منذ اليوم الأول للهجرة من خلال البيوريتان الانجليز ثم مع تأسيس الولايات المتحدة ولكن المشروع بدأ يتسارع إلى العلن بعد الحرب العالمية الثانية . حتى لقد حضر الرئيس ترومان المؤتمر الماسونى الكبير فى شيكاغو فى 11 مايو 1955 وفيه 50 ألف ماسونى واستمر الحفل أسبوعا ، ويقال أن ترومان حائز على الدرجة 33 فى الماسونية .

جمعية بناى برث ، أبناء العهد ، الماسونية فى أمريكا تم تعيين رئيسها فى عهد أيزنهاور أى فى الخمسينيات من القرن العشرين ، رئيسا للوفد الأمريكى فى الجمعية العامة للأمم المتحدة .

فوستر دالاس وزير خارجية أمريكا حضر المحفل الأعظم فى 8 مايو 1956 وقال : إن مدنية الغرب قامت فى أساسها على العقيدة اليهودية والطبيعة الروحية للانسانية . لذلك يجب أن تدرك الدول الغربية أنه يتحتم عليها أن تعمل بعزم أكيد من أجل الدفاع عن هذه المدنية التى معقلها اسرائيل . لاحظ انه لم يشر أى إشارة للمسيحية !!

اخر الأخبار