تحولات لافتة في التعاطي مع أزمات المنطقة

تابعنا على:   10:06 2014-12-04

د.عامر السبايلة

تحوّل لافت يظهر في لغة وخطاب كثير من المسؤولين الغربيين عند الحديث عن الازمة السورية وآفاق الحل المقبل. المسؤولون انفسهم قبل سنتين او اكثر رفضوا حتى الاستماع الى فرضيات الحل التي لا تنطلق من نقطة اسقاط النظام في سورية. التحولات الاخيرة في مسار الامور في المنطقة كان لها انعكاس واضح على طبيعة السياسة العالمية من شكل التعامل مع الازمات الى طبيعة الحلول المقترحة. تغيرت الاولويات وتغيرت معها النظرة الشاملة للامور. موضوع مكافحة الارهاب فرض نفسه على السطح وتغيرت معه الاهتمامات بالنسبة لكثير من الدول التي بدأت تستشعر خطرا حقيقيا على مستقبلها الامني والسياسي من جراء الاندفاع الاعمى وراء منظومة سياسية اثبتت افتقارها لاية استراتيجية حقيقية تضمن وتحافظ على مصالح حلفائها. المنظومات السياسية في العالم باتت تشهد حالة من التجاذبات والنقاشات الحادة خصوصا حول طبيعة التعامل مع ملفات المنطقة وعلى راسها الملف السوري وتبعاته او طبيعة العلاقة المستقبلية بين روسيا والاتحاد الاوروبي وآثارها الاقتصادية والجيوسياسية.

في مناخات الاتحاد الاوروبي لم يعد يفرد للحديث عن سورية اية مساحات كبيرة. الازمة السورية اصبحت مرتبطة بالازمة العراقية وتفاصيلها المعقدة والازمة العراقية باتت محور الحديث المرتبط باستراتيجيات مكافحة الارهاب. في خطاب المسؤولين الغربيين يستشعر المرء ولادة حالة من الواقعية الجديدة في النظر الى كثير من الامور، مثل الشعور بخطأ الاعتقاد بسهولة التحول الديمقراطي والسياسي في كثير من الدول او الاعتقاد ان التحالف مع تنظيمات جاهزة قد يكون مجديا خصوصا بعد وصول الاغلبية لقناعة مفادها ان هذه التنظيمات التي امتهنت ممارسة دول المعارضة لا تملك في جوهرها اي برامج سياسية حقيقية، او حتى برامج تنمية مجتمعية او اقتصادية وان الاسباب الحقيقية لحالة التنظيم او واقع الانتشار الذي تتمتع به مثل هذه الاحزاب يعود لمراحل طويلة من الاستفادة المباشرة من الواقع الذي كانت تفرضه الانظمة السياسية نفسها. مع ذلك يبرز الحديث اليوم عن ضرورة الالتفات الى اخطاء المرحلة السابقة في مكافحة الارهاب والتي ادت استراتيجيتها الى مضاعفة اعداد الارهابيين وتكاثر تنظيماتهم واتساع شبكاتهم. استراتيجية مكافحة الارهاب القادمة يبدو انها لن تقتصر على اجراءات امنية او عسكرية، المشاكل باتت واضحة وتقصير كثير من الدول في تبني استراتيجات تنمية بشرية باتت اوضح. لهذا فان كل هذه التحولات تفرض ضرورة وجود استراتيجيات مستقبلية لادارة الدول باساليب تقدمية مبتكرة. من هنا تبرز الحاجة الملحة لولادة تيارات وطنية تعيد تثبيت الهُويات الوطنية دون السقوط في فخ العنصرية او التقسيمات الطائفية والاثنية. كما تبرز الحاجة الى برامج تنمية وطنية حقيقية توقف حالة التفريخ المستمر للمنتجات الارهابية. ثورة في التعليم، والتنمية البشرية، وثورة مجتمعية نحو التأسيس لمعالم حياة افضل، وخلق حالة من الليبرالية الثقافية تعزز واقع التنوع الثقافي والسياسي. حيث ان الخطر الحقيقي اليوم هو في سيادة لون وطيف واحد في معظم المجتعات، والتحدي الحقيقي اليوم هو في كسر كثير من التابوهات الوهمية التي صنعها التقصير الحكومي وضعف وسائل التغيير المجتمعي.

عن العرب اليوم

اخر الأخبار