حرب "داعش" على الثقافة

تابعنا على:   18:23 2014-12-02

عمر حلمي الغول

اصدر تنظيم دولة العراق والشام الاسلامية "داعش" بيانين في "ولاية" غزة الحمساوية: الاول ضد (22) مثقفا فلسطينيا من الجنسين، طالبتهم ب"التوبة" خلال ثلاثة ايام، وإلآ سيقتص منهم؛ الثاني موجه للنساء، يطالبهن بارتداء الزي الشرعي.

وقبل الخوض في الرد على فسق التكفيريين الدواعش واضرابهم في غزة، فإن الضرورة تستدعي التوضيح أن حركة حماس، ووزير داخليتها السابق ومن معه من كتائب عز الدين القسام، هم من يقف وراء ما يسمى "داعش"، لا سيما وان حركة الاخوان المسلمين، هي الحاضنة والمفرخة لكل المسميات التكفيرية. وحركة حماس الممسكة بزمام الامور في محافظات الجنوب، تعمل وفق تعليمات التنظيم الدولي للاخوان، وهي رأس حربة لهم في فلسطين ومصر وغيرها من الدول العربية.

التعرض للمثقفين ال(22) ليس جديدا، ولكن الباسه ثوب "داعش"، هو الجديد، وذلك لممارسة الارهاب الفكري والتلويح بالارهاب الجسدي ضدهم. وذلك لفرض سياسة تكميم الافواه، وتعميم الثقافة الظلامية البائدة. وللانقضاض على جبهة الثقافة الوطنية التنويرية، حاملة راية الهوية الوطنية، والحصن الامين والاخير في مواجهة الهجمات الاسرائيلية والتكفيرية في آن.

كما إنقضت حركة حماس على الشرعية عبر إنقلابها الاسود اواسط العام 2007، تعتقد ان الظروف باتت مؤاتية لاستكمال مشروعها التفتيتي من خلال  ادواتها ومسمياتها المتعددة، واستخدامها للاساليب الارهابية المفضوحة. ولادراكها ان الجبهة الثقافية تمثل الدراع الواقي للهوية والشخصية الوطنية، شاءت تصعيد هجماتها الظلامية عليها لخنق اصواتها ومنابرها الابداعية، وصولا لتعميم ثقافتها السوداء البغيضة.

والهجمة الشرسة على الثقافة، كما اشير آنفا، ليست منفصلة عن حربها المتواصلة على الحريات الخاصة والعامة، والتي تستهدف مباشرة المرأة الفلسطينية، "حارسة بقاءنا وحياتنا، وحارسة نارنا الدائمة" كما قال شاعرنا الكبير محمود درويش، لمعرفتهم ان المرأة، هي الام والمربية والشريك الاساسي في الدفاع عن ذاتها وشريكها في الكفاح التحرري، وبالتالي عن الشعب واهدافه الوطنية. لذا سعت وتسعى لسلبها حريتها ومكانتها، وتطويعها لخدمة اهدافهم المتناقضة مع اهداف ومصالح الشعب العليا في الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة والتنمية المستدامة، من خلال ضرب القيم والارث الوطني والديمقراطي.

اضف الى ان الهجمة البشعة على الثقافة الوطنية ستطال القوى الوطنية كلها، التي مازالت حتى الان تركض في متاهة حركة حماس، وتغطيها بخوفها وقصورها من مواجهة التكفيريين وعلى رأسهم فرع الاخوان في فلسطين. ومراوحتها في موقع التردد و"المساواة" بين الوطنيين والخارجين على الوطنية مرة باسم "تقاسم كعكة السلطة" ومرة باسم "المقاومة"ومرة باسم "الوحدة"، مع ان جميع القوى السياسية والاجتماعية تعلم ان دواعش حماس لم يقبلوا سابقا، ولن يقبلوا القسمة على اية شراكة وطنية. ومناوراتها المفضوحة في الموافقة على المصالحة، ليست سوى شكلا من اشكال المناورة، فضلا عن ان ازماتها العميقة وليس رغبتها، هي التي فرضت توقيعها على المصالحة . حركة حماس ودواعشها امثال فتحي حماد ومن لف لفه، لن يتركوا وطنيا في قطاع غزة، وسيواصلوا إجتثاث كل الاصوات الوطنية واليسارية دون استثناء حتى لو كانوا اشباه النعام وواضعيالرؤوس في الرمال.

بيان "داعش" الحمساوي لا يجوز ان يمر دون موقف واضح وشجاع من الكل الوطني في عموم الوطن وخاصة في غزة، للرد عليهم بموقف موحد. والمطالبة بالكشف الفوري عمن يقف وراءه ومحاكمته على الملأ امام القضاء الشرعي. كما يتطلب من القوى الوطنية التخلي عن مواقفها المتذبذبةتجاه حركة حماس وارهابها الفكري والسياسي والاجتماعي والثقافي، لحماية وحدة المجتمع الفلسطيني وهويته الوطنية ولتعزيز خيار التعددية والديمقراطية في اوساط الشعب، والعمل على وأد وتصفية كل مظاهر التخريب في المجتمع، والدفاع عن مساواة المرأة والرجل الكاملة، والذود عن الثقافة الوطنية، الخندق الاخير للدفاع عن الهوية والشخصية الوطنية.

اخر الأخبار