انما للصبر حدود

تابعنا على:   10:51 2014-12-02

نبيل عبد الرؤوف البطراوي

كما تعود عليه شعبنا الفلسطيني وجماهير أمتنا العربية وأحرار العالم حيث الوضوح والرزانة والثقة بحتمية انتصار الحق على الباطل مهما كانت أدوات هذا الباطل ,ومهما عظم شأن من يسند هذا الباطل ,لكون نواميس التاريخ البشري تقول بأن الحق لابد أن يحق والقيد لابد أن ينكسر والشمس يجب أن تشرق بنورها ,نور الحرية على شعبنا الذي وقع تحت طائلة الظلم والتجاهل الدولي زمنا طويلا من خلال مجموعة من القرارات والتوصيات الدولية في حقب الاستعمار المختلفة لمنطقتنا العربية بشكل عام ووطننا فلسطين بداية بوعد بلفور المشئوم في العام 1917م مرورا بالانتداب البريطاني الذي مكن العصابات الصهيونية من احتلال وطننا وما تلاه من قرار التقسيم وما تبعه من تقاعس في تطبيق الشق والنصوص الخاصة بشعبنا والصمت وغض النظر عن استكمال احتلال باقي الارض الفلسطينية وبعض من الاراضي العربية وابقاء كل القرارات التي اتخذت في مجلس الامن بخصوص انهاء هذا الاحتلال حبيسة الادراج الدولية .

وكما هو معلوم للجميع بأن القيادة الفلسطينية قبلت باتفاق أوسلو على أمل أن يكون عام 2000م عام أنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطين على الاراضي الفلسطينية التي أحتلت في العام 1967م وحل كافة القضايا التي أتفق أن تبقى للحل النهائي ,والهدف الثاني كان للقيادة هو نقل الصراع مع المحتل الى أرض الوطن ,فكانت الثانية أسبق من الاولى حينما أفشلت اسرائيل (كامب ديفيد 2)حينما اندلعت انتفاضة الاقصى كردة فعل على زيارة شارون للمسجد الاقصى ,حيث شاركت قوى الامن الفلسطينية في هذه الانتفاضة من خلال الاشتباك المباشر مع قوات الاحتلال فاستشهد منها مئات الشهداء ,وشارك الكثير منهم في عمليات فدائية نوعية ضد المحتلين ومستوطناتهم ولم تكن تلك الأفعال خارج أطار رؤية القيادة الفلسطينية ,ولكن وبعد سنوات من العطاء والتضحية من قبل القيادة حيث أستشهد القائد الرمز ياسر عرفات على مذبح التمسك بالثوابت الوطنية دون التفريط والتنازل قيد أنملة عن طموحات وأحلام شعبنا .

ومنذ سَلم شعبنا الراية الى الرئيس عباس والذي وعد في الخطاب الأول لشعبه بالصراحة والوضوح وعمل على تبني أكثر من رؤية وخلق أكثر من ميدان لمقارعة العدو والاشتباك معه منها المقاومة الشعبية والمفاوضات والحلبة الدولية وفي كل تلك الخطى عمل على أيجاد حاضنة عربية لكل الخطى الفلسطينية ,فنجح

في تعرية المواقف الاسرائيلية أمام العالم أجمع وأمام الادارة الأمريكية بشكل خاص ومن خلال تلك المحاصرة الدبلوماسية لسياسات الاسرائيلية وخاصة في المجتمعات الاوربية التي باتت أكثر قناعة في أحقاق حقوق شعبنا كما أصبحت تتطور بشكل إيجابي لصالح قضيتنا فمن مقاطعة المنتجات الاسرائيلية التي تصنع في المستوطنات الى الامتناع عن التصويت في الامم المتحدة الى دعوة البرلمانات الاوربية حكوماتها الى الاعتراف بدولة فلسطين الى اعتراف بعض الدول بدولة فلسطين الى العمل على اعادة التفاوض والتهديد في حالة الفشل الى الاعتراف الجماعي بدولة فلسطين ,كل تلك الانجازات لم تكن لتحصل لولا الدبلوماسية الهادئة لرئيس أبو مازن .

ولكن تلك الدبلوماسية لم تخلو من الدعوة الصريحة لجماهير شعبنا من ضرورة مواجهة جيش الاحتلال والمستوطنين وضرورة وقف كل الاعتداءات على المسجد الأقصى وضرورة الحفاظ على القدس وضرورة محاربة كل أشكال التميز العنصري وضرورة الانضمام الى كل المؤسسات الدولية والتي يتمكن من خلالها شعبنا من محاسبة قادة الاحتلال على كل الجرائم التي ارتكبت بحق شعبنا والعمل على تفعيل ميثاق جنيف الرابع الذي يحرم نقل السكان من والى المناطق المحتلة أو استغلال مواردها واستنزاف مقدراتها .

من هنا كانت شمولية الكلمة التي ألقاها الرئيس أمام اجتماعات وزراء الخارجية العرب في القاهرة في اليوم العالمي لتضامن مع شعبنا حيث أصرار القيادة الفلسطينية على رفض فكرة الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل لما لهذا العمل من أثار سلبية على أهل فلسطين ,ولما لهذا الاجراء العنصري من تطاول على تاريخ المنطقة وحالة التعايش القائمة بين كل المعتقدات ,كما يكون هذا الاجراء عبارة عن الثقاب الذي سوف يشعل الحرب الدينية ويحرف نضالنا ويدخلنا في متاهات يرغب اليمين الصهيوني جر المنطقة أليها لتجنيد العالم ضد نضال شعبنا المشروع في كل المواثيق الكونية .

من هنا يكتشف شعبنا اليوم حالة المساندة والتبني العربية والدولية لخطى القيادة الفلسطينية حيث أعطت القيادة الوقت والجهد الذي أرادة بعض الاطراف الدولية من أجل جلب الحكومة الاسرائيلية الى مفاوضات تفضي الى أيجاد نهاية وحل لهذا الصراع الذي يعتبر المدخل لإنهاء حالات كثيرة من الاشتباك في المنطقة ولكن كل تلك الجهود كانت تتحطم على صخرة الرفض الصهيوني والغطرسة التي بات صداها في المواقف الدولية ,فمن كانوا بالأمس القريب ينظرون الى خطوة القيادة بالحصول على الاعتراف بفلسطين كدولة تحت الاحتلال كخطوة رمزية لا قيمة لها اليوم يطالبون القيادة بضرورة التسريع للانضمام الى المؤسسات الدولية .

وهنا السؤال هل جر الويلات والدمار على شعبنا ومنح الحكومة الصهيونية الذرائع لجلب كل أشكال الدمار والخراب سوف يقربنا من تحقيق أهدافنا وخاصة حينما تكون تلك الخطوات متخذة بهدف فئوي ,والتهليل والتطبيل للإنجازات وهمية دون واقع على الأرض ,فأين رفع الحصار وأين الميناء والمطار وأين الاعمار ؟

أن محاولات البعض فتح ملفات داخلية لا قيمة لها اليوم في ظل استعداد القيادة ومعها القيادات العربية الى مجلس الأمن يتساوق بشكل واضح ويتطابق مع الرؤية الصهيونية في التشكيك ومحاولة أيهام العالم أن الرئيس عباس لا يمثل الكل الفلسطيني ,فلماذا هذا التوافق !فهل من باب الصدفة أم توزيع ادوار ,ففي الوقت الذي تعطل خطوات الحكومة التوافقية في غزة في الوقت الذي يطلب من تلك الحكومة أن تقوم بتلبية كل الاجندة الحزبية المالية ,أي مطلوب أن تكون حكومة صراف آلي ,فلماذا لم تمكن في أن تكون حكومة كما كل حكومات الأرض ليتمكن الشعب من محاسبتها ولتأخذ غزة وأهلها نصيبهم الطبيعي من كل المشاريع والمساعدات والمكتسبات التي تقدم لشعبنا .

وأخيرا أن شعبنا الفلسطيني بشكل عام غير قاصر عن تجديد الولاية والشرعية لكل من باتت شرعيتهم في مهب الريح ,وصبره لن يطول على حالة القمع وتكميم الأفواه وضيق الحياة وفقدان الأمل .

اخر الأخبار