"حنين المفاوضات" المفاجئ في "حزمة المطالب الفلسطينية"!

تابعنا على:   09:51 2014-11-30

كتب حسن عصفور/ يوم 29 نوفمبر 2014، كان يوما فلسطينا بامتياز في عاصمة المعز للمحروسة بشعبها وجيشها، يوم فلسطيني محل حديث اخباري عام، حيث لقاء الرئيس عباس بالرئيس السيسي، عله الأكثر وضوحا في الرؤية السياسة التي تم تناولها منذ انتخاب الرئيس المصري،  تداول مواقف لم يسبق أن كانت موضع الحديث، فيما لقاء "لجنة مبادرة السلام العربية"، والتي لم تجد لها نصيبا من الحضور السياسي المؤثرسوى الاعلامي لا أكثر، وبعدها لقاء وزاري عربي، تخلله خطاب هام جدا للرئيس محمود عباس..

اليوم الفلسطيني المميز جدا في مصر المحروسة، أنتج حالة سياسية بها من الغرابة، كما الدهشة ما يستحق التوقف، فمن استمع لخطاب الرئيس عباس، وقبله ما نشر عن حيثيات اللقاء مع الرئيس السيسي، سيجد أنه أمام مشهد يثير الحيرة الارتباك، أكثر اشاعته من الآمان السياسي، مع ان جل الخطاب والحديث الثنائي تعرضا لكل ما يمكن أن يطلبه الفلسطيني والعربي من مطالب يجب أن تكون "عناصر البرنامج السياسي" لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي..

ورغم غياب الآلية المحددة لتطبيق تلك المطالب، سوى الخطوة "الوهمية" بالذهاب الى مجلس الأمن، الا أن عرض المطالب بجملتها، لو كانت حقا ضمن برنامج تنفيذي ستحدث "انقلابا في المشهد السياسي" الاقليمي والدولي، لكن اعادة الحديث عن "شروط العودة للمفاوضات" مع دولة الكيان، يفتح بوابة "رحلة الشك السياسي في كل ما تم عرضه من طلبات مشروعة جدا، ومطلوبة جدا..

كان غريبا بل ومستهجنا أن يعود الرئيس محمود عباس لفتح الحديث عن المفاوضات بما كانت عليه بمحدداته التي توقفت بسببها المفاوضات، فالرئيس عباس تحدث عن إمكانية العودة للمفاوضات لو تجاوبت حكومة نتنياهو، مع مطالبه بوقف النشاط الاستيطاني، واطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى، والانسحاب من بعض مناطق "أ" التي اعادت السيطرة عليها، وتحدث بها مع وزير الخارجية الأميركية جون كيري كي يخبرها الى بيبي نتنياهو وينتظر الجواب..

وكان الرئيس عباس تحدث بذات النقاط التفاوضية خلال اللقاء مع الرئيس المصري، أي أنها لم تكن علما وخبرا بما كان يوما، لكنها "رسائل سياسية" لا تزال  قائمة، وهنا يمكن اعتبار أن مطلب العودة الى المفاوضات هو المطلب الرئيسي على جدول أعمال الرئيس عباس، بل أن عودة المفاوضات تحتل الأولوية على كل المطالب الأخرى، رغم احقيتها ومشروعيتها، إن قبل بها نتنياهو..

وهنا، لو افترضنا ان رئيس الطغمة الفاشية الحاكمة في تل أبيب، مارس بعض "الذكاء الخبيث"، بالتنسيق مع "محبوبة البعض الفلسطيني أمريكا"، وبادر لاعلان قبوله بتلك المطالب، وأنه سيفعل اطلاق سراح اسرى من الدفعة الرابعة، والتوقف عن السيطرة على مناطق "أ" ويدرس وقف النشاط الاستيطاني، وبلا أي مقابل فلسطيني، هل ستنتهي رحل المطالب المشروعة، وكل التهديدات التي تم اعلانها بدل المرة الواحدة عشر مرات..

هل يمكن اعتبار قبول نتنياهو بتلك "المطالب" بديلا للمشروع الفلسطيني بكامله، وستعود حلبة المفاوضات، و"التي وصفها الرئيس عباس ومفاوضيه أنها باتت عبثة ومضيعة للوقت"، الى استقبال المتفاوضين، وسنقول عفا الله عما سلف، ويصبح المطلب الشرعي هو كيفية تنفيذ المشروع الفرنسي الذي يبحث استبدال مشروع جدول زمني لانهاء الاحتلال بمشروع جدول زمني لانهاء المفاوضات..

كيف يمكن الحديث عن عودة المفاوضات، بعد ما ذكره الرئيس عباس ذاته في الخطاب أمام العرب، من اقرار القوانين العنصرية الخمسة، وكيف له أن يفاوض كيانا يبحث اقرار قانون لإقصاء تاريخ وهوية شعب، وكيف له أن يستمر بتلك "الثقة المطلقة" بأن المفاوضات لا زالت طريقا طريقا سالكا وآمنا، مع حكومة تصفها نسبة كبيرة من شعبها بأنها الحكومة الأكذب، وكيف له ان يضع كل "بيض الشعب" في سلة تفاوض برعاية مطلقة من أمريكا..ويتجاهل الأمم المتحدة والدور الروسي، بل ولجنة مبادرة السلام العربية..وبعد كل ما جرى ويجري من ممارسات لا يمكن لحر قبولها..

هل يظن الرئيس عباس أن الحديث عن عودة المفاوضات بتنفيذ ما توقف من طلبات، ليس سوى مناورة هدفها احراج نتنياهو أو ارباك امريكا أمام "الاعتدال الفلسطيني المطلق"، ما قد يفقدها بعض اوراق في مجلس الأمن..بعد كل التجارب الطويلة، ودروس وعبر المفاوضات مع كل اشكال وانواع الأحزاب في دولة الكيان، ولم يبق باب ووسيلة وفكرة الا وتم نقاشها، والنتيجة ما هو قائم اليوم وما سيأتي من مشاريع عنصرية جديدة..

اليس سذاجة سياسية الظن بأن المفاوضات لا زالت الطريق المفضل عند الرئيس عباس، كبديل للمشروع الفلسطيني المعتمد وطنيا وعربيا لانهاء الاحتلال..كفى تلاعب سياسي حتى لو كانت "مناورة محسوبة"، فالحديث عن المفاوضات اليوم بذات المنطق هو خراب سياسي لمشروع وطني..

كان الأمل أن يكون يوم 29 نوفمبر يوما تاريخيا في معادلة المواجهة مع المحتل الغازي بوضع آلية تنفيذ مشروع وطني فلسطيني والطلاق مع رحلة التهديد الكلامية المستمرة منذ عدة أشهر، دون جدوى..كان الأمل المنتظر البدء الفوري باعلان دولة فلسطين والقطيعة الكلية مع دولة الاحتلال، وليس تلميحا هنا وتعويذا هناك!

كفاية عبث..وكفى تجارب على حساب قضية وطن ومشروع شعب للخلاص من احتلال عنصري فاشي..

ملاحظة: انتفضت كتل برلمانية فلسطينية، وهي على حق، لتدافع عن خرق السلطة ضد النقابات واعتقال بعض شخصياتها، لكن الأغرب ان الكتل تجاهلت كليا تحقيقا عن فضحية فساد هي أخطر من قضية النقابات..ليش!

تنويه خاص: حسنا فعلت مصر باعادة فتح المعبر ثانية..ليتها تستمر مع حرصنا المطلق على أمنها، وحرصنا المطلق على حياة أهل لا خيار لهم الا معبر رفح!

اخر الأخبار