القدس وسياسة العقاب الجماعي

تابعنا على:   01:45 2014-11-21

راسم عبيدات

ما صدر عن  إجتماع الكابينت الإسرائيلي المصغر عصر أول أمس الثلاثاء من قرارات،كلها تحمل طابع التحريض والتصعيد على وضد المقدسيين، وهذا يؤشر بشكل واضح بان حكومة الإحتلال،قد حسمت امرها بشأن العلاقة والتعامل مع اهل القدس،التعامل فقط  من خلال الحل الأمني والبطش والقمع والقتل والعقاب الجماعي،ولم تمر ساعات قليلة على قرارات تلك الكابينت حتى كانت بلدوزرات وجرافات الإحتلال وقواته التي كان عددها يفوق عدد سكان الحي الذي يتواجد فيه منزل الشهيد الشلودي،قوات كل من شاهدها لعددها وما تسلحت به من أسلحة يعتقد بانها جاءت من اجل ان تحتل القدس ثانية،جاءت لكي تدمر بيت الشلودي وتشرد عائلته،جاءت لكي ترسل رسائل للمقدسيين،بأن ما ينتظركم هو مصير الشلودي،وإن لم يكن أسوء من ذلك،وقطعاً لن تقف الأمور عند حدود بيت الشلودي ولا حجازي ولا العكاري الذي حضرت قوات كبيرة من جيش الإحتلال فجر اليوم لهدمه،ولكن شراسة مقاومة شبان المخيم،وإستعدادهم للشهادة الجماعية على أبواب المخيم،حالت دون هدمه،ولا جعابيص الذي تسلم اهله إخطار بهدم البيت ،أما الشهيدين غسان وعدي أبو جمل فيبدو ان الأسوء ينتظرهم،فالمحكمة  المركزية بالقدس رفضت الإستئناف المقدم من محامي مؤسسة الضمير بشأن تسليم جثمانيهما،وأبقت موعد التسليم مفتوحاً الى اشعار آخر،وهذا مؤشر خطير ودلالة على ما يخططه الإحتلال لأسرهم ولبيوتهم.

من خطف وعذب وحرق وقتل الفتى الشهيد أبو خضير حياً،ربما في عرف حكومة التطرف والعنصرية  ينتظر الجوائز والنياشين،ولا يجوز أن يهدم بيته او حتى يعاقب،فالبحث جار عن مخرج لكي يطلق سراح هؤلاء القتلة،تحت حجج وذرائع  فقدان الأهلية والإضطراب النفسي لكبيرهم،وعدم بلوغ السن القانوني للقاصرين،وكأن سجون الإحتلال لا تعج بمئات القاصرين الفلسطينيين والمحكومين باحكام عالية تصل الى المؤبدات،نتيجة رفضهم ومقاومتهم للإحتلال،تماماً كما هو حال من أعدم الشهيد خير الدين حمدان من كفرا كنا  بدم بارد،وأثنى عليه وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي "يتسحاق أهرنوفيتش".

ليس فقط سياسة هدم المنازل لمنفذي العمليات الإستشهادية او الذين جرى قتلهم لمجرد فقدانهم السيطرة على مركباتهم جراء خلل ميكانيكي او خطأ بشري،بل معظم البلدات الفلسطينية جرى إغلاق مداخلها بالمكعبات الإسمنتية في عقاب وتعطيل جماعي لحياة السكان،وكذلك إطلاق الغاز المدمع وقنابل الصوت والرصاص المطاطي والمعدني على السكان بدون تميز،ومراعاة لمرضى او كبار السن او اطفال،ناهيك عن رش المياه العادمة على البيوت والمدارس وحتى المراكز الطبية وغيرها،يضاف لذلك حملات المخالفات اليومية بحق المركبات الفلسطينية بغض النظر عن قانونيتها أو عدم قانونيتها،فالمخالفات تاتي في إطار سياسة العقاب الجماعي والإنتقام من المقدسيين على خلفية رفضهم لإجراءات وممارسات الإحتلال الإذلالية والقمعية بحقهم.

والإحتلال في إطار التحريض المتواصل من قبل قادة حكومته اليمينية المتطرفة يتسابقون حول كيفية القمع والتنكيل بالمقدسيين،فهم يؤمنون بأن من يشدد القمع والعقوبات بحق المقدسيين أكثر،يحصد جمهور ومؤيدين اكثر ومقاعد في البرلمان"الكنيست" والحكومة اكثر،تحت ذريعة إستعادة الأمن والهدوء في مدينة القدس،فوزير الإقتصاد الصهيوني من البيت اليهودي " نفتالي بينت" يدعو لشن حملة عسكرية على اهل القدس،شبيهة بحملة ما يسمى بالسور الواقي التي شنت على الضفة الغربية في 2002،حملة حسب رأيه من اجل إقتلاع جذور الإرهاب واعتقال المحرضين،والإنتقال من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم.

يتسابقون ويتفننون في أيهم وسائل قمعه أنجع وأشرس بحق المقدسيين،ميري ريغيب رئيس لجنة الأمن والداخلية في الكنيست طرحت على وزير العدل الإسرائيلي "تسفي ليفني" مشروع تشديد العقوبة على راشقي الحجارة من الأطفال وشبان الإنتفاضة المقدسيين،لكي تصل الى عشرين عاماً،ومرر بالقراءة الأولى في الكنيست،ووزير الأمن الداخلي "يتسحاق اهرونوفيتش" قال بانه يجب ان لا يخرج أي منفذ لعملية فلسطيني ضد الإسرائيليين حياً،وبأنه يجب استخدام الرصاص الحي ضد مطلقي المفرقعات تجاه جنود وشرطه الإحتلال،ونتنياهو يدعو الى  سحب الإقامة من المقدسيين وطردهم وإبعادهم الى غزة والخارج،وكذلك القيام بحملة إعتقالات إدارية بحق ما يسمى بالنشطاء والمحرضين المقدسيين،وهو كذلك مهندس سياسة هدم المنازل للشهداء،وسياسة ان العرب يرضخون فقط بالقوة .

لا أحد من كل ألوان الطيف السياسي من هذه الحكومة اليمينية،يدعو الى ضرورة التعامل مع العرب المقدسيين،بأن لهم حقوق في هذه البلد،يجب التعامل معهم بكرامة،وأن لا تنتهك مقدساتهم ،ولا يحرمون من حق الإقامة والسكن،فهم جميعاً مقتنعين بأن هؤلاء العرب المقدسيين،كم سكاني زائد يجب التخلص منهم بكل الوسائل والسبل،وهم كذلك بمثابة السرطان الذي يجب ازالته بجراحة قيسرية.

ما تحمله قادم الأيام فيه الكثير من الخطورة على المقدسيين،خصوصاً أن حكومة الإحتلال بدل لجم المستوطنين ووقف عربداتهم وزعرناتهم،و"تغولهم"و"توحشهم" ضد المقدسيين،أقر الكابينت المصغر اول امس الثلاثاء تسهيل عملية تسليحهم،وهذا قد يكون له تداعياته الخطيرة تجاه قيام البعض منهم بإرتكاب مجازر جماعية بحق المقدسيين،او القتل تحت حجج وذريعة تهديد حياتهم بالخطر.

المقدسيون باتوا بحاجة الى توفير حماية دولية مؤقتة،فعلى الأمين العام للأمم المتحدة "كوفي عنان"،وعلى الإتحاد الأوروبي والرباعية الدولية،ان يتحملوا مسؤولياتهم،في هذا الجانب،فهناك مخاطر وتهديدات جدية  على وجود وحياة المقدسيين،فاسرائيل بعقوباتها الجماعية بحق المقدسيين،تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة ومعاهدة لاهاي لعام 1907،وأفعالها هذه ترتقي الى مستوى جرائم الحرب.

اخر الأخبار