واقعنا اليوم بين صكوك الغفران والحرمان الكنسي

تابعنا على:   18:29 2023-06-10

د. ناصراليافاوي

أمد/  استذكر قرائتي ما قاله الفيلسوف (ماركس) بأن التاريخ يعيد نفسه مرتين؛ مرة على شكل مأساة ومرة على شكل مهزلة، وخلال قراءتي للجملة، تبادر إلى ذهني سؤال إمكانية تجليها بالوجهين المأساة والمهزلة معاً. من المعلوم أن الكنيسة الكاثوليكية بالقرن الخامس عشر بتاريخ ١٢.١٢.١٥٢١ وبوثيقة (صك الغفران) حيث إن المذنب يمكنه شراء ذنوبه ومعالجتها بالمال لتطهيرها وامتلاك مفتاح الجنة، وأصبح المال ضمانة الدخول وبمعنى أدق أن النار مخصصة للفقراء، والجنة حكر على الأغنياء فقط، من يستطيع شراء العقد من الكنيسة الغربية للخلاص من الذنوب السائد لدى فكر الطبقة الحاكمة وكان الحكم بيد الكنيسة، فتلك الوثيقة التي تمنحها الكنيسة الكاثوليكية مقابل مبلغ مادي يدفعه الفرد للكنيسة وكل بثمنه حسب خطاياه، ليس غريبا أننا نشهد هذه الأيام صكوكا جديدة تعطى للأكثر ولاءا وتسحيجا ، لمن يبيع نفسه وحتى أقرب الناس إليه فى سبيل الحصول على صك من المسؤول المهيمن، حتى ولا مارس التسلط والهيمنة والعنصرية بعيداً عن كافة المواثيق والأعراف والقوانين النظرية المركونة فى أدراج المؤسسة .

إن صك الغفران لا يزال يفعل فعله في اروقة المؤسسات والوزارات ، وأصبح صك الغفران يلعب دوره في كل نواحي الحياة الإجتماعية والإقتصادية والثقافية، والتاريخ يشي لنا أن العلماء والمبدعين والأنقياء دفعوا ضريبة تفانيهم واخلاصهم ، وحصلوا على وثيقة ووصمة الحرمان الكنسي ، حيث أن جزء كبير منهم عوقب على الوعي والثقافة والتعليم الذي لديهم، وحرموا من الترقيات وأخواتها ، فمجرد أن يكون الفكر السائد هو فكر إعطاء الصكوك للأكثر تسحيجا، من هنا نقطة البداية فالقوانين والأنظمة السائدة فى زمن الصكوك والحرمان هدفها واحد خدمة هذه الطبقة ، وشعار الصك المشرع (من ليس معنا ومن لم يسحج لنا فهو ضدنا)

اخر الأخبار