أمد/ اليوم الخامس من حزيران , تعيش امتنا العربية ذكرى مؤلمة , اجتاحت قوات العدو الصهيوني الاراضي العربية في مصر وفلسطين والجولان وجنوب لبنان , في الوقت الذي كانت امتنا تنتظر نصرا للقوات العربية على العدو الصهيوني , كانت هزيمة يونية صدمة هزت اركان الامة وجماهير شعبنا , كنت في القاهرة واتجهت مع الاخوة الطلبة العرب الى مقر الشؤؤن العربية في الاتحاد الاشتراكي العربي في مقره على كورنيش النيل وطالبنا بالتطوع والذهاب الى الخطوط الامامية نقاتل مع القوات المصرية , وارسلونا في دورة تدريبية سريعه الى معسكر الهرم وتم توزيعنا على مدن القناة فكان نصيبي مع عدد من الاخوة الى السويس موقع الزيتيه وفيها عدد من خزانات البترول تم تدميرها وبقيت النيران تشتعل فيها عدة ايام , كانت الصدمة كبيره لكن الامل والعزيمة والثقة بالقائد لم تتزعزع , كان ياتي الى زيارتنا في الليالي الكاحلة السواد رموز وطنية نجلس نستذكر دروس النكسة وكان الشاعر الوطني الغزالي شاعر السويس يلقي اشعاره التي بقيت احفظها عن ظهر قلب حتى غنتها فايده كامل ورددتها الجماهير في معارك مصر بعد ذلك في حرب الاستنزاف وحرب العبورر : فات الكثير يا بلدنا ... وما بقاش الا القليل , وعظم اخواتنا نسنو نسنو ونعمل منو مدافع وندافع ونجيب النصر تحية لمصر الخ ....

لم تهزنا الهزيمه وفاجانا عبد الناصر باعلانه التنحي والعودة الى صفوف الجماهير التي تحمل تبعات الهزيمه ومسؤليته عنها , خرجنا في انصاف الليالى في القاهرة وسائر المحافظات نطالب عبد الناصر بالبقاء والعودة عن قراره وتوجهت الجماهير الزاحفة الى بيت القائد في منشية البكري تطالبه بعدم التنحي والعودة الى قيادة الشعب , وعاد الرئيس عن قراره , وبدا في الاعداد لرد الهزيمة فاحدث تغييرات شاملة في قيادات الجيش واستلم قيادة الجيش الفريق محمد فوزي ورئيس الاركان عبد المنعم رياض وسعد الدين الشاذلي قائد قوات الصاعقة , وتم تعيين الاف الشباب الجامعي في المواقع العسكرية الهامة الدفاع الجوي والطيران وافرع القوات والمدفعية , وبدات زيارات عبد الناصر الى الاتحاد السوففييتي لابرام الصفقات العسكرية واهمها اسلحة الدفاع الجوي والطيران والصواريخ وخاضت القوات المصرية عددا من المعارك منها معركة راس العش في بورسعيد الذي حققت فيه القوات المصرية هزيمة ساحقةفي قوات الاحتلال ثم اغراق البارجة العسكرية ايلات , في عرض البحر في بورسعيد , وها قد بدات حرب الاستنزاف بارادة وعزيمة للقيادة والقوات المسلحة , وبدا بناء حائط الصواريخ الذي تصدى للطائرات الحربية الاسرائيلية وكانت اشهرها معركة الطيران في سماء المنصورة التي اسقط فيها 17 طائرة , ودخلت قوات الصاعقة الى اعماق سيناء وقتلت واسرت المئات من الجنود والضباط الاسرائيليين , استشهد عبد المنعم رياض على خط القناة مباشرة وكان اليد اليمنى للقائد عبد الناصر ولكن الضابط البطل ابراهيم الرفاعي ومعه عناصر الصاعقة في الكتيبة 39 روى لنا احد عناصر هذه المجموعة كيف دخلوا الى عمق سيناء وهاجموا الخندق الذي استهدف عبد المنعم رياض وقتلوا كل من كان في هذا الموقع 49 عنصرا اسرائيليا وانسحبوا ليستقبلهم عبد الناصر وليذكرهم تاريخ بطولات جيش مصر العربى في مواجهة العدو الصهيوني . عاش شعبنا في مصر ذكريات حرب الاستنزاف التي روعت جيش العدو لدرجة ان جولدا مايير اشتكت للولايات المتحده لكثرة الخسائر في الارواح والمعدات وطالبت بوقف اطلاق النار , عاش شعبنا في مصر اياما خالده في حرب الاستنزاف التي كانت مقدمة لحرب العبور وهزيمة الجيش الذي لا يهزم كما ادعت الدعايات الصهيونية , انتصر عبد الناصر وانتصر جيش مصر وشعبها الذي وقف بصلابة : لا صوت يعلو فوق صوت المعركة , وما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة , وكانت القوة الناعمة التي قادها كبار الفنانين المصريين وغنت ام كلثوم في باريس للمساهمة في ازالة اثار العدوان وغني عبد الحليم حافظ وسائر الفنانين المصريين لاروع الاغاني والاناشيد الوطنية كان صلاح جاهين يؤلف الاغاني التي تنطلق على السنة المصريين والعرب , هزمنا الهزيمه وانتصرت مصر ومعها الجماهير العربية , نذكر تلك الايام التي المت بامتنا , لكن هذا العدو بقي في بعض ساحاتنا في فلسطين ولبنان والجولان يعيث اجراما ضد ابناء شعبنا , وما احوجنا الى مواجهة امتنا لهذا العدو الذي يعيث اجراما ضد امتنا ويقتحم المقدسات , وشعبنا في فلسطين يتصدى لعدوانه بالمقاومة المسلحة , وتخرج جماهيرنا في فلسطين المحتلة عام 48 ترفع الاعلام الفلسطينية تدين جرائمه وتتحدى احكامه وقوانينه . امتنا مدعوة اليوم وفي ذكرى النكسة ان توحد قواتها وتقف امام مؤامرات هذا العدو الذي يهدد وجودها لتعيد عليه حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر العظيم وتقتلع كيانه من ارضنا العربية . وكما كان انتصارنا في حرب اكتوبر ستنتصر امتنا باذن الله في معرة حاسمة مع هذا العدو العنصري الاجرامي.