هل ينجح أبو ايفانكا في إعادة عقارب الساعة الى الوراء؟

تابعنا على:   17:11 2023-03-30

فاضل المناصفة

أمد/ خلال آخر حوار له مع قناة فوكس نيوز الأمريكية، زعم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بأنه يملك القدرة على انهاء الحرب التي تدور رحاها في أوكرانيا بكل سهولة وفي عضون 24 ساعةّ، معتبرا أن له طريقته الخاصة في التفاوض مع بوتين وزيلنسكي والتي لم يكشف عنها خلال هذا الحوار.... ليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها ترامب العنان لعبقرتيه الديبلوماسية، بل سبق وأن تناول هذا الموضوع أمام حشد من مناصريه خلال المؤتمر السنوي للقادة المحافظين في مطلع شهر مارس الجاري.

لم يعطي ترامب أي تفاصيل عن خطته التي تنهي الحرب ولكنني اتصورها بنفس البساطة التي تحدث فيها عن إمكانية شرب المنظفات لقتل فايروس كورونا، فالرجل لا يدرك أن الحرب اتخذت ابعادا تجاوزت مسألة ضم أوكرانيا، وأن روسيا تخطط لأبعد من ذلك وترى أن الفرصة مناسبة لإنهاء الأحادية القطبية ومنه بناء نظام عالمي جديد، كما أن الصين قد بدأت رسم شرق أوسط جديد بعد أن فقدت فيه الولايات المتحدة الأمريكية القدرة على التأثير، وأن الجلوس على طاولة المفاوضات مع بوتين سيجعل مسألة انهاء الحرب والتنازل عن فاتورتها الاقتصادية و إزالة العقوبات المفروضة ضد روسيا أمر سيتم بمنتهى البساطة.

وعلى فرض أن ترامب عاد الى البيت الأبيض مجددا، ما وهو مصير العلاقات الأمريكية الخليجية؟ هل بإمكانه أن يعيد عقارب الساعة الى الوراء؟ وما المقابل ليتخلى السعوديون عن حليفهم الصيني الجديد في المنطقة وأن ينقلبوا على اتفاقهم مع إيران؟

يعود ترامب من جديد الى الواجهة وهو يحاول الحشد لمعركة 2024 الانتخابية وسط متاعب قضائية تلاحقه بعد أن طفت على السطح قضية دفع أموال مقابل التستّر على فضيحة، ليصبح مروره الى الدور الحاسم وتجاوزه لمنافسه الجمهوري حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، مرتبطا بقصة بطلتها " ممثلة أفلام إباحية "  وهو ما أكدته نتائج الاستطلاع الذي أجرته جامعة "مونماوث" الأميركية التي رفعت من حظوط ترامب في الفوز ببطاقة الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية، في حال تجاوزه المعركة القضائية، وهنا يبدوا أن الديمقراطيين لن يفوتوا الفرصة لاصطياد ترامب وتحريك القضاء قبل أن يصل به الحال الى مواجهتهم والاستفادة من إخفاقات زعيمهم بايدن في السياسة الخارجية الأمريكية .  

الديمقراطيون يملكون ملفا آخرا أكثر ثقلا من ملف الممثلة الإباحية وهو موضوع تأثير روسيا في الانتخابات الأمريكية والذي أكده رجل الأعمال الروسي إيفغيني بريغوجين الملقب ب " طباخ بوتين " حين قال: " "لقد تدخلنا، نقوم بذلك وسنواصل القيام بذلك. بحذر ودقة، بطريقة موضعية، بطريقة خاصة بنا". سيكون هذا الاعتراف بمثابة السلاح القوي الذي ستستعمله الصحف الأمريكية المحسوبة على الديمقراطيين للتشويش على ترامب إذا نجح في تجاوز العقبة القضائية الأولى، وستكون المادة الدسمة التي تذكر الأمريكيين بأن ترامب تعامل ببرود مع ضم بوتين لشبه جزيرة القرم، بل ان سوء ادارته لمسألة الضم زاد من جشع بوتين وأوصل هذا الأخير الى التفكير في غزو أوكرانيا، وبهذا ستكون أي محاولة من ترامب لتوظيف حرب أوكرانيا في انتقاد أداء الديمقراطيين في سياستهم الخارجية فرصة للتذكير بأنه قد وضع يده بيد " مجرم حرب " وفرصة للتذكير بأن سوء معالجة المشكلة في عهده أتى بمشكلة أكبر .

صحيح أن ترامب أول رئيس أمريكي تطأ قدماه أرض كوريا الشمالية في حدث نادر ساهم بشكل كبير في خفض مستوى العداء الكلاسيكي بين واشنطن وبيونغ يانغ، وأول من يصل الى اتفاق اقتصادي مع الصين يضع حدا للحرب التجارية الطاحنة بما يضمن مصالح الولايات المتحدة في ظل تزايد نفوذ الصين الاقتصادي في الولايات المتحدة، وأول من يطالب دول الخليج علنا بمستحقات مالية نظير الخدمات الأمنية التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية أمام الخطر الإيراني، وأول مسؤول أمريكي كبير يعترف رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل ويقودها الى اتفاقات سلام تاريخية مع دول عربية، وأول من يفكر بالتخلي عن التزامات الولايات المتحدة المالية التي تتصدر قائمة المانحين لمنظمة الصحة العالمية، ولكن وبالرغم من كل هذه الإنجازات التي يرى أنصاره أنها تحسب لصالح ادارته وسياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية، الا أن عهدة رئاسة هذا الملياردير السياسي كانت مليئة بالإخفاقات على الصعيد الداخلي والقرارات المثيرة للجدل، كالفشل في بناء سور على حدود المكسيك وازدياد نسبة الفقر والفقراء والعنصرية في المجتمع الأمريكي، وضرب سمعة الديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية بعد حادثة الكابيتول، كل هذا جعل من ترامب الشخصية الأكثر جدلا والأكثر تشبعا بسمات الشعبوية والنرجسية والبراغماتية، وحتى وان حصلت معجزة بعودته الى البيت الأبيض فان ذلك لن يعني شيئا كثيرا على المستوى الخارجي لأن العالم قد تغير وأن الولايات المتحدة الامريكية فقدت القدرة على التأثير والهيمنة .

اخر الأخبار