الطريق إلى الانتصار على من اختطفوا الديمقراطية سيكون مؤلما

تابعنا على:   12:49 2023-03-25

يوفال ديسكين

أمد/ يخشى بنيامين نتنياهو من التحصينات ولذلك سن قانون التحصينات. نتنياهو يكره إعادة الأموال، لذلك إنهم يعملون على سن قانون الهدايا. نتنياهو مرعوب من احتمال أن ينهي حياته في السجن، وبالتالي فهو بحاجة إلى تغيير في تشكيل لجنة اختيار القضاة من أجل السيطرة على هوية من سيستمعون إلى الاستئناف في قضايا الألفين. إنه السبب الرئيسي وراء استمرار التشريع الشخصي وسيستمر مستقبلا بينما هو يواصل الذهاب في عطلات نهاية الأسبوع في العواصم الأوروبية على حساب دافعي الضرائب. أضف إلى ذلك حرص الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة على تحقيق إنجازات استراتيجية فورية، والحلم المسياني للقوميين الصهاينة المتدينين بتأسيس حقائق لا رجوع فيها في دولة يهوذا. وستفهمون أن كل حديث عن تليين المواقف ليس جديًا.

ومع ذلك، فإن حجم النضال ضد الانقلاب وقوته وتصميمه يشكل مفاجأة استراتيجية لم تتوقعها مجموعة ناهبي الديموقراطية. وكلما تعمقت الأزمة، كلما كان إنجاز المعسكر الصهيوني - الليبرالي - الديموقراطي أكبر. سيكون طريقًا طويلًا وشاقًا، وللأسف أخشى أن يكون أيضًا مؤلمًا، لكن لدينا فرصة.

هذا المعسكر، الذي كان منقسمًا ومتضاربًا على مدى سنوات حتى ما يقرب من شهرين، مُنح فرصة فريدة للاتحاد حول قاسم مشترك عميق وأساسي يربط بين عشرات الجماعات والحركات التي تتكون منها: دولة ديمقراطية ويهودية وليبرالية بروح إعلان الاستقلال. في مسرح اللامعقول أي السياسة الإسرائيلية، هذا المعسكر بالتحديد هو الذي يواصل طريقه الديمقراطي ويديم تعاليم الراحل مناحيم بيغن، بينما حزب الليكود أصبح مدمرا للديمقراطية.

بيغن - مثقف وديمقراطي وشخص حقوقي - صاغ وجهات نظره جزئيا على أساس الاضطهاد الذي تعرض له أعضاء إتسل وليحي من قبل قيادة الييشوف (العمالية) ثم كزعيم من أجل الحرية ضد حزب مباي. بدا بيغن وكأنه تنبأ بدقة بما يفعله خلفاؤه هذه الأيام في حركة الليكود بتعاون متطرف من القومية الدينية، وعنصريي السيادة اليهودية والمعارضين الحريديم.

كتب بيغن في عام 1952: "لقد تعلمنا أن الأغلبية البرلمانية المنتخبة يمكن أن تكون أداة في أيدي مجموعة من الحكام وقناع لاستبدادهم. لذلك يجب على الشعب إذا اختار الانتخابات أن يحدد حقوقه أيضا أمام مجلس النواب، لئلا تتمكن الأغلبية فيه، التي تخدم الحكومة أكثر مما تشرف عليها، من التنكر لهذه الحقوق. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال "سيادة القانون"، أي تحديد الحريات المدنية على أنها "القانون الأساسي" أو "القانون الأعلى" وإعطاء سلطة لتشكيلة من القضاة لإبطال قانون يتعارض مع القانون الأساسي الذي يتعارض مع الحريات المدنية ".

لو كان لدى نتنياهو ومنافسه وزير العدل ياريف ليفين القليل من العمق الفكري والأيديولوجي لبيغن، والقليل من فهم الديمقراطية وأهمية تفوق القانون على الديمقراطية، لما كنا قد وقعنا في هذه الأزمة العميقة. بطريقة أو بأخرى، يجب أن تكون أهداف الاحتجاج واضحة وضوح الشمس لكل من معارضي الانقلاب ومن يقفون على الجانب الآخر. وقوة هذه الأهداف تكمن في عدالتها وهي:

• وقف التشريع • تشريع دستور توافقي بروح إعلان الاستقلال • المساواة الكاملة في تحمل العبء • إنشاء كتلة سياسية صهيونية ليبرالية ديمقراطية لحماية قيم إعلان الاستقلال • يجب أن يكون هدفنا الأسمى هو النصر.

انتصار. حرفياً. وأقول هذا أيضًا بروح خطاب ونستون تشرشل الشهير: تسألون ما هو هدفنا؟ أستطيع أن أجيب بكلمة واحدة: النصر. النصر بأي ثمن. النصر رغم كل الكراهية والتحريض. النصر مهما طال الطريق ومهما كانت صعوبتها. لأنه بدون نصر لن تكون لدينا دولة يهودية ديمقراطية بروح إعلان الاستقلال.

ما سيقرر في النهاية هو عدالة الطريق. يبدو أنه مفهوم نظري فلسفي إلى حد ما، لكنه ليس كذلك. يريد المعسكر الديمقراطي الليبرالي منح الحقوق للمواطنين وليس تقليصها. لن يسن قوانين لحماية رئيس وزراء متهم بجرائم، ولا يريد اختراع قوانين تسمح لرئيس الوزراء بتلقي تبرعات لسداد الديون، ولن يحاول جعل المحكمة مسيّسة من خلال التحكم في تعيين القضاة، ولن يحاول سن قانون أساسي لتمكين مجرم مدان كي يصبح وزيرًا على الرغم من حكم المحكمة العليا. يؤمن المعسكر الديمقراطي الليبرالي بالمساواة، وهي نفس القيمة التي تم إنكارها بوقاحة من "القانون الأساسي" إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وحولها إلى مبادرة عنصرية. هذا المعسكر لا يبحث عن "قانون الفطير (الخبز الخالي من الخميرة في مواسم عيد الفصح اليهودي) لفرضه على المستشفيات التي تخدم الجمهور كله بمن فيهم اليهود والمسلمون والمسيحيون، والعلمانيون والمتدينون.

عندما يتصرف معسكر ما بشكل مفترس - من خلال سن قوانين تشكل في مجملها انقلابًا على النظام يغير جوهر الدولة التي تأسست على أساس رؤية الآباء المؤسسين في إعلان الاستقلال - فإنه أيضًا يُحرك الخطوط الحمراء الخاصة بمعسكر المحتجين. يصبح النضال أكثر حدة، وأكثر هجومًا، ويتطور في اتجاهات ستضع جدارًا في نهاية المطاف في مواجهة الافتراس.

طوال 38 عامًا من حياتي وقفت في المقدمة مع أصدقائي في الجيش الإسرائيلي، الشاباك، وشرطة إسرائيل والموساد. لقد فعلنا ذلك دون تحفظ بينما خاطرنا بحيواتنا في إسرائيل وفي الضفة الغربية وغزة ولبنان وسيناء وفي الخارج. لقد شهدنا أوقاتًا صعبة، لكنهم لم يحاولوا أبدًا تغيير جوهر البلد وقيمه الأساسية. وهنا جاء رئيس وزراء متهم بارتكاب جرائم، وزعيم حزب، مجرم مدان، وعنصريون، وكاهانيون، ومؤيدون للتفوق اليهودي، وكارهون للمثليين، وكارهون للنساء، ومتعصبون دينيون، وقوميون يوصون بمحو قرية بأكملها ويبررون مذبحة رهيبة، ومعهم جماعة متميزة تقود المجتمع الأرثوذكسي المتطرف - كل هؤلاء نهضوا لنهب الديمقراطية وإفراغها من محتواها وتلويث بقاياها بالفساد الحكومي الشديد. كل هؤلاء لا يمكن اعتبارهم إخواني. قد ننتمي الى الدين ذاته، لكني لا أشعر بأنني جزء منهم.

لم يحدث من قبل في إسرائيل أن قام مسؤولون منتخبون بما يجري حاليا من جانب أعضاء كنيست منتخبين نزعوا الشرعية عن أولئك الذين يتحملون الأعباء الحقيقية. لم يصف أحدٌ من قبل جنود الاحتياط والطيارين والرجال والنساء بكلمات مروعة مثل الحمقى والخونة والفوضويين ومغسولي الأدمغة وذوي العقول الملوثة او التي جرت هندستها وغير ذلك. هل تأذينا من هذا؟ جدا. هذا يضر بإحساسنا بالدولة لأنه على مر السنين خدمتنا أحزاب من اليمين واليسار. لا يمكن للمسؤولين المنتخبين، الذين لا ترقى إسهاماتهم للبلاد إلى مساهمتنا، أن يدعونا بذلك ويتوقعون منا الاستمرار في خدمتهم. إنهم موظفون حكوميون في الدولة كما كنا نحن. لذلك، لا يمكنني تجاهل منطق أولئك الذين يفكرون في رفض الخدمة في مثل هذه الحكومة غير الشرعية.

تحدثت قبل حوالي أسبوعين مع نائب قائد سرية قتالية في الاحتياط، وهم ملح الأرض، لإقناعه بعدم رفض الحضور إلى الاحتياط في الضفة الغربية، فقال لي حينها: "إذا رفض الناس الآن بشكل جماعي، لن نصل إلى السيناريوهات المتطرفة التي وصفتها." بأثر رجعي، ربما كان على حق وأنا مخطئ. أنا مقتنع بأن غالبية الذين يرفضون الخدمة الآن، أو الذين يفكرون في الرفض عند اكتمال الانقلاب، سيكونون أول من يجتمعون للدفاع عن البلاد بأجسادهم إن برزت هناك الحاجة الى ذلك، لا قدر الله. لأننا لسنا معشر الذين يتكلمون بل نحن فعلنا ونفعل وسنفعل. أعداؤنا مدعوون إلى عدم الخلط بيننا.

في السنوات الأخيرة، اعتقد كثيرون أن من الخطأ التركيز على نتنياهو في نضالنا من أجل صورة الدولة وصورة الحكومة. أعتقد أنه ليس ثمة شك اليوم بأن نتنياهو يمثل أكثر من 50٪ من المشكلة. كما يتضح من سلوكه أنه مر بمرحلة من حيث أن من عمل معه عن قرب يشعر بأن الرجل يعيش في فقاعة تدخل اليها المعلومات المصفاة والمنحازة، وأنه معزول عن الحياة العامة وعن الشارع. ومع ذلك، يبدو أنه قرر ببساطة تفجير هذه الفقاعة في رؤوسنا، لأنه في الممارسة العملية ينفذ سياسة "تموت نفسي مع الخصوم، ولتذهب الدولة الى الجحيم." لقد أظهرت كل أفعاله منذ انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) أنه في حالة تضارب تام في المصالح مع الدولة، وليس فقط في مسألة الانقلاب.

كانت البلاد في أزمة وجودية منذ أسابيع، ولكن حتى عندما صار الوضع أكثر خطورة، فإنه حرص على الذهاب في رحلات استعراضية باهظة إلى الخارج - وهذه بالفعل هي الثالثة على التوالي (يقصد زيارته لبريطانيا) على حساب من يتحملون العبء. وهذا دليل آخر على عدم أهليته للخدمة في منصبه، لذلك فإن كل مخطط لخروجه المستقبلي من الأزمة يجب أن يتضمن استبداله بمرشح آخر من الليكود وخروجه الدائم من النظام السياسي.

سوف يعتمد الخروج من الأزمة على تغييرات التحالف. وسواء ستسقط الحكومة أم لا، فإن الطريقة - ربما الطريقة الوحيدة - هي: تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس الليكود (32 مقعدًا) ويش عتيد (24) ومعسكر الدولة (12) وإسرائيل بيتينو (6). سيكون ائتلافا مستقرا من اليمين الى الوسط على أساس 74 مقعدا في الكنيست. بعد تشكيل حكومة كهذه يمكن إضافة أحزاب أخرى إليها، لكن هذه الأحزاب لنتكون بيضة القبان في مثل هذه الحكومة.

سيتم إنشاء هذا التحالف لهدف مركزي واحد: سن دستور توافقي لدولة إسرائيل. وهذا من شأنه أن ينظم بشكل أساسي مسألة العلاقات الصحيحة والمتوازنة بين السلطات الثلاث، والقوانين الأساسية ووضعها، وحماية الأقليات والضعفاء، وتنوع النظام القضائي، وتحسين رقابة مكتب المدعي العام. لكن الشرط الأساسي والمتفق عليه هو الحفاظ على سيادة القانون واستقلال المحكمة واستقلالها عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وفق المفهوم الديمقراطي لمناحيم بيغن.

وفي إطار تشكيل هذا الائتلاف، سيتم أيضًا العثور على الحل القانوني لإغلاق ملفات نتنياهو الجنائية، رهنا وكشرط لتقاعده الفوري والكامل من الحياة العامة. علاوة على ذلك، سيشكل الائتلاف لجنة عامة واسعة، برعاية رئيس الدولة، كي تصوغ المقترحات وتقدمها له وللكنيست. ستنخرط حكومة الوحدة في مهمتها الأولى في إعادة الاستقرار والوحدة الى المجتمع الإسرائيلي واستعادة الاقتصاد والأمن القومي. عليها أيضا الانخراط في تغيير ثقافة الحوار ووقف ثقافة الأكاذيب التي تسمم النقاش العام.

يحب بنيامين نتنياهو ونستون تشرشل. وغالبًا ما يقتبس منه، وفي داخله يخطئ أيضًا في الاعتقاد بأنه زعيم تاريخي مثله. على كل حال، سأختتم بشيء آخر بروح الخطاب الشهير لرئيس الوزراء البريطاني: إذا اكتمل تشريع الانقلاب، وإذا أفسدتم الحكومة، وألحقتم الضرر أيضًا بالمحكمة، عليكم بتعيين وزراء من بين مجرمين مدانين، وعنصريين، ومن لديهم رهاب (فوبيا) المثلية، واسمحوا لرئيس وزراء متهم بجرائم بقيادة دولة، وسنوا قوانين فاسدة وهدايا للفاسدين، لكننا لن نرتدع ولن نخيب أملنا. سنواصل حتى النهاية. سنقاتل في الكنيست، ونقاتل في الساحات وفي الشوارع، ونقاتل في الجو والبحر والبر. سندافع عن ديمقراطيتنا بروح إعلان الاستقلال مهما كان الثمن. لن نستخدم العنف ولن نلقي بقنبلة يدوية (المترجم - هذه اشارة الى القنبلة اليدوية التي أُلقيت على متظاهر من السلام الآن -اميل غرينسفيغ- خلال الاحتجاجات التي انتشرت في اسرائيل غداة الغزو الاسرائيلي للبنان عام ١٩٨٢) ولن نقتل متظاهرا ولن نرتكب مذبحة ولن نحرق المنازل على ساكنيها. ونحن لن نغتال رئيس وزراء. والأهم من كل ذلك - لن نستسلم أبدًا.

اخر الأخبار