«معارضات» تابعة.. لا تملك قرارها!

تابعنا على:   08:39 2014-11-12

محمد خروب

أُسْقِطَ في ايديها، سادها الارتباك وتلبستها الحيرة، هكذا وقعت المعارضات السورية في شرّ اعمالها ولم تعد قادرة على المناورة بعد ان اعلنت دمشق انها ستدرس بجدية مقترح المبعوث الدولي دي ميستورا في شأن «تجميد القتال» في مدينة حلب «أولاً»، تمهيداً لايصال المساعدات الانسانية الاغاثية والطبية اليها ثم البدء في مفاوضات لانهاء الازمة السورية.
ولأنها فوجئت بقبول النظام السوري لمقترح او «مبادرة» المبعوث الدولي، فان المعارضات السورية وجدت نفسها امام استحقاق جدّي قد يكشف آخر ما تبقى من «أوراقها» التي زادتها سنوات الحرب الدولية والاقليمية اللوجستية على سوريا، هشاشة وبخاصة في دور التابع والدمية الذي تلعبه هذه المعارضات المُصنّعة، سواء تلك التي حملت صفة الجبهات او الكتائب او المجموعات ام اولئك الذين صنّفوا انفسهم كمعارضين مستقلين، بهدف الاستئثار بالرعاية والتمويل والاضواء الاعلامية التي يبرعون فيها على عكس اصحاب الرتب العسكرية الذين ظنوا ان انشقاقهم سيفيدهم او يفتح لهم الطريق كي يحظوا بالتكريم والجلوس في الصفوف الامامية وخصوصاً اولئك الذين فتحوا على حسابهم وقادوا عصابات قتلة وتهريب واغتصاب، فوضعتهم العواصم «الاقليمية» على كشوفات الرواتب والتسليح والرعاية..
ما علينا..
لم يكد المبعوث الدولي يخرج من القصر الرئاسي وتعلن دمشق تعاطيها الايجابي مع مقترحه، حتى خرجت وسريعاً بعض اطراف المعارضات السورية، رافضة «المبادرة»، متهمة النظام السوري بأن قبوله يندرج في خانة التكتيك، ثم راح العميد زاهر الساكت رئيس المجلس العسكري لثوار حلب يضع شروطاً لموافقته، لم يكن قادراً على «فرضها» في ظروف ميدانية افضل مما هي عليها الآن مدينة حلب، التي تخضع المناطق والاحياء التي تسيطر عليها المجموعات الارهابية المسلحة، الى حصار شبه محكم من قبل الجيش السوري، الذي يحقق تقدماً ملموساً في تلك الاحياء على نحو لم يعد احد في المعارضة ينكر بأن المدينة الثانية في سوريا ستلاقي المصير ذاته التي آلت اليه مدينة حمص.
منذر ماخوس «سفير» الائتلاف السوري في باريس, خرج هو الاخر على الفضائيات رافضاً الاقتراح معتبراً انه لمصلحة النظام وأن النظام لن يلتزم به وانما سيبقيه في دائرة المناورة..
الجديد في التطور الاخير الذي لا يمكن التقليل من شأنه في كل الاحوال هو انطلاق حملة تسريبات واشاعات تولتها اطياف المعارضات السورية، التي باتت الان في وضع لا تحسد عليه, بعد أن تراجع الاهتمام بها ولم تعد تحظى برعاية او تنهض بدور، إثر فشلها في اثبات حضورها والاهم في ان جدول اعمال جديدا اصبح قيد التنفيذ, ليس فقط في تبدل موازين القوى «الميدانية» لصالح النظام وانفراط عقد اصدقاء سوريا، وايضاً في دخول «داعش» على خط الازمة السورية واحتلاله موقعاً مهماً في المشهد العراقي, على نحو يحول دون صرف الجهود والاموال والوقت على ما وصف ذات يوم بائتلاف قوى الثورة والمعارضة, الذي يحظى (حتى الان) برعاية وتمويل اردوغان, الذي بدأ هو الاخر يفقد ما تبقى له من «اوراق» ليست ذات قيمة.
الشائعة الاكثر لاثارة السخرية، هي التي اطلقها احمد رمضان عضو الائتلاف والمقرّب من الاخوان المسلمين الذي يتحدث «بثقة» ان «حلاً» ذا حظوظ قوية آخذ في البروز والتشكل، ويقوم في الاساس على «لبننة» الأزمة السورية باستبعاد الرئيس بشار الاسد وترشيح العقيد سهيل الحسن الشخصية الامنية والعسكرية البارزة الان في المشهد السوري، وانه - الحل على غرار اتفاق الطائف اللبناني - قد تمت بلورته خلال زيارة احمد الخطيب رئيس الائتلاف الاسبق, بدا وكأنه «صفقة» بين الاخير والادارة الروسية التي تستعد «للتخلي» عن الاسد مقابل استرضاء المعارضة (كذا) في وقت تزج فيه بمسألة اخرى وهي ان الاتيان بالعقيد الحسن يستهدف عدم انفراط عقد الدولة السورية وخصوصاً المؤسسة العسكرية وعدم تكرار السيناريو المأساوي, الذي تم في العراق.
جملة القول أن المقارنة بين معارضة ثوار الفنادق ورهط التابعين لعواصم واجهزة غربية، وبين المعارضة السورية الوطنية «الداخلية» غير المتورطة في اعمال ارهابية والولوغ في دم السوريين وتدمير البنى التحتية للبلاد, يكشف على نحو جلي وبعد اربع سنوات من سفك دماء السوريين، طبيعة وحجم الرهان الخاسر الذي قامر به معارضو الخارج من اجل تسهيل مهمة الغزاة والمحتلين والمتربصين بسوريا الوطن والكيان والدور الجيوسياسي, ولهذا رأينا كيف اعلنت هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطي وهيئة العمل الوطني الديمقراطية، موافقتهما على مقترح المبعوث الدولي ودعتا الى اطلاق عملية سياسية داخلية بين القوى الوطنية, ما يعكس نضجاً ومسؤولية ورفضاً للارتكابات الدموية وثقافة تصفية الحسابات والثأر، التي رافقت معارضات الخارج المغامِرة والتابعة، التي لا تدرك ان ما هو مطروح ليس خطة سلام بل هي خطة تحرّك ومحاولة لوقف نزيف الدم السوري، وتوفير الحد الادنى من المساعدات الاغاثية والطبية للسوريين والتمهيد لحلول سياسية مقبولة.

عن الرأي الاردنية

اخر الأخبار