استراتيجيات التدريب في التنظيم السياسي (من الخرائط الذهنية الى الابداع)

تابعنا على:   14:15 2023-02-02

بكر أبو بكر

أمد/ تحدثنا بالحلقتين السابقتين عن عدد من الاستراتيجيات للتدريب كانت كالتالي
1- إستراتيجية المحاضرة " فن الحديث والإلقاء"
2- إستراتيجية التدريب المصغّر
3- إستراتيجية توجيه السؤال
4-عقد الورشة العملية التدريبية
5- استراتيجية تمثيل الأدوار " لعب الدور "
6- استراتيجية التعاون
7- إستراتيجية التكليف، والبحث أو التعلم بالاكتشاف
8- إستراتيجية حل المشكلات (حلقات النقاش/الحالة الدراسية)
9- استراتيجية العصف (التوليد) الذهني
10-استراتيجية القصة
11-استراتيجية القراءة
ونستكمل الباقي بالجزء الاخير كالتالي:
12-استراتيجية الخرائط الذهنية المفاهيمية (وخريطة العقل)

هي استراتيجية تُوظف الأشكال والخطوط و الصور والأسهم والألوان واللغة (كلمات الربط) لتمثيل المعرفة وتقديم المعلومات. ويمكن استثمارها في تعميق الفهم وتلخيص المعلومات واستنتاج العلاقات بين المفاهيم. وهنا يمكن التدرب أيضًا على استخدام ما نسميه خريطة الدماغ أوخريطة العقل ولنا فيها كأكاديمية فتح الفكرية ملف حركي خاص.

13-استراتيجية مثلث الاستماع (متحدث مستمع ناقد)

تتم عبر تقسيم المشاركين المتدربين إلى مجموعات، كل مجموعة مكونة من 3 أعضاء، لكل عضو مشارك دور واضح محدد:
– المشارك الأول: هو المتحدث، ومهمته في شرح المادة أو السؤال أو المفهوم أو الفكرة أوالمهمة /الواجب المطلوب
– المشارك الثاني: إنه المستمع الجيد، ودوره هو توضيح الفكرة/المَهَمَّة عبر طرح أسئلة على المشارك الأول/المتحدث.
– المشارك الثالث: وهو المراقب الملاحظ والناقد، ودوره هو تقديم تغذية راجعة لزميليْه في المجموعة، مستفيدا من الملاحظات التي يكون قد دونها أثناء المناقشة بين أعضاء الفريق.
ولنا أن نقول أن هذه التقنية أو الاستراتيجية تنمي فن الحديث من جهة، وفن الاستماع وفن النقد.

14-استراتيجية تقييم المشاركين

الهدف من هذه الاستراتيجية هو تدريب المشاركين على التقييم والنقد واتخاذ القرار. وكذا تَعَرُّفُهم على الطريقة التي تتم بها عملية النقد وتقييم الأعمال والنشاطات، لأخذها بعين الاعتبار في أعمالهم وإنجازاتهم الشخصية أو التنظيمية أو الجماعية القادمة.
و تُنفّذُ هذه الاستراتيجية على مرحلتين:
– أولا: حيث يتم توزيع أوراق العمل على المتدربين، ثم يقوم كل مشارك بحل أو الإجابة على المسائل أوالمهام المطلوبة منه، دون كتابة اسمه على الورقة، بل يكتفي بتدوين رقم تسلسلي يُحدده له المدرب. وبعد ذلك يتم جمع الأوراق، وإعادة توزيعها عشوائيا على المتدربين/المتعلمين، ليصحح أو ينقد أو يقيم كل شخص ورقة غير ورقته.
-ثانيًا: يعرض المدرب عناصر الحل أوالإجابة الدقيقة أو كما يراها. ثم يتم توزيع الأوراق ومطابقة كل رقم مع صاحبه. وتدار مناقشة جماعية.

15- استراتيجية (ماذا وماذا؟) الكامن والقادم

وتسمى لدى المختصين كالتالي: ما أعرف؟ وماذا سأتعلم؟ وماذا تعلمت؟ بالانجليزية أي استراتيجية K.W.L، وهي استراتيجية تعتمد على 3 محاور أساسية و هي:
– What I already Know ماذا أعرف مُسبقا (المكتسبات والخبرات السابقة) و هي خُطوة غاية في الأهمية لفهم الموضوع الجديد وإنجاز المهمات، فالمتعلم أو المتدرب مدعو لمعرفة إمكاناته حتى يتمكن من استثمارها على أحسن وجه.
– What I want to Learn ماذا أريد أن أتعلم؟ ماذا أريد أن أستزيد؟ و هي مرحلة تحديد المهمة أو التكليف او العمل المتوقع إنجازها أو المشكلة التي ينبغي حلها…
– What I Learned ماذا تعلمت واكتسبت بالفعل؟ و هي مرحلة تقويم ما سبق التطرق إليه من معارف ومهام وأنشطة، ومعرفة مدى تحقق الأهداف المحددة. وهي مرحلة أيضا لاكتساب المفاهيم الصحيحة وتصحيح الخاطئة.


16- استراتيجية لقاء مع مسؤول

وفي هذه الاستراتيجية على المتدرب أو المجموعة المكلفة الإعداد المسبق لأسئلة الحوار مع المسؤول وحُسن اعدادها وحُسن طرحها وتلقي الاجابات، وعرضها كفرد او مجموعة في الدورة من خلال تقرير مكتوب على شكل صحفي، وعرضها شفويًا.


17-الزيارات الميدانية و"عبور أخضر"
وهي من أهم آليات التدريب فقد لايحتاج الكثيرون لمعرفة طبيعة الانتهاكات الاحتلالية الصهيونية عبر محاضرة بقدر ما يمكن أن يرونها مشاهدة عيانًا بزيارة المكان، او المشاركة بأماكن المواجهة مع المستعمرين وعصاباتهم الإرهابية المنتشرة تعيث خرابًا وعنصرية وبطشًا في كل مكان من فلسطين. كما يمكن عمل زيارات ميدانية للمؤسسات الوطنية أو المتاحف أو عمل فكرة (عبور أخضر) لاختراق القرى والبلدات الفلسطينية مشيًا على الأقدام، والتعرف على أهلها وعاداتهم وثقافتهم وتراثنا هناك مع تأمل الطبيعة المحيطة والتعرف عليها وهو ماقمنا به لمرات قليلة ووجب أن نثريه لاحقًا.

18-أستراتيجية المحاكاة

وهذا يتم عبر إنشاء ذات الظروف للعمل المنوي محاكاته، والتدرب عليه كأن يتدرب الشخص أو المجموعة على كتابة الشعارات في بيئة ضاغطة، أو كيف يكون منظّرًا، أو كيفية صنع الأعلام والرايات، أو كيفية إدارة ندوة حقيقية إما عبر المحاكاة أو عبر التكليف المباشر بإدارة ندوة.
وقد تتخذ المحاكاة شكلًا آخر يسميه الإداريون الألعاب الإدارية مثل: إعطاء صورة متخيلة لمنظمة (تنظيم ما) بميزانيتها ومواردها ويحكم اللعبة قواعد والمطلوب اتخاذ قرارات لتحقيق أهداف محددة.

19-أستراتيجية الاختبارات والتمارين

نقدم فيها مجموعة من الاختبارات أو التمارين المتعلقة بالذات، أو المجموع، والشخصية المتصلة بعلوم النفس والتنظيم والاجتماع... لسبر أغوار النفس والاطلالة لكل شخص على ذاته ومعرفة النواقص أو أين يتموضع، ويتفهم طبيعة قيمه وسلوكياته. حيث لدينا عشرات الاختبارات وعشرات التمارين التي طبقناها في إطار الورشات والدورات التي عقدناها، وأثبتت فعاليتها في الإثارة والتحفيز والتواصل.

20- عقد الندوات والمؤتمرات.

حيث التمرن والتدريب على كتابة أو وضع الأوراق البحثية بأصول البحث أو الدراسة، وتحقيق الاتصالات مع المحاضرين، ومع الحضور، الخ. وإدارة المؤتمر الفعلي أو النموذجي ضمن الدورة أو بعدها، وحيث توزيع الوقت وإدارة المناقشات والحوارات مدخل للتعاون وحل المشكلات والخروج بآراء او مقترحات أوتوجهات.

21- تقديم مقترح أو فكرة أو ابداع جديد

وفي الإطار لتقديم الفكرة أو الابداع الجديد فإن المطلوب ليس فقط طرح الفكرة الابداعية الجديدة، فهذا يتم في العصف الذهني سواء الذاتي أو الجماعي إنما المطلوب أن ينفذها هو او مجموعته (فريقه). وبالتالي يحقق الانجاز للفكرة الجديدة أو الابداعية بالسلوك والعمل على الأرض.

خاتمة:

في الختام دعنا نؤكد على أمور ثلاثة ذات صلة بالتربية أو التثقيف وذات صلة بالاعداد والتدريب السياسي والفكري والتنظيمي المسلكي والمجتمعي.

هي أولًا أن التثقيف والتطوير واكتساب الوعي والمعارف والقيم والمسلكيات مطلب ذاتي أولًا، يجب أن يكون حافز نواله ذاتيًا نابعًا من النفس، ما يتفق مع مسؤولية الانسان أمام ربه (التفكر والنظر والتدبر والتأمل، والجهاد الداخلي جهاد النفس...) وأمام ذاته بأن يكون ذو قيمة بالمجتمع ومقتنعا ومؤمنًا بما يفعل ويرى في جهاده الذاتي ما ينقصه فيعدل ويطور. بمعنى مبسط أن التثقيف او التربية أو التعلم والتدريب يترافق مع الإغناء الذاتي ومع الصراع الذاتي ومع البناء الذاتي أي أنا أولًا.
أما ثانيًا وفي إطار غرس الأفكار والمفاهيم وتطوير العمل وتعديل السلوك وممارسة الحوار والديمقراطية والنقد البناء والتثقيف وتحسين التواصل داخل التنظيم (المنظمة، المؤسسة...) فلا مناص للتنظيم السياسي من الاعتماد على التربية أو التدريب ضمن الجلسة التنظيمية ذات العدد المحدد والتاريخ المقرر وجدول الأعمال الواضح والساعة أو الوقت المنضبط حيث يكون البند التثقيفي واحدًا من كل في الجدول، وحيث تكون الجلسة (الاجتماع) بذاته، وكأنه صف دراسي أو ورشة تدريبية دورية لا غني عنها، ولا غنى عن دور التنظيم أو قيادة التنظيم في الحض على هذا المسلك. إذ بدون الدورية والتكرار والممارسة لن تستطيع أن توحد أفكارًا أو تبني منهجًا ولو عقدت موسميا عشرات الدورات.
أما ثالثًا: فتحتاج التنظيمات السياسية لعقد الدورات وإعداد الكوارد بآليات ومواضيع مختلفة تستجيب لاحتياجات الأعضاء والتنظيم المختلفة والمتغيرة فتطرق النظام الداخلي الحاكم، وتنمي المهارات والقدرات والقيم والسلوكيات، كما تتطرق للمواضيع الفكرية التاريخية الإدارية والتنظيمية...الخ ما هي الثقافة عامة وذات الصلة بأهداف التنظيم.

وهنا يجدر الانتباه لتلازم العمل والعطاء والسلوك مع التنظير، أو تعلم التفكير أو التثقيف فلا مكان لأحدهما على الآخر فالبندقية غير المسيسة قاطعة طريقة، والمنظّر بلا عمل عبارة عن كتاب مغلق.

اخر الأخبار