نحن لا نملك رفاهية الوقت لمنّ يقرأ بعمق

تابعنا على:   17:44 2023-01-27

لؤي ديب

أمد/ عملياً منذ العام 2014 لم يتوقف العدوان ( الاسرائيلي ) المتواصل علي الشعب الفلسطيني وتنقل في حركة مستمرة بين حروب على غزة وعمليات واستيطان في الضفة وتغير واقع في القدس وحرب اقتصادية وتجويع وافقار واغتيالات واعتقالات ،وبالتزامن مع ذلك العدوان استمرت الجماهير الفلسطينية تقاوم بما هو متاح لها من أدوات من خلال أعمال جماعية أو عمليات فردية أو هبات جماهرية محدودة المكان والزمان وكانت ذات فاتورة بشرية عالية ومكلفة في وقتها وشكلت عبء ثقيل لاحقاً في إعادة تأهيل جرحاها وإعالة عوائل شهدائها ، وما بروز الحكومة الفاشية وافرازها من المجتمع الصهيوني ما هي إلا ثمرة للشعور العام ( الاسرائيلي ) بنجاح حرب الاستنزاف التي شنها الاحتلال منذ العام 2014 دون ثمن حقيقي وملموس أثر فيقرار الناخب الصهيوني الذى رأي في ثعلبة نتنياهو وحلفائه من اليمين المتطرف رغم فسادهم الأداة الأمثل في توجيه ( الضربة القاضية ) للشعب الفلسطيني كنهاية لحرب الاستنزاف التي تداول عليها الطيف السياسي الصهيوني على اختلاف معتقداته .

ومع كل ما سبق ولد موقف فصائلي جديد يتسم بقلة الحيلة والعجز والاختباء وراء الجماهير والدفع بها لمعارك غير محسوبة الثمن والنتائج وغطت على فشلها بسلسلة من الشعارات والبيانات وحرب قذرة في تلاقف المسؤولية والقاء اللوم وتوزيعه على الآخرين والمستوي الرسمي الفلسطيني وتمحور نهج الفصائل في ما يلي:-

الجماهير كانت تقاوم … الفصائل توجه التحية…

الاحتلال يدمر ويهدم .. الفصائل نؤكد على ….

الشباب يقوم بعمل فردي .. الفصائل نبارك ….

الاحتلال يقتل ويغتال .. الفصائل ندين وبشدة …

الاحتلال يستبيح الاقصى .. الفصائل ندعو جماهير شعبنا البطل …

الاحتلال يستوطن ويهدم في القدس .. الفصائل نطالب المجتمع الدولي …

الاحتلال يقتحم المخيمات في الضفة .. الفصائل نستنكر موقف السلطة و …

الاحتلال يطبع ويتمدد عربياً .. الفصائل على العهد باقون …

الاحتلال يتطور اقتصاديا .. الفصائل تتسول تراب الأرض ودول تطبع واخرى تعادي …

الاحتلال يعزز الانقسام .. الفصائل تمارس السياحة الوطنية في العواصم العربية ..

الاحتلال يحارب خطوات السلطة القانونية .. الفصائل تطالب السلطة بوقف التنسيق الأمني ..

المستوطنين أصبحوا أغلبية في ثلثين الضفة .. الفصائل تتمترس على قطعية الأرض التي تقف عليها …

الاحتلال يعتقل والاسرى في السجون .. والفصائل الحاكمة تحاول وتعتقل من يعارضها من الشباب …

لا يختلف موقف الفصائل المستفز عن موقف

البرجوازية الوطنية التي اضاعت فلسطين في الفترة الممتدة ما بين العام 1938 - 1948 بل ان قادة البرجوازجية الوطنية وقتها كانوا أكثر فصاحة وانضج سياسياً وارقي تعليمياً وأوسع فهماً للعمل الوطني وأقل استفزازاً للجماهير الشعبية .

ومع كل ما سبق عجت الساحة الفلسطينية وامتلأت بقيادات أفرزها الانقسام والواقع المر كانت وظيفية المهمة أكثر منها ملهمة ومبدعة ومحفزة وسباقة في ابتداع العمل الثوري ولا يمكن أبداً مقارنتها بالقيادات التي عاصرت انطلاق الثورة الفلسطينية وأبدعت في الحفاظ على القضية الفلسطينية وأبقتها القضية الأسخن دولياً وادخلت في التاريخ البشري فنون مقاومة لم يعرفها أحد من قبل .

الشعب الفلسطيني مثقف سياسياً وغالبيته الساحقة مثقفة وذات تعليم عالي وفي جلساته الهادئة يحلل ما هو أبعد من فلسطين ولديه رؤية أعمق من قيادته ولا يحتاج لقيادات تملأ الفضائيات وتحلل الفعل ( الاسرائيلي ) وتشجبه وتستنكره وتطالب الجماهير والآخرين ، والواقع المؤلم الذي لا يعترف الكثير منا به أن القيادات التي أبدعت أو أدت واجبها الحقيقي قد استهدفها الاحتلال وأصبحت في علين ، وما أبقي عليه الاحتلال كان حبيس خوفه أو غبائه أو جهله على أقل تقدير ، ونجح الاحتلال فيخلق معادلة مفادها :

أن تكون قائد جعجاع فأنت تعيش أما أن تكون قائد فعل فأنت ميت

والحقيقة الواقعية التي لا يدركها البعض ممن اغتصبوا مقاعد القيادة في ظل الرمادية الفلسطينية هي :

أن تحب أن تكون قائد مقاوم .. ستكون إن كانت هذه فطرتك

وانك تبدع في قيادتك وتخترع أساليب مقاومة وتنجح في توجيه من هم تحت قيادتك.. فذلك فن وأن تحافظ على قيادك ساخنة ومستمرة رغم الضغوط وتجذب اليها المتطوعين لا الموظفين .. فتلك رجولة .

بالطبع لا يهدف المقال إلى تشكيل حالة انتقاد واسعة للفصائل والقيادات بقدر تسليط الضوء على حقيقة وواقع للخروج من مأزقه الذي يشد العمل والمصير الفلسطيني للأسفل .

صاحب الضعف الفصائلي محاولات جادة من السلطة لاستخدام الأدوات الدولية لتشكيل حالة ضاغطة على الاحتلال ، لكن تلك المحاولات استمرت تتوقف في منتصف الطريق مثل الجنائية الدولية والقرارات الأممية التي لا تنفذ ، وعملت السلطة في أجواء منفردة دون التفاف وطني من كل الفصائل بل ضمن بيئة معادية منها ودفعت هي أيضا فاتورة عالية ضمن تمسكها بالأرض التي تقف عليها مكبلة بالاتفاقيات التي يختار الاحتلال ما يحلو له منها ليطبقه وما زال مسلسل حصارها المالي مستمر لدفعها للانتحار والسقوط الذاتي دون أن تتحمل ( اسرائيل ) خطيئة ذلك أمام المجتمع الدولي ، فاليوم لا تتلقى السلطة أي مساعدا تعربية وأموال المقاصة محتجزة وتعتمد ميزانية تشغيلها على ضرائب محلية ومنحة أوربية سنوية ومدفوعات على شكل منح وقروض من البنك الدولي ودعم مباشر من ثلاث دول حصراً وهي على التوالي النرويج وفرنسا والجزائر  ، الأمر الذي جعل منها ضعيفة ودون ظهير بعد أن ارتكبت خطيئة تذويب مؤسسات منظمة التحرير في السلطة .

ولم يكن الحاكم في غزة بحكم الأمر الواقع وبقوة السلاح بعيداً عن مجريات الأمور فقد أنهكته الحروب التي خاضها ، وأصبح مكبل بميزانية التشغيل لكادره الوظيفي ولجأ الى فتح خطوط الاتصال المباشرة والغير مباشرة مع الاحتلال وأصبح مقيداً أكثر من سلطة رام الله بالتفاهمات الأمنية التي فرضت عليه في غرف ضباط المخابرات العربية والغربية عندما كان يضحك على نفسه ويسميها بالوسيط ، وكلما تمسك بعصا الطاعة والتزم بها فتح له صنبور التسول وعندما جف الصنبور لجأ لفرض رسوم وضرائب مرهقة تفوق قدرة المواطن الغزاوي على التحمل وأصبح هدفه الرئيسي الحفاظ على حكمه البائس في غزه والوفاء بمتطلبات ذلك وفي مقدمتها الإبقاء على حالة الانقسام الوطني كما هي .

وعلى صعيد آخر لا يحظى بالاهتمام  الرسمي أو الفصائلي وفي الملاعب الخلفية حيث تلعب ( اسرائيل ) وتحديداً في الدول التي تحتضن اللجوء والشتات الفلسطيني الأكبر كان اللاجئ الفلسطيني مهمل كلياً وفي الوقت الذي يشهد فيه لبنان حالياً تجاذبات قد تؤدي لحرب أهلية وهناك دول عربية تستضيف الالاف من متطوعي الكتائب اللبنانية وتدربهم استعداداً لنقل معركتها مع ايران الي لبنان وفى وقت يتسلح فيه الجميع هناك تبقى المخيمات بسلاحها الخفيف اللقمة السائغة التي سيبدأ الجميع بالتهامها تجنيداً او ضرباً وليس الحال في سوريا او الأردن بالأكثر صلاحاً .

اخر الأخبار