التوراة "ميثولوجيا".. التوراة تزوير للتاريخ (1/3)

تابعنا على:   08:58 2023-01-01

سليم يونس الزريعي

أمد/ وصف رئيس حكومة المستجلبين اليهود بنيامين نتنياهو ، قرار الأمم المتحدة حول ماهية الاحتلال الصهيوني لفلسطين. أن "القرار الحقير الذي صدر اليوم لن يكون ملزما للحكومة الإسرائيلية". وفق قوله

وزعم نتنياهو أن ما سماه "الشعب اليهودي ليس محتلًا لأرضه ولا محتلاً لعاصمته الأبدية القدس ، ولن يشوه أي قرار من الأمم المتحدة هذه الحقيقة التاريخية". لكن ما يقوله رئيس وزراء المستجلبين هو الكذب والتزوير والتشويه الفظ للتاريخ، كما تؤكدها الوقائع المادية الملموسة، كون وجود المستجلبين اليهود في فلسطين هو التشويه للتاريخ ، وادعاءاتهم التوراتية كذبة مختلقة مع سبق الإصرار روجت لها المسيحية الصهيونية والاستعمار الغربي أولا ثم التحقت بهم الحركة الصهيونية. من أجل زرع الكيان الصهيوني في فلسطين خدمة لمصالح تلك الدول الاستعمارية الجيوسياسية، في المنطقة باستخدام أتباع الديانة اليهودية كأداة. والمفارقة أن من دحض هذه الخرافات هم مؤرخون وعلماء آثار يهود.

لكن الحقائق العملية ووجود أهل فلسطين يعمرون أرضهم عبر التاريخ تكشف وقاحة هذا التزوير للوقائع والتاريخ، ومن ثم يمكن القول والحال هذه أنها ليست الأسس التي أقيم على أساسها المشروع الصهيوني في فلسطين غير عادلة أو قانونية، وإنما في كونها اختلاق متعمد مع أن مروجيها قد أسبغوا على بعضها رداء إلهيا، وهذا التزييف باسم الإله كشفه علماء آثار ومؤرخون يهود (إسرائيليون)، ممن يعيشون أو عاشوا في فلسطين المحتلة، فعاشوا صدمة الحقيقة بعد أن اكتشفوا أن كل الأسس التي قام على أساسها المشروع الصهيوني في فلسطين هي مجرد أكاذيب ولا أساس لها في الواقع. وأن ما يسمى بالوعد الإلهي حسب التوراة ليس سوى أسطورة مختلقة، في حين أن الحركة الصهيونية قد رأت في التوراة الأساس الفكري الأهم لإقامة الدولة اليهودية. ولذلك جرت عملية فكرية واسعة لتعميق مفاهيم هذا الكتاب في الذهن الصهيوني، وتحويله من مجرد كتاب ديني إلى برنامج عمل، بعد ان كان المتدينون اليهود وطوال قرون يركزون على التلمود الذي يحوي التشريعات والشرائع الدينية ويخلو تقريبا من الأبعاد التاريخية.

غير أنه في إطار الترويج لمشروع الحركة الصهيونية اعتبر العرف الصهيوني أن "التوراة" مصدر للتاريخ، وفيه تكمن كل مبررات الادعاء اليهودي بالحق التاريخي في فلسطين. وجاء هذا الإحياء لهذا المصدر في الوقت الذي كانت فيه أغلبية الباحثين في هذا الحقل ترى في هذا الكتاب مجرد أساطير لا يمكن الاستناد إليها، لا في كتابة التاريخ القديم لفلسطين، ولا في منح الحق لليهود في فلسطين.

واعتبر الجمهور اليهودي، بغالبيته الساحقة، معطيات هذا الكتاب حقائق تاريخية غير مشكوك
فيها، لدرجة أنهم اعتبروا الباحثين الانتقاديين مجرد معادين للسامية(1).
في حين كتب الفيلسوف باروخ سبينوزا في القرن السابع عشر أن من، "الواضح كالشمس في عز الظهيرة أن خمسة أخماس التوراة لم تكتب على أيدي موسى، وإنما بيد شخص عاش بعده بسنوات كثيرة"(2).
ورأى عالم الآثار اليهودي زئيف هرتسوغ“ أن سكان العالم سيُذهلون، وليس فقط مواطنو إسرائيل والشعب اليهودي، عند سماع الحقائق التي باتت معروفة لعلماء الآثار الذين يتولون الحفريات منذ مدة من الزمن. فبعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن “إسرائيل القديمة” في فلسطين، توصل علماء الآثار إلى نتيجة مخيفة، وهي أنه لم يكن هناك أي شيء على الإطلاق يدل علي وجود اليهود في فلسطين، وحكايات الآباء التوراتية هي مجرد أساطير. لم نهبط من مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لإمبراطورية داود وسليمان. إن المكتشفات الأثرية أظهرت بطلان ما تضمنته النصوص التوراتية حول وجود مملكة متحدة يهودية بين داوود وسليمان في فلسطين(3) "بل إن هرتسوغ جزم بصورة قاطعة بأن القدس لم تكن إطلاقا عاصمة مملكة كبيرة كما تذكر المزاعم التوراتية(4).
ونسف باحثان يهوديان هما بروفسور يسرائيل فنكلشتاين من قسم علم الآثار بجامعة تل أبيب، ونيل سيلبرمان عالم آثار أمريكي يهودي في كتاب بعنوان بدايات إسرائيل (ראשיתישראל)، قصص التوراة الأساسية مثل الخروج من سيناء وعجائب موسى ورحلة احتلال يشوع بن نون لأرض الميعاد اذ تبين مثلا أنها آثار هكسوسية وليست يهودية، بل ذهبوا إلى القول إنه على
الأغلب الملك سليمان وداوود هما أسطورتان، مؤكدين أنه لا علاقة بين التوراة وأرض إسرائيل(5).
وذكر عالم الآثار ميشيل هوبينك أنّ علم الآثار في إسرائيل هو علم مشحون بالتوقعات، ومنذ القرن التاسع عشر، يجري التنقيب في الأرض للعثور على أدلّةٍ ملموسةٍ حول تاريخ الشعب اليهوديّ كما جاء في التوراة، لكن، بعد مرور قرن، لم تتوصل الحفائر إلى العثور على ما يؤكّد هذا التاريخ، بل على العكس من ذلك، تشير الدلائل إلى اتجاهٍ مُعاكسٍ(6).

وتوافِق غالبية علماء الآثار على أنّ معظم قصص التوراة لم تحدث بالفعل، ويجب اعتبارها مجرد أساطير، وحتى عالم إسرائيليّ مثل زئيف هرتسوغ، توصّل إلى قناعة بأنّ البحث عن أشياءٍ لا وجود لها ليس مُجديًا، كما قال.
والسبب الرئيس وراء عدم اقتناع معظم علماء الآثار بالحقيقة التاريخيّة لقصة خروج اليهود من مصر، كما وردت في التوراة، هو الغياب التّام لما يشير إلى وجود بني إسرائيل لدى المصريين القدامى، وتابع أنّ الفراعنة حافظوا على تاريخهم بكل عناية في النقوش والمخطوطات والمراسلات التاريخية، ولكن لا ذكر في تاريخهم أبدًا لمجموعة ضخمة تزيد عن مليوني إسرائيلي، جاء ذكرهم في التوراة، ولا عن رحيلهم المفاجئ، أوْ هزيمة الجيش المصريّ(7).
ويقول عالم الآثار هرتسوغ وكابن للشعب اليهودي، وكتلميذ للمدرسة التوراتية، فإنني أدرك عمق الإحباط النابع من الفجوة بين التوقعات وإثبات التوراة كمصدر تاريخي وبين الوقائع المكتشفة على الأرض(8).
-------------
الهوامش

1- البروفيسور زئيف هرتسوغ ، علم الآثار يكشف زيف الحق التاريخي "الإسرائيلي" هآرتس 28/11/1999 https://www.facebook.com
2- المصدر السابق.
3- نبيل عودة، أساطير االتوراة تسقط،https://www.sotaliraq.com/
4- المصدر السابق.
5- البروفيسور زئيف هرتسوغ ، علم الآثار يكشف زيف الحق التاريخي "الإسرائيلي" هآرتس 28/11/1999 https://www.facebook.com
6- المصدر السابق.
7- نبيل عودة، أساطير التوراة تسقط،https://www.sotaliraq.com/
8- المصدر السابق.
• من مخطوط دراسة بعنوان " مشروع الحركة الصهيونية في فلسطين.. نهاية الخرافة"

اخر الأخبار