إن سألوك عن الصمود والعزة فأرشدهم إلى غزة

تابعنا على:   10:24 2022-12-29

مهدي مبارك عبد الله

أمد/ فلسطين ارضَ الحشد والرباط ومعقل البِدايات والهِدايات على أرضها مَشى الأنبياء ومنها أُسرِي بالنبي محمد صل الله عليه وسلم الى علياء السماء وفي إحدى مغاراتها ولِد السيد المسيح عليه السلام مشعل النور والضياء وفيها غَزة محطة الصمود والعِزة وقلعة الشموخ والكبرياء وانموذج الرفعة والنصر

منذ عام 2006 يعاني قطاع غزة من حصار محكم غير مبرر اشتد بعد عملية اسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وهو مستمر بقسوة ظالمة وتحدي صارخ للمجتمع الدولي حتى اليوم وعبر تلك السنوات الطويلة لا يسعنا الا ان نقول وبنفوس مكلومة وقلوب مفجوعة وكرامة مجروحة عذرا يا أطفال وشيوخ ونساء غزة على عروبتنا التي ماتت ودفنت فوق التراب لا تحته خجلا من بسالة وبطولة شعب كله رجال مقاومة وهم يتصدون للعدو الصهيوني الغاشم بطائراتهم الورقية وحجارتهم البسيطة ولهيب غضبهم عذرا يا مخيمات وبحر ومسيرات غزة على أحاسيسنا ومشاعرنا التي انعدمت وتشوهت في ظل صمت قادة الأمة عن الكلام متناسين ما تمرون به من خصار وتجويع وإبادة جماعية علي يد اعتي فاشية واقصى  آلة إرهابية عالمية

وعذرا يا شهداء وأسرى وجرحى ومصابي غزة على تخاذلنا إزاء نصرة قضيتكم والتي هي أمانة ومسئولية في عنق كل عربي ومسلم وعذرا والف عذرا لبنادقكم وصواريخكم ومقاليعكم ودواليبكم المشتعلة بالدخان تخفيكم فعالمنا العربي والإسلامي بات منهك ومتعب ومهزوم فالطغاة كثروا وسادوا والفساد عم وطغى والظلم أنتشر وسيطر فما لكم غير الله ينصركم ويثبت أقدامكم أمام الوحشية الصهيونية والمجازر الدموية التي تنهال عليكم قصفا وقتلا وحرقا وتدمير

اعذرونا فنحن الجبناء الذين أصبح صمتنا عادة وضميرنا العربي أنتقل إلى رحمة الله بلا عبادة دفناه في ظلمة الليل حياءا بكل مراسم الذل والعار والهزيمة فإلى متى يعيش هذا الشعب الغزي المقاوم مقيدا بالقوة النازية ومحاصرا من أبناء وطنه وإخوان عروبته الذين باع بعضهم دينه وضميره وشرفه لأمريكا وحليفتها إسرائيل بأبخس الإثمان وأحط وانذل المواقف أما آن للواقع أن يتغير وأن يعيش هذا الشعب كباقي شعوب العالم بأمن وسلام

ها هي غزة ارض الشهداء ومصنع الرجال في كل يوم تروي لكم حكايات الصمود والتحدي وتوزِع شهادات الفَخر والتميز وتضيء نور الكَرامة والعزة وتعطي دروسا متقدمة في المقاومة والشهادة والبطولة والكبرياء ومواجهة الحصار وآلة القتل والدمار بعدما أضحت قلعة للمقاتلين واستراحة للمجاهدين التي لن تنكسر شوكة قادتها أو ترضخ عزيمة شعبها وستظل صامدة عودها صلب وقوي في وجه العدوان القاهر والحصار الظالم مهما عظمت التضحيات وسالت الدماء وتوسعت المعاناة وطال أمد المؤامرات والخيانات والانتكاسات

الذين يخططون للقضاء عليها وتدميرها سيفشلون على صخرة صمودها وهي تصد الهجمات وترد السهام إلى نحور وصدور المحتلين والمنهزمين لتبقى هامتها عالية وإرادتها منتصبة لا تلين أقوى من فولاذهم وستهدم الجدر وتكسر الحصار وسيهزم الجمع ويولون الدبر وستبقى غزة شامخة مشهرة سيفها دفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني وحفاظا على ثوابتها المقدسة تقود الوطن والأمة نحو النصر والتغيير والعودة وسيندحر المستسلمون والخانعون والمطبعون والمشاركون ولن ينالهم إلا العار وسيكتب التاريخ عنهم صفحات مجللة بالخزي والمهانة

لك الله يا غزة فهو حسبك ومؤيدك وناصرك فتجملي ليومك القادم الذي لن يطول شروقه بإذن الله تعال للمضي قدما نحو المجد والسؤدد ولو كان هناك من يفهم ويقدر لاستفاد من دروس العدوان الصهيوني المتوالية على غزة ولم يفكر إلا بطريقة واحدة وهي كيف ينحني لغزة وأهلها إكباراً وإجلالاً لا أن يبحث عن وسائل من أجل إرهابها وإخضاعها وقتل أهلها وخنقهم بالحصار والتهديد بالقصف والعدوان

ما جري منذ اعوام على سياج القطاع من مسيرات العودة النضالية والصمود الأسطوري إمام غطرسة الاحتلال يؤكد أن روح المقاومة في ارض هاشم تنمو وتكبر رغم التخلي عن دعمها وتزايد خيارات التخاذل والارتماء في أحضان الكيان من قبل بعض الأنظمة العربية فهام أبناء غزة  يقولون في كل يوم لكل من راهن على بطش وقوة العدو ومسارات التطبيع وتمرير صفقة القرن

هذه غزة الصامدة والباسلة رغم الآلام و الجراح والمصاب الجلل تبني بدماء شعبها ومقاوميها جسور العبور إلى القدس وبيت المقدس وهي تودع الشهيد تلو الشهيد بزغاريد الفرح وبندقية الثائر وقبضات الانتقام  شعبها يعشق الحرية وإرادته تهزم الجيوش ذنبها الوحيد أنها لم تعترف بوجود الكيان الصهيوني الغاصب ولم تتنازل عن حقوقها التاريخية المشروعة ولم تترك الأرض فريسة للدخلاء ولم تتخلى عن مبادئها الراسخة المتوارثة وأنها ستظل تقدم الآلاف من الشهداء والجرحى على طريق النصر والتحرير المبين  

اننا على قناعة تامة بان المحتل لن يستطيع يوما أن يجبر اهل غزة على رفع الراية البيضاء رغم المأساة والحصار ونقص المواد التموينية والغاز والوقود والكهرباء والمياه والعلاج والدواء والغذاء وازدياد الوفيات والاصابات فلن تنتصر قوة إسرائيل ولا أملاءات أمريكا على إرادة هذا الشعب العظيم الذي يرسم في كل مجابهة مع المحتل المجرم ملحمة جديدة من ملاحم الصمود والتصدي والانتصار

 يا أهل غزة الباسلة شرف الامة وعنوان صمودها تحيتنا لكم وانتم في وسط الركام ودياجير الظلام والم الجراح وعمق الخطوب وذكرى أشلاء الضحايا الممزقة تحيتنا للطفل والشيخ والأم والأرملة واليتيمة والقادة والرموز والفدائيين والمجاهدين والشهداء تحيتنا لكم جميعا وانتم تصنعون الأنموذج الأروع في الصمود والتحدي على ارض الحشد والرباط تحيتنا لتراب غزة الطهور العبق بشذى الدماء الزكية ورائحة البارود وزفرات الموت المرعبة

أيها الأبطال الكبار الصناديد لا تعجبوا من طغيان الزمان فالتجسس والخيانة أصبحت تنسيق امني وتبادل المعلومات ومطاردة المقاومين واغتيالهم تعهدات واتفاقيات ضرورية والمقاومة الشريفة صنفت بالإرهاب ونازية الصهاينة وجرائمهم غدت سلوك مشروع للدفاع عن النفس لا تحزنوا وانتم الأعلون بعدما استعداكم وتخلى عنكم وحرف بوصلتكم ثوار الفنادق والمكاتب ومناضلي المؤتمرات والندوات والشعارات وفرسان المنابر والخطابات إخوة الدم ورفاق السلاح يوم كان يجمعكم المخيم والخيمة والخندق والكوفية واللباس المبرقع

فلا تستغربوا إن عرفتم أن من ساوم على مستقبل القضية وطالب بإغلاق الحدود عليكم وقطع الأموال عنكم وارشد المحتل الى أنفاقكم ومعسكراتكم ومكاتبكم وتحركات قادتكم هم بعض أبناء وطنكم ومسؤوليكم ممن يدعون زورا أنهم حماة دياركم ومعهم بعض المأجورين والجواسيس والعملاء من أدعياء العروبة والإسلام

أيها الشرفاء الاباة انظروا حولكم وتحسسوا المؤامرات وارتهان ذوي القربى وهم يشهرون سيوف الخوف والبرد والجوع في وجوهكم ويقطعون عنكم كل سبيل لرغيف الخبز وحبة الدواء ويمنعون دخول المواد الأولية والمساعدات الإقليمية والدولية ويفرحون بموتكم فوق بلاط المستشفيات وعلى بوابات المعابر دون عناية أو علاج وانتم محاصرون من الجهات الأربع في قفص جغرافي ضيق لا تفتح بواباته إلا بأمر الولاة الطغاة سمائكم تغطي سحبه الطائرات النفاثة الأمريكية الممهورة بنجمة داود وهي تمطر ارضكم بنار الحقد ولهيب الانتقام وقد أهلكت الحرث والنسل وانتم الوحيدون في هذه الدنيا الذين لا زلتم تزرعون حقولكم وبياراتكم بالصواريخ والألغام والمقاتلين والأشبال لصد المعتديين وردع الغزاة

كيف لا وأنتم حقا رجالات هذا الزمان وحماة الإعراض والأوطان والأسود على الثغور وفي قفار الجبال ورمال الساحل ومراكب البحر الصامدون في زمن التحدي والشامخون في مرحلة الضعف والخوف وعصر الأراجيف والأكاذيب والرياء والخيانة والقابضون على جمر المقاومة وزناد الرشاش وأنتم الإعصار الهادر والنور والضياء والأمل والرجاء وسط كل هذا الظلام الدامس واليأس المخبط  والقاتل

بسواعدكم الفتية أعدتم للبنادق زهوها وشرفها وقيمتها ورمزية اعتبارها بعدما صدئت واهتزت في المستودعات الرطبة وكثر استعمالها في المراسم وحراسة المواكب والشخصيات يوم حفرتم على إعقابها أسماء أمهاتكم وشهداءكم وأسراكم وتاريخ النكبة والنكسة وصوبتموها نحو صدور الأعداء في عمليات نوعية ومواجهات متميزة أذهلت كبار القادة العسكريين الصهاينة وأسقطت نظرية الجيش القوي الذي لا يهزم ولا يقهر

 فكم من مرة جاءوكم الصهاينة تتار العصر أذلاء يطلبون وقف إطلاق النار ويستجدون التهدئة أو يبحثون عن مصير جنودهم الأسرى وكم من عملية بطولية جريئة هزت كيانهم وأدمت قلوبهم وأبكت عيونهم وزرعت الرعب والهلع في حياتهم بعدما دوت صفارات الأنظار وفشلت القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ كما عجزت من قبل أجهزتهم الحديثة والمتطورة وأبراج الرقابة الالكترونية والمخابرات والحراسات المشددة عن اكتشاف العديد من الإنفاق أو عمليات التسلل لاختطاف الجنود والمستوطنين

لن ننسى ابدا صواريخكم المرعبة ذات الرؤوس النوعية المبرمجة تدك بقوة كبيرة مستعمرات غلاف غزة والمدن الرئيسية حتى وصلت إلى ما بعد تل أبيب وحيفا وبئر السبع لتحدث انفجارات بقوة تدميرية ضخمة حين حولت الكثير من المواقع المستهدفة إلى ركام واما استهداف المقاومة لقلب إسرائيل بالصواريخ فقد شكل انجازاً  تاريحيا متجددا وتطورا مهما في سياسة ردع اسرائيل إصابة نتن ياهو وقادته في حينها بحالة هستيريا بما احتوته من رسائل واضحة ومطالب شعبية فلسطينية متكررة بضرورة رفع الحصار الظالم عن القطاع وان وصول الصَواريخ إلى المدن الرئيسية دفعِ الالاف مِن سكانها والبلدات المجاوِرة إلى الملاجئ وتعطيل الملاحة الجوية في مطار اللِد وهروب الاستثمارات ورؤوس الأموال إلى لندن ونيويورك وفرانكفورت

في المحصلة أصبحت أُسطورة القوة الإسرائيلية تتفكك والتفوق الجوي لم يعد حاسِما وفَقَد مفعوله بالرد الصَاروخي المزلزل وصواريخ المقاومة لم تَعد عبثيّةً بعدما صدرت الأزمة إلى الإسرائيليين حكومة وجيش وشعب وأَذلت وزير الدفاع السابق إفيغدور ليبرمان وأجبرته على الاستقالة وهي اليوم تهدد نتن ياهو وحكومته الفاشية العنصرية بالإطاحة اذا ما اقدم على أي نزوة او مغامرة عسكرية جديدة

إن أهلنا في قطاع غزة من بيت لاهيا حتى رفح يعيشون اليوم حالة معنويةً في ذروة قمتها وينتظِرون مع كل تحرك أو عدوان المَزيد من الرد على الغَطرَسة الإسرائيليّة حيث باتت قِمة متعتهم إحصاء أعداد الصَواريخ وهِي تخرج مزمجرة بلهبها مِن تحت الأرض المتمردة قاصدة البلدات والمستوطنات الإسرائيليّة ورغم ارتقاء الكثير من الشهداء والأطفال والشيوخ والنساء وتدمير العديد من المدارس والمستشفيات ومحطات المياه والكهرباء والمنازل فقد انتصر المجاهدون دائما وكسروا هيبة العدو وأجبروا جرذان المستوطنين في الغلاف والنقب للنزول إلى الملاجئ واثبتوا أن شعب غزة رسخ ما يمكن تسميته بنظرية " معادلة المسيرات " وهي الفعاليات الشعبية المتواصلة لتثبيت حق العودة والتي لن تكون خاضعة لأي تفاهمات أو تنازلات مع العدو الصهيوني

من البديهي القول انه في حال شنت إسرائيل حربا جديدة على غزة ستضطر هذه المرة إلى إخلاء مستوطناتها ليس فقط في غلاف غزة بل وفي أسدود والنقب وعسقلان وتل أبيب بعدما فرضت المقاومة نفسها بقوة وندية في اتفاق تفاهمات التهدئة الأخير الذي فرضت فيه المقاومة المحددات والمبادئ العامة بالتأكيد على أن مطالب المقاومة هي مطالب كل الشعب الفلسطيني في كل مكان ويجب الوقوف معها ودعمها وعدم التنازل عنها وليست فصائل المقاومة ولا سلاحها من يتحملون المسؤولية عما جري في غزة لان إسرائيل هي المعتدية والمحتلة والمجرمة

مرة أخرى نقول إنه الصمود الذى أثبت للعدو الصهيوني أن ترسانة أسلحته لم ولن تثنى أبناء فلسطين عن مشروعهم التحريري المقاوم وأن الشَعب الفِلسطيني في غزة وكل أجاء الوطن المحتل لن يستسلِم وسيظل يقاوِم ويقدم قوافِل الشهَداء نِساءً ورِجالًا ويصنَع المعجِزات دون كلَلٍ أو ملَلٍ كشعب يمثِّل أُمةً عريقةً وعقيدة راسِخةً وان هذهِ التضحيات الكبيرة والبطولات العظيمة ليست غَريبةً عليه وان المقاومة الباسلة في غزة ليست قوة فصيل محدد أو حركة معينة بل هي بمجملها العام تشكل قوة ردع وحماية وسند للشعب الفلسطيني بأكمله

لقد عشنا بندم بالغ الصمود الذى أسقط ورقة التوت عن عورات بعض الأنظمة العربية التى خذلت مقاومة فلسطين وتنكرت لدماء الأحرار واكتفت بالفتات من المعونات وبيانات الاستنكار التي ما زادتنا إلا ذلا وعار حين رفضوا فتح المعابر ومد المقاومة بالسلاح قبل المعونات والأدوية والطعام

وانه الصمود ذاته الذى جعل كل الشرفاء يكفرون بماراثونات السلام المزعومة بداية من كامب ديفيد مرورا بأوسلو وخارطة الطريق واجتماعات شرم الشيخ المتوالية مع فهمهم العام بأن العزة والكرامة لن تأتى من البيت الأبيض ولهذا على أنظمتنا أن تعلم أن بنى صهيون أضعف بكثير مما يروجون لأنفسهم كذب وزور

ختاما اعلمي يا أمة سكن قلوب رجالها وزعاماتها الخوف والخذلان والتطبيع والانهزام انه حتى الساعة لم يمت أحد في غزة ﺑﻞ ماتت الإنسانية ﻓﻲ اﻟﻌاﻟﻢ أجمع حين كان ينزف القطاع بصمت وألم ولم يسمعه احد لان صراخ واستغاثة الشرفاء لا يسمعها الساقطون والعملاء وتذكروا أيها السادرون في غيكم يوم كنتم تشترون لأبنائكم ملابس العيد كانت غزة تشتري في كل دقيقة كفن لشهيد وطالما استمر العدوان فالمقاومة مستمرة ومستعدة بأعلى جهوزيتها للرد الحاسم ولن تنهزم العزيمة والكبرياء الفلسطينية في غزة مهما طال الزمن واشتدت المحن وحيكت المؤامرات في السر والعلن وما هو قادِم أعظَم والأيام بيننا

حفظ الله فلسطين وأهلها من كل سوء ورحم شهداهم وشافى جرحاهم وفك اسراهم ورد كيد الصهاينة والمتصهينين الى نحورهم واحاطهم بالخيبة والهزيمة ان ربي قريب مجيب

اخر الأخبار