"تويتر" في "وكر المخابرات"

تابعنا على:   11:50 2022-12-24

افتتاحية الخليج الإماراتية

أمد/ ما لا تستطيع السياسة الأمريكية القيام به، توكل مهمة تنفيذه إلى وكالات المخابرات، المختصة بالمهمات السرية من جمع معلومات وتجسس وتدخل واغتيالات وانقلابات ومراقبة، وتدمير اقتصادات دول، وعمليات اختراق إلكترونية، وتسريب معلومات ملفقة، وتصوير جوي وغيرها من الممارسات التي تستهدف دولاً ومؤسسات وشخصيات وجيوشاً.

يوجد في الولايات المتحدة ما يُسمى بـ«مجتمع المخابرات» الذي يضم 16 وكالة حكومية فيدرالية، لكنها تعمل بشكل منفصل، للقيام بأنشطة استخباراتية مختلفة، لدعم السياسات الداخلية والخارجية والأمن القومي، وهو «مجتمع» أنشئ في عام 1981 من قبل الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان، ومن أهم فروعه، وكالة المخابرات الأمريكية الـ(سي آي إيه)، التي أُنشئت عام 1947، ولديها أكبر ميزانية في «مجتمع المخابرات»، يليها «إف بي آي» ( مكتب التحقيقات الفيدرالي) الذي أُنشئ عام 1908.

ننطلق من أدوار وكالات المخابرات هذه، لإلقاء الضوء على ما تم كشفه، أخيراً، في «ملفات تويتر» التي نشرها الصحفي المستقل مايكل شيلينبرغر؛ حيث مارس مكتب التحقيقات الفيدرالي ضغوطاً على موقع «تويتر»، لمنعه من نشر تقارير حول جهاز الكمبيوتر المحمول لهانتر بايدن ابن الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، ودفع لقاء ذلك 3.4 مليون دولار، ويتعلق محتوى الكمبيوتر بالأنشطة التجارية لبايدن الابن في أوكرانيا.

قصة تدخّل مكتب التحقيقات الفيدرالي، لمنع الوصول إلى موقع صحيفة «نيويورك بوست» التي نشرت هذه المعلومات، كان لها علاقة بالانتخابات الرئاسية عام 2022، كي لا تؤثر في حظوظ الرئيس بايدن.

ويقول شيلينبرغر: إنه نتيجة هذا التدخل، فإن «تويتر» نفسه «قوّض مصداقية الصحيفة في أذهان العديد من الأمريكيين»، وأضاف: إن هناك «عدداً كبيراً من موظفي مكتب التحقيقات الفيدرالي السابقين تم تعيينهم في «تويتر» بنفس الوقت تقريباً، لفرض المزيد من الرقابة والسيطرة». وكتب الصحفي مات تايبي في تقرير سابق «كان اتصال «تويتر» مع مكتب التحقيقات الفيدرالي مستمراً، كما لو كان فرعاً له»، أضاف: «ويستمر ضغط مكتب التحقيقات الفيدرالي على منصات التواصل الاجتماعي»، وهذا يعني أن هذه المنصات صارت هدفاً مفتوحاً، لمراقبة ملايين البشر الذين يستخدمونها من جانب مختلف وكالات المخابرات الأمريكية.

ما يقوم به مكتب التحقيقات الفيدرالي في الداخل، تقوم الـ«سي آي إيه» بما هو أسوأ منه في الخارج؛ بل هو نقطة في بحر ممارسات وكالة المخابرات الأمريكية على امتداد العالم.

إن «وكر المخابرات» مرعب ومخيف، وما كشفه موقع «ويكيليكس» منذ عام 2006 من آلاف الوثائق حول دور المخابرات الأمريكية في العالم، هو مجرد جزء بسيط من معلومات لم يكشف عنها حول عمليات تجسس طالت دولاً وكبار قادة العالم، ومؤامرات حيكت، وتنظيم «ثورات وردية وزرقاء وحمراء وبيضاء»، وتدخل في انتخابات، وإزاحة أنظمة قائمة والاستعاضة عنها بأنظمة موالية.

إن وقوع «تويتر» في «وكر المخابرات» مجرد قصة قصيرة في رواية طويلة لدور أجهزة المخابرات في الداخل الأمريكي وفي العالم.

اخر الأخبار