مونديال قطر لايكفي لتحرير فلسطين

تابعنا على:   10:37 2022-12-15

فاضل المناصفة

أمد/ سجل حضور القضية الفلسطينية في مونديال قطر، أحد العلامات الفارقة في تاريخ الحدث الرياضي العالمي الذي لطالما حازت فيه أصداء اللقاءات الكروية وصور المشجعات الفاتنات والمناوشات التي تحصل بين جماهير فريق وآخر، أبرز اهتمامات الاعلام ليطفو الصراع العربي الاسرائيلي ضمن أبرز الأحداث التي تناولتها الصحافة الغربية خاصة مع موجة الدعم التي نالتها فلسطين داخل الملاعب وخارجها، وهنا يمكننا القول ان الجمهور العربي قد تمكن من ايصال رسائل قوية الى إسرائيل يمكن اختصارها في أن القضية الفلسطينية لم تمت وأن الصراع العربي الاسرائيلي لم يحسم حتى مع وجود اتفاقية آبراهم .

بالمقابل باءت محاولات اسرائيل الاعلامية بالفشل عندما حاولت ان تسوق من خلال اعلامها الموجود في الدوحة بأن الجيل العربي الجديد يختلف على الجيل السابق ولا يتحمس للقضية الفلسطينية ويتقبل اسرائيل كأمر واقع.... بالنهاية توصل الاعلام الاسرائيلي الى حقيقة مفادها أن انتكاسة الموقف العربي الرسمي اتجاه فلسطين وتوجه بعض الأنظمة لتطبيع علاقاتها قبل احلال عملية السلام لا تعني بأي شكل من الأشكال أن اسرائيل باتت من دون أعداء وأن عملية السلام مع الشعوب العربية فاشلة وبامتياز.

تمكن مونديال قطر من اعادة الزخم للقضية الفلسطينية بعد أن كادت أن تصبح نسيا منسيا في ظل التفوق الاعلامي الاسرائيلي الذي نجح في قلب المفاهيم وسوق لعداء العرب لليهود على أنه معاداة للسامية، كما نجح في اعطاء شحنة معنوية قوية للفلسطينيين الذين تأكدوا بأن الحكام العرب وان تناسى بعضهم قضيتهم فان الشعوب لاتزال تحملها ولا تتوانى عن تقديم الدعم لها في المناسبات الكبيرة، لقد كان هذا المونديال فرصة كبيرة للعرب بأن يظهروا تآزرهم خلف قضية انهكها الانقسام الداخلي وضعف المواقف العربية الرسمية في المحافل الدولية التي لا يسمع فيها صوت فلسطين الا من أجل رفع العتب .

غابت أوكرانيا وحضرت فلسطين، على الرغم من أن الغرب حاول مرارا وتكرارا تمرير رسائل سياسية في مباريات دوري أبطال أوروبا، ولكن لم تسمح الفرصة هذه المرة بأن يتم تمرير رسائل عن الحرب في هذا المحفل الكروي الكبير وهو ما قد يفسر النفاق الغربي اتجاه دعمهم المزعوم لأوكرانيا زائف، بالمقابل انتشرت الاعلام الفلسطينية بشكل عفوي وجعلت من فلسطين المنتخب الثالث وثلاثين المشارك في المونديال ومشاركا في جميع المباريات بدعم عربي منقطع النظير داخل الملاعب وخارجها.

تحتاج العاطفة أيضا الى الكثير من الواقعية فالقضية الفلسطينية تحتاج الى المزيد من الدعم ما بعد المونديال اذا لا ينبغي ان ينتهي هذا الدعم بمجرد اسدال الستار على هذه البطولة، يحتاج العرب الى خطوات فعلية لدعم فلسطين سوآءا من خلال الدعم الثقافي أو السياسي في المؤتمرات والندوات وحتى من خلال الكتابات وتقريب الرواية الفلسطينية للمشاهد الغربي وهنا نقصد أن لا يترك المجال لإسرائيل باستغلال الصمت العربي من أجل ممارسة انتهاكاتها بدون حسيب أو رقيب، فكما كانت الصورة حاضرة وبقوة في قطر يجب أن تستمر بعد المونديال  وأن يعمل الاعلاميون العرب على المزيد من الدعم تماما مثل ما يفعل الاسرائيليون مع دولتهم فالصورة والكلمة في عصر التكنولوجيا كفيلتان بإحياء القضية.

الواقعية تقتضي أيضا الاعتراف بأن اسرائيل لم تنجح في البقاء بمنظومتها العسكرية والإعلامية بل من خلال الاستثمار في البحث العلمي والنظام التعليمي واعطاء الدعم للبحوث الطبية و التكنولوجية والحربية وحتى في الديمقراطية :  لا يمكن ان يكون الدعم المعنوي هو الركيزة الوحيدة التي يتركز عليها العرب في دعمهم لفلسطين بل يجب ان يصلوا الى بناء تحالف اقتصادي بعيدا عن الخلافات السياسية القائمة، وأن يحاولوا من خلاله فرض كلمتهم في العالم تماما مثل ما فعلو في حرب 73 وأن يدعموا التعليم الذي يمثل الركيزة الأساسية التي تقوم عليها الدول القوية، دون ذلك سيبقى الدعم للقضية منقوصا من أهم الأشياء التي من الممكن أن تحدث الفرق.

ربما استطعنا هذه المرة هزيمة إسرائيل في كأس العالم بنصر معنوي للعلم الفلسطيني، ولكننا في الحقيقة بعيدون جدا على هزيمتها في ظل التبعية الاقتصادية للقوى الامبريالية التي تدعمها وبفعل انهيار منظومة التعليم وضعف العدالة وتهديد الأمن الغذائي والشخصي، في أغلب الأقطار العربية، فهل سيستفيق العرب ويتجهوا الى العمل بجد لمجاراة الأمم القوية أم ان سباتهم العميق سيستمر لعقود أخرى؟

اخر الأخبار